وئام وهّاب ونصيحة مكيافللي”: إضرب الرأس لتنهار الجماعة
أن يعتذر وئام وهاب عن كلامه الخليع بحق عائلة الحريري، لن يفيد، وهو يعرف أنه أسال عمدا وتقصدا ماء وسخة لا يمكن إعادتها إليه، ولن يمسحها اعتذاره، وهو أصلا لم يكن في لحظة غضب أو رد على الشتائم كما يزعم، إنما هكذا أصول اللعبة، ليست إضرب وتابع، إنما إضرب وأهرب، فالمهمة اُنجزت وانتهت.
التصويب على رفيق الحريري بهذا الشكل، ليس فورة غضب، لا شيء كان يستدعي نبش القبور وإيقاظ الأموات، فالموت في كل الثقافات غربا وشرقا يميت العداوات ويُطفىء الأحقاد، فالموتى حيّاديون ولو كانوا قبلُ، هم ألدّ الأعداء، وهذا يعرفه وهّاب جيدا، فهو لا يحارب الموتى وإلا نكون ننتقص من مواهبه وذكائه، فأمثاله درسوا جيدا كتاب “الأمير” لمكيافللي، وحفظوه عن ظهر قلب، وعليه لم يكن وهاب يرتجل أو يزبد غضبا، إنما في مهمة شديدة البرودة.
أكثر مواجع الجماعة إيلاما، هو التنكيل برموزها، وسلبها رأسمالها الرمزي، لم تدفع القنابل الذرية الأميركية اليابانيين إلى الاستسلام النهائي، لقد قتلت هذه القنابل بضع مئات الألوف منهم، لكن بقيت اليابان على اتصال بالسماء، وعليه، كانت تحتاج إلى القنبلة الاشد، وهي كسر الرمز، فكان اشتراط القائد العسكري الأميركي دوغلاس ماك آرثر أن يزوره الأمبراطور الياباني ماشيا في مقره، وهذا ما حدث وسقط ضحية هذه الزيارة 27 ألفا من اليابانيين انتحارا.
ليست المقارنة هنا، بين فعلة وهّاب والقائد العسكري الأميركي، شتّان ما بين الأمرين، ومع ذلك، هناك، تقاطع ووجه شبه بينهما، هو التذكير بنصيحة مكيافللي وقاعدته في كسر الرموز، فهي تعادل الحروب، أو هي حرب نظيفة، لا قتلى ولا جرحى ولا دمار ولا انتشار مسلح فيها ولا احتلال، إنما فيها نصر وتحطيم للجماعة.
يعرف وهّاب، أن إهاناته للحريري الأب، لن تحفر سنتم واحد في الأرض، ولن تصل إلى اهل القبور، إنما يستهدف بها، من هم فوق الارض، هناك جماعة يجب تفكيكها، وهذا ليس مشروعا خاصا بوئام وهاب، فهو ليس سوى ناقل، مع أنه يعرف جيدا ما ينقل.
ويعرف أيضا التوقيت، فالمنطقة كلها من العراق إلى اليمن ومرورا بسوريا ولبنان وفلسطين، تحولت إلى كعكة دولية، والتقسيم سيتم على دول، وفي الدول على جماعات وطوائف وأحزاب، إنها لحطة الانقلاب على التوزيع القديم للنفوذ، في لبنان، كان هذا التوزيع عبر الطائف، وبعض الجماعات قد كبرت كثيرا على حصتها، كما ايضا بعض الجماعات يجب تصغيرها عن حصتها، ولتكن اللعبة بتحطيمها من فوق، وليس بالضرورة من تحت..وهاب صوّب على الرأس.