مفاجآت استثنائية في مطاعم لبنان ليلة رأس السنة.. والسبب المأساة الإقتصادية

شعب لبنان المحبّ للحياة والسهر والرقص حتى بزوغ الفجر، يخونه واقعٌ صعب. عشية الأعياد التي كانت تحوّل “سويسرا الشرق” خليّة نحل، ثمة مشهدية محزنة. “الحركة مش حركة عيد” تتردد على ألسنة أصحاب المؤسسات السياحية والمتاجر، فيما تُجمع أغلبية المواطنين على أنّ “الحالة تعتير، فمن وين بدنا نعيّد”!

لم يعد خافياً على أحد أن الحالة الإقتصادية في لبنان متدهورة وصعبة، ويُخيّل للبعض أنها وصلت إلى ذروتها اليوم، وقد يكون الأمر صحيحاً، سيّما في ظلّ أرقام وإحصاءات تؤكد المؤكد! أكثر من 2500 مؤسسة أقفلت أبوابها، ضرائب إضافية، رواتب ضئيلة تقارع ارتفاع الأسعار فتفشل، فواتير مدوبلة، فوضى وأحياناً غياب رقابة، بطالة مرتفعة، استثمارات غائبة، مغتربون منهكون… هذه بعض أسباب ما يمكن تسميتها “المأساة المعيشية”، وقد أضيف إليها تأخرٌ في تشكيل الحكومة أعقب سلسلة من محطات ضرب الاستحقاقات الدستورية. في النتيجة: النفسية صفر و”الجيبة” فارغة!

واقعٌ صعب أنهك ولا يزال القطاع السياحي والتجاري على حدّ سواء. الأسواق في زمن العيد تفتقد روّادها، والخسائر لامست الـ 50% وفق معظم التجار. حاول هؤلاء تدارك الوضع منذ الشهر الفائت فبدأوا بالتخفيضات والعروضات حتى وصل بهم الأمر إلى تمديد الـ “بلاك فرايدي” إلى أيام أو حتى أسبوعين! في جولة لـ “لبنان24″ على بعض الأسواق، بما فيها سوقي نيو جديدة والزلقا وفرن الشباك، اتضح أن الوجع واحد والهمّ كبير والخوف أكبر. خوفٌ من عدم القدرة على التحمّل أكثر بعد سيّما وأن ثمة تكاليف لا يمكن الهروب منها مثل الإيجارات ورواتب الموظفين والفواتير المختلفة، فيكون إقفالٌ ومجهول في نهاية المطاف.

وإذا كان أصحاب المتاجر ينتظرون اليومين الأخيرين اللذين يسبقان العيد “علّ الأمور تتحلحل”، فإن مطاعم لبنان بدورها واقعة في الخندق نفسه!

إجمالاً، يمضي اللبنانيون ليلة الميلاد في منازلهم مع العائلة والأصدقاء، لكنهم ما اعتادوا توفير هذا الموسم الجميل لارتياد المطاعم والمقاهي قبل حلول العيد. بيد أنهم، هذا العام، يفضلون ادخار ما في الجيب، هذا إذا كان أصلاً قد تبقى فيه ما يخوّلهم الترفيه والاحتفال. اللافت أيضاً أنّ معظم اللبنانيين كان يصرّ على السهر خارج منزله في ليلة رأس السنة لاستقبال العام الجديد بكلّ فرح وصخب، إلا أنه يتردد كثيراً في اتخاذ هذا القرار اليوم!

بحسب نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري طوني رامي فإن ثمة “عاملين أساسيين يؤثران في المستهلك: الميزانية والحالة النفسية”.

ويوضح رامي في حديث لـ “لبنان 24″ أنّ “الوضع الاقتصادي الصعب أثرّ حكماً بشكل سلبي في كلّ القطاعات”، لكنه ما زال يأمل في أن يؤدي تشكيل الحكومة المرتقبة بين لحظة وأخرى إلى إحداث صدمة إيجابية والتأثير إيجاباً على “نفسية” اللبنانيين وبالتالي تحريك السوق، علماً أنّ “اللبناني ما اعتاد أن تتشكل حكومته في شهر أو اثنين”، يقول النقيب.

ويؤكد رامي أنّ حجوزات رأس السنة ليست مكتملة حتى الساعة، موضحاً أنه “في السنوات القليلة الماضية ما عدنا نشهد حجوزات مسبقة قبل أسابيع، بل إنها تحصل قبل أيام قليلة من ليلة رأس السنة أو حتى في الليلة نفسها”.

وبحسب رامي، فإن هذا الأمر يؤشر إلى أن المستهلك يُدرك أن الحجوزات غير مكتملة وعليه يلجأ إلى الانتظار حتى آخر لحظة للحصول على أفضل العروض والصفقات للسهر في الخارج”.

 

ويؤكد رامي أنّ “الأسعار المتوافرة مدروسة جيداً سيّما وأن أصحاب المؤسسات مدركين للوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب، وهم باتوا يعلمون أنّ أي عرض غير مدروس لن يلقى إقبالاً”.

 

ويضيف: “دعونا لا نكون سلبيين عند الحديث عن الأسعار في ليلة رأس السنة ونردد أنها مرتفعة وخيالية. هذا أمرٌ غير صحيح، فهناك مروحة واسعة من الأسعار تناسب الجميع وما على المستهلك إلا أن يختار ما يعجبه من باقة وبرامج وقوائم طعام”!

ويعقب:” كنا فعلاً نتمنى أن تكون الأسعار مرتفعة في ليلة رأس السنة لأنها دليل عافية وقدرة شرائية. ففي السابق كانت هناك مزايدة على الأسعار والأطباق الفاخرة والبرامج الفنية، لكن للأسف الظرف لا يسمح اليوم بذلك”.

 

ويكشف رامي، أنه في ظلّ الوضع الراهن، فإن أكثر من 50% من المطاعم المختلفة (بما فيها مطاعم الخمس نجوم)في لبنان قد أعدّ لمناسبة رأس السنة لائحة طعام A la carte، وبالتالي بات بإمكان المستهلك اللبناني أن يسهر ويحتفل في هذه الليلة وكأنها يوم اثنين عادي لناحية أنه يدفع مقابل ما يطلبه من مأكولات ومشروبات، علماً أنه يحصل على برنامج فني و”كوتيون” مجاناً”.

ويؤكد النقيب أن أسعار المؤسسات مصدقة في وزارة السياحية وهي موجودة على أبواب المؤسسات كافة كي يطلع عليها الزبون مسبقاً.

 

وكما يبدو جليّاً، فإن معظم الفنانين لن يقيموا حفلاتهم هذا العام في لبنان أيضاً مفضلين الدول العربية أو الأجنبية، ومع هذا يصرّ النقيب على ضرورة الانتظار حتى آخر الشهر لتقييم الوضع والحكم عليه، آملاً أن يكون هذا العام أفضل من سلفه.

 

فهل ستتحقق أمنيته وأمنيات اللبنانيين الذين يعشقون الحياة ويطمحون أن تكون أيامهم كلها أعياد بأعياد؟!

ربيكا سليمان – لبنان 24

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!