مفاجآت المقاومة “ليست عسكرية فقط”!
كتب ايمن عبدالله في صحيفة “الديار”: في العام 2006 نجح الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في تغيير معادلات الحروب بين العرب وإسرائيل. فقد جعل للمعركة العسكرية بعدا صاروخيا جديدا، وللمعركة النفسية اكثر من بعد جديد، فأصبح خطابه الشهير يوم ضرب البارجة الاسرائيلية الحربية في بحرنا، خطابا تتذكره الأجيال. كان الاعلان الرسمي عن الحرب النفسية مع العدو الاسرائيلي وجمهوره.
يخوض حزب الله، بحسب مصادر مقربة منه، الحرب النفسية عبر اتخاذ الإجراءات والخطوات التي تعمل على إضعاف موقف العدو عن طريق شن هجوم عنيف على القوى الروحية والنفسية لديه، وفي الوقت نفسه بهدف تقوية موقفه هو أمام الرأي العام الموالي له، مشيرة الى أن الحرب النفسية تعمل على موضوعين: الأول هو عقل المستهدَف، والثاني هو مشاعر هذا المستهدَف.
وتشير المصادر الى أنه “على عكس الحرب الناعمة التي تحمل أشكالاً وردية” ومفاهيم إيجابية، فإن الحرب النفسية تحمل أشكالاً سلبية لتولد مشاعر الخوف لدى العدو والرأي العام الموالي له من جهة، وتخلق نوعاً من عدم الثقة لدى جمهور العدو بقيادته، ومن هنا، بدأ حزب الله العمل على العمل وفق معادلة «حارب عدوك بالسلاح الذي يخشاه، لا بالسلاح الذي تخشاه أنت».
يعمل حزب الله بشكل متساوٍ مع تطوير القدرات العسكرية للمقاومة، على تطوير قسم الدعاية السياسية والعسكرية لديه، ونتائج هذا القسم بدأت تظهر ملامحه في سوريا أثناء المعارك التي خاضها الحزب هناك. أما ذروة هذا العمل فيظهر جليّا اليوم في الرد على عملية “درع الشمال” التي بدأتها إسرائيل على الحدود مع لبنان، من أجل البحث عن أنفاق المقاومة.
وفي هذا السياق تكشف المصادر أن “عمل الحزب كان على مستويين: الأول على وسائل الإعلام خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي المراقبة بدقة من قبل العدو الإسرائيلي، والثاني عبر تنشيط المجتمع اللبناني الحدودي للاستهزاء بقدرات العدو الإسرائيلي، وهذه الصور وصلت إلى قلب المجتمع الإسرائيلي عبر وسائل إعلامه التي نقلت بدقة كيف استخفّ سكان المجتمع الحدودي بجيش العدو الإسرائيلي، حتى وصل الأمر ليعلنها وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان حزب الله واثق من نفسه، ونحن نزيد من شهرته الإعلامية”.
وتضيف المصادر: “يعتمد حزب الله منذ أحداث المطار الأخيرة والحديث عن الصواريخ على عدم توضيح أي أمر للعدو وعدم تأدية دور المُخبر على نفسه، وبالتالي لا يتوقّع أحد من أن يصدر أي تعليق رسمي من الحزب على أحداث “درع الشمال”، وهذه الخطوة تهدف إلى خلق نوع من التوتر في نفس العدو الاسرائيلي، وهذا ما ظهر في التعليقات “الاستفزازية” التي صدرت من المتحدث باسم جيش العدو الإسرائيلي أفيخاي أدرعي”. وتكشف المصادر أن ما نراه اليوم من اعتماد الحزب على التكنولوجيا الحديثة جدا التي وصلت إلى الإعلام الحربي وجعلته ينشر صوراً عالية الدقة لعناصر جيش العدو الاسرائيلي وكأن عناصر الحزب قريبون منهم، هو تكتيك يُعتمد للمرة الاولى ولكنه ليس كل ما يملكه الحزب من مفاجآت كبيرة، فعندما يتحدث السيد نصر الله عن المفاجآت لا يقصد فقط تلك العسكرية بل على الاسرائيلي أن يُدرك أن السنوات التي تلت حرب تموز 2006 شهدت تعاظما في قوة المقاومة لم يحصل خلال 25 عاما.
أما على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن الحزب محصّن من هذه الناحية بعد أن عمل على تنسيق عمل المجموعات الإلكترونية لتوحيد الـ”هاشتاغ” لتلحق بهم مجموعات رواد مواقع التواصل. كما أن أي رأي ضد العدو الإسرائيلي يصدر عن مواقع التواصل الإجتماعي يُعتبر خادماً لسياسة الحزب. في السابق كانت اسرائيل تسبق العالم بتطورها، ولكنها اليوم عاجزة عن مواجهة التطور الذي أصاب بيئة المقاومة الشعبية، وهو تطور لا يمكن للآلات أن تؤديه بل يحتاج الى نفوس مؤمنة بالله بقدرتها، وهو ما يمتاز به مجتمع المقاومة الذي استهزأ بالاسرائيلي بالأيام الماضية، وبات يدخن النرجيلة على بعد 10 أمتار فقط من جنود الاحتلال المدججين بالسلاح. نعم في الحرب النفسية نحن ننتصر.