كيف غيّر “مترو المدينة” مشهد الترفيه في بيروت

سبع سنوات مرت على تأسيس “مترو المدينة”، تمكن خلالها المكان من النجاح والإستمرار بالزخم الأول نفسه، من خلال برنامج عروض حية لا تتوقف، أضافتْ بعضاً من الحيوية على المشهد الثقافي والفني الذي كان متراجعاً في الحمرا، وذلك بفضل خلطة ترفيهية ذات بعد ثقافي، شكلتها في البداية مجموعة من الأصدقاء العاملين في مجالات المسرح والموسيقى وغيرها، بتحفيز ربما من الإزدهار الجزئي الذي شهدته أمكنة السهر والترفيه المجاورة، وما يحمله الموقع الملاصق لمسرح المدينة، من إرث ثقافي وفني، استقبل على مدى عقود مهرجانات سينمائية وعروضاً فنية معاصرة (مركز “أشكال ألوان” سابقاً) أعاد مترو ضخ الحياة فيه، ما شجع آخرين على افتتاح مراكز قريبة منه… خففت أيضاً بطريقة أو أخرى الأضرار التي لحقت بالحي العريق بفعل صعود شوارع أخرى من المدينة (أبرزها بدارو الذي استقطب خلال السنوات الماضية جزءاً من الحركة الفنية والثقافية في بيروت).

ورغم اعتماد “مترو” جزئياً على رواد السهر والترفيه، إلا أنه افترق عن الأندية الأخرى التي تتوجه عادة لنفس الشرائح، من خلال تقديمه نموذجا ترفيهياً جديداً أقرب للكاباريه الثقافي، يعتمد على المسرح الغنائي والعروض الحية التي عاد واستنسخها آخرون لاحقاً. وأبقى مترو مجالاً للرقص بعد انتهاء العروض في “Midnight Metro” الذي شكل بدوره حالة خاصة أيضاً، مختلفة عن الأندية الليلية والأمكنة الأخرى في الحمرا، ساهم في خلقها موقع الصالة تحت الأرض، والتي تعطي مجالاً لمرتادي المكان ليكونوا على طبيعتهم أكثر، وربما إعادة أداء عروض الكاباريه التي شاهدوها على المسرح لكن بطريقتهم الخاصة.

كما أن مترو افترق عن المراكز الثقافية والفنية الأخرى الناشطة في المدينة التي تحاكي جمهوراً أكثر تحديداً ونخوبية، وتعيش على مؤسسات التمويل وصناديق الدعم، حيث توجه المكان بشكل أساسي لفئات واسعة، واعتمد حصراً على شباك التذاكر، ولم يلجأ لصناديق التمويل إلا لدعم برامج ثانوية، منها تسجيل عدد من الألبومات التي تضم أعمالاً من عروض أغاني سرفيسات وغيرها (وهو مجال يحاول التوسع فيه تدريجياً) والذهاب بعدد من العروض إلى مهرجانات خارج لبنان، وسيلجأ إليها أيضاً هذا العام، مع تخطيطه لتنظيم ورش عمل مسرحية.

اليوم يحتفل مترو بعيد ميلاده، مستغلاً الفرصة لتعزيز التلاحم بين “أصدقائه” والعاملين فيه من موسيقيين وفاعلين، شكلوا على مدى السنوات وسطاً فنياً حيوياً وفاعلاً. يمكن رؤية هذا الطقس السنوي كجزء من السياسة التي يتبعها المكان بهدف إضافة بعد حميم لعلاقته مع جمهوره، وتعزيز الصورة الإنسانية التي يحاول تشييدها تدريجياً، والتي يفترض أن تكون دعامة للهوية الفنية والثقافية التي يستند إليها.

وكما كل عام يأخذ العيد طابع المهرجان، حيث تعاد أجزاء من العروض التي احتلت حيزاً من برنامجه خلال العام 2018. البداية مع الشيخ إمام، الفنان الأكثر حضوراً ربما في المترو خلال الأعوام الماضية، وهو فنان الحمرا أيضاً بامتياز، الذي كان من الصعب سماعه بالوتيرة نفسها في أحياء السهر الأخرى من المدينة. هذا العام، كانت أغاني إمام من نصيب ساندي شمعون التي عُرفت بفضل مترو، وتطورت فنياً مع تطور المكان وتقدمه. تتمتع شمعون بخامة جميلة لا تعتمد على القدرات الصوتية بقدر اعتمادها على نوعية الصوت نفسه، وقد قدمت نموذجاً مختلفاً عن مريم صالح والمغنين الآخرين الذين قدموا أغاني إمام سابقاً.

الإسم الآخر الذي رافق مترو خلال السنوات وشارك في عيده السابع، هو عبد الكريم الشعار الذي أعاد الإعتبار للطرب، وتوجه إلى شريحة خاصة من الجمهور هي الأكبر عمراً بين الفئات التي ترتاد المترو (يقدم في العادة أغاني أم كلثوم إلا أنه غنى هذه المرة لوديع الصافي) أما العروض الأخرى التي خصص لها 15 دقيقة فقط من “العيد”، فهي “متروفون” التي تستعيد أغاني سامي حواط، جورجيت صايغ، ونهاد طربيه (تخبر قصصاً مختصرة عن هؤلاء خلال الحفل)، وعرض مترو الجديد “ديسكوتيك نانا” الذي حاول التلاعب كما “متروفون” على فكرة استعادة الأغاني القديمة بلسان مقدم إلى المنصة، يمهد للمغني ويرافقه بقصص مسلية تحاكي برامج الراديو في ثمانينات الحرب الاهلية، بالإضافة إلى عرض سماح بوالمنى “كشو الدجاج” الذي يقدم أغاني فيلمون وهبي لكن بطريقته الخاصة، وعرضي “بار فاروق” و”هشك بشك” اللذين يعتبران الاكثر نجاحاً حتى اليوم خلال سنوات “المترو” السبع، دون أن ننسى عرضاً لفرقة “الراحل الكبير”، التي دعمها المترو خلال السنوات، وتشكلت بشكل خاص من فنانين عاملين فيه.

https://www.youtube.com/watch?v=NeAJ7YTg0bE

المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!