هؤلاء الإسرائيليون ارتكبوا مجزرة “السفينة الطرابلسية”.. فهل يحاسبون؟!

لم تنسَ الذاكرة الطرابلسية الاعتراف الإسرائيلي بمجزرة ظلّت لـ36 عاماً طي الكتمان، فيما الشاهد الوحيد كان الشاطئ الذي لم يحمِ الهاربين من الموت. 

هذه الجريمة التي تكّشفت ملامحها منذ قرابة الشهر بعدما أماط اللثّام عنها الإعلام الإسرائيلي، ها هي تعود إلى الواجهة مجدداً محددة بالأسماء المجموعة الإسرائيلية التي ارتكبت هذه الجريمة المروعة بحق 56 مدنياً إبان الاجتياح في صيف العام 1982، وتتألف من: زئيف الموغ (قائد سلاح البحرية في الجيش الإسرائيلي)، مناحيم بيغن (رئيس الوزراء الإسرائيلي)، رفائيل ايتان (قائد سلاح الجو في الجيش الإسرائيلي)، أرييل شارون (وزير الدفاع الإسرائيلي)، موسي ليفي (نائب قائد الاركان)، يكو تيئيل ادم (نائب رئيس الاركان)، داني روزليو (رئيسلجنة الكنيست لشؤون لبنان)، أمير دروري (قائد المنطقة الشمالية)، شاؤول موفاز(قائد لواء المشاة)، ايلي نميبغ، ليفي، الكوتشيل ادم، عاموس يائير، دافيد عيري، بيني بيلد، ايلي غيبغ، أمير دروري.

هذه المجموعة حددها الإخبار الذي تقدّم به المحامي زياد عجاج إلى مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، على خلفية اعتراف العدو عبر إعلامه، بالمجزرة التي ارتكبها في العام 1982 تحت إطار ما عُرف حينها بـ “عملية درايفوس”، حيث كشفت القناة العاشرة للتفلزيون الإسرائيلي، في تقرير وثائقي أعدته عن “حرب لبنانالأولى”، عن قيام إسرائيل بإغراق السفينة “عبد الرحمن – ترانزيت” التي انطلقت من مرفأ طرابلس في شهر آب من العام 1982، وكانت تحمل – بحسب التقرير- 56 لاجئا لبنانيا حاولوا الهروب إلى قبرص خلال فترة وقف إطلاق النار التي أعقبت الاجتياح الإسرائيلي لبيروت.

وكان التقرير نفسه قد أقرّ بأنّ غواصة تابعة لسلاح البحرية الإسرائيلي تدعى “غال – 540″، تعقبت السفينة، واستهدفتها بصاروخي “طوربيد” بعد نحو ساعة من مغادرتها ميناء طرابلس، ما أدى إلى انفجار السفينة وغرقها، ومقتل 25 لبنانياً.

المجزرة التي كشف العدو عن تفاصيلها، نابشاً الذاكرة ومستحضراً مجازر الموت في 22 تشرين الثاني أي في يوم الاستقلال، لم يضعها في سياق جرائم الحرب مبرراً إياها بالخطأ، معتبراً في التقرير أنّ “الأمر لا يتعدى كونه خطأً في التقدير، لا يرقى لجريمة حرب، ولا يستدعي تحقيقاً جنائياً”.

التسخيف الإسرائيلي للمجزرة، وللأرواح التي قضت، قوبل برفض من وزارة الخارجية اللبنانية، التي رفضت “نتائج تحقيقات العدو باعتبارها جريمة الحرب هذه خطأ في التقدير”، مطالبة “جميع الدول لا سيما الدول الأعضاء في مجلس الأمن بإدانة إسرائيل وإصدار القرارات المناسبة في حقها لكي لا تبقى جرائمها عصية على المحاسبة”.

في السياق نفسه، تقدم المحامي زياد عجاج بإخبار لدى النيابة العامة التمييزية، في 3 كانون الأوّل 2018، حصل موقع “لبنان 24″ على نسخة منه. 
الإخبار الذي كشف عن أسماء قادة العدو الذين شاركوا في هذه المجزرة، ادعى عليهم بـ3 جرائم هي: “الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب، القتل العمد”، وأشار الإخبار إلى أنّ ” الكثير من القيادات السياسية وعلى رأسهم آنذاك الرئيس رشيد كرامي قد ظنّوا أن ثمة عطلاً طرأ على محرك السفينة أدى الى إنفجاره، أو أن الانفجار كان ناتجاً عن عبوة ناسفة مزروعة في السفينة وتم تفجيرها من خلال ساعة توقيت بعد أقل من ساعة من إنطلاقها من مرفأ طرابلس أي بوصولها الى محيط جزيرة الأرانب، وأن الأسباب تعود الى خلافات مالية وعقارية وغير ذلك”.

وأوضح الإخبار أنّ مالكي السفينة “كانوا من أبناء الميناء وهم حسن عيسى، وميشال نحاس وإبراهيم الصايغ”، وأنّها كانت تقل أفراداً من عائلات طرابلسية في مقدمهم المرحوم سعد الله السيد وإبنة شقيقته المرحومة لينا الأفيوني إضافة الى أصدقاء وأقرباء وأشخاص من بيروت من عائلة سنو واللبان وكانوا جميعهم يريدون تمضية عطلة صيفية في قبرص”.

ونقل الإخبار عن عوائل الشهداء قولهم أنّ: “إعتراف إسرائيل بهذه الجريمة من شأنه أن يضع الدولة اللبنانية أمام مسؤوليتها تجاه مواطنيها الذين قتلهم العدو ويتطلب منها إتخاذ الاجراءات المطلوبة حيال ذلك”.

وطالب الأخبار في الختام بـ “إجراء تحقيق بتلك الجرائم وإحالة الملف على المرجع المختص بما في ذلك التقدم بشكوى بمثابة إخبار للمحكمة الجنائية الدولية بما يسمح به نظامها بملاحقة مجرمي الحرب ومرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، ومطالبةالدولة العبرية بتعويضات عن الاضرار والخسائر البشرية، والمادية التي خلفتها تلك المجزرة على يد المجرمين بالمدنيين العزل على متن السفينة المنكوبة”، وبـ ” تشكيل محكمة دولية لمحاكمة مجرمي الحرب، الذين ارتكبوا تلك المجزرة عام 1982 وعلى أن يجري التحقيق في جميع تلك الجرائم التي ارتكبتها الجهة المعتدية”.

الإخبار المقدم من قبل المحامي عجاج، قبله مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود وأحاله على مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، ولكن ماذا بعد؟ ما هو المسلك الذي تتبعه هذه القضايا؟ وهل من أطر للمحاسبة؟

المحامي عجاج أكّد في حديث لـ”لبنان 24″ أنّه “لا توجد جدية في التعاطي مع ملف الاعتداءات الاسرائيلية المتتالية من قبل الدولة اللبنانية“، موضحاً أنّه للوصول إلى نتائج في ملف السفينة لا بد من “تكوين ملف متكامل، يبدأ من إحصاء الشهداء والجرحى ومعرفة جنسياتهم المزدوجة إن امكن، الاستماع للشهود، توثيق تقارير الدرك والمستشفيات الذين تابعوا الحادثة وكل من شارك في نقل الضحايا ومعاينة السفينة”.
وفيما أوضح عجاج أنّ “هذا يتطلب وقتاً وخبرة وجدية من الدولة بتكوين فريق عمل متخصص لإعداد تقرير باقصى سرعة ممكنة، والتقدم بعد ذلك بشكوى مقرونة بالمستندات والوقائع إلى مجلس الأمن لإصدار قرار دولي بالإدانة”، أشار بالتالي إلى أنّه لا بد من “التقدم بدعاوى ممن يملكون جنسيات غير الجنسية اللبنانية عبر دولهم لإصدار مذكرة توقيف دولية بقادة العدو لاستحالة قيام لبنانبهذا الدور”.
هذا وتوقف عجاج عند ضرورة “تشكيل لوبي عربي في الأمم المتحدة للضغط على اسرائيل وإدانتها”.

(نسرين مرعب)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى