لا تأكلوا بعقول اللبنانيين حلاوة!
فإذا كان وراء الأكمة ما وراءها من دوافع خفية لا تزال تحول دون السير بحكومة الممكن في الوقت الحاضر فليفتش الذين لا يريدونها لا بالحلال ولا بالحرام عن غير هذه الحجة، التي لم تعد تنطلي على أحد، لا في الداخل ولا في بعض الخارج، الذي يبدو حريصًا على مصلحة لبنان أكثر من هذا البعض، وهو الذي يرى بالعين المجردّة مآل الأمور ومصير البلد الذي بات على قاب قوسين أو أدنى من الإنهيار الشامل على كل المستويات، وقد جاءت العاصفة “نورما” لتفضح المستور، بعدما تبيّن أن لا قدرة لخزينة الدولة على التعويض على الذين تضرروا نتيجة ما خلفته من كوارث، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي.
ومع ذلك لا يزال بعض المكابرين يصرّون على أخذ البلاد إلى الهاوية، التي يبدو أن الخروج منها أمر مستحيل متى حلّت الكارثة، وهي لم تعد بعيدة، إذ بات التذمر مما وصلت إليه الأوضاع معمّمًا لدى الجميع، كبيرهم قبل صغيرهم، في الوقت الذي تتهاوى فيه المؤسسات، الواحدة تلو الأخرى، مع فقدان الأمل بخلاص قريب، أقله بالنسبة إلى ما كان يؤمل من مشاريع إنقاذية موعودة من “سيدر”، الذي قد يصبح في خبر كان أو فعل ماضٍ ناقص.
وبمناسبة الحديث عن هذين العناونين، اللذين أطلقهما الرئيس نبيه بري في ما خصّ الحكومة، فإن تعميمهما على حال البلد قد يكون أكثر واقعية، بحيث تصبح الخشية من الإنهيار الشامل حقيقة مرّة، فتصير الدولة في خبر كان أو فعل ماضٍ ناقص، مع ما يعنيه ذلك من التسليم بأن أفق المستقبل قد يميل إلى اللون الأسود القاتم.
فلم تعد صرخة الإتحاد العمالي العام، وهي صرخة محقّة وصادقة، ولا أنين المفصولين من أشغالهم، ولا حتى شكوى أصحاب المصالح المستقلة من حال الجمود القاتلة، تجدي نفعًا، في الوقت الذي نرى فيه بعض المسؤولين يتصرّفون على أساس أن كل هذه الأزمات التي يعيشها اللبنانيون، بمختلف طبقاتهم، هي في مكان آخر من العالم، وكأن هؤلاء المسؤولين يعيشون في كوكب آخر، وهم عاجزون حتى عن تأليف حكومة، حتى ولو كان الإقتناع السائد لدى عامة الناس بأنها “لن تشيل الزير من البير”.