يوم الإيدز العالمي… حامل الفيروس ليس وحشا

في الاول من كانون الاول من العام 1987، بدأت منظّمة الصحة العالمية بإحياء يوم الإيدز العالمي، وتواظب منذ ذلك الحين على الاحتفال بهذه المناسبة سنويا، لزيادة التوعية من مخاطر المرض وانتقال فيروس “اتش آي في” المسبّب له، عن طريق استعمال أدوات حادة ملوثة أو ممارسة جنسيّة دون اتخاذ طرق وقاية مناسبة، او عبر طرق أخرى متنوعة، انما الأهم هو أن هذه المناسبة تشكل فرصة للتعرّف على كيفية التعامل مع المصابين، ومساعدتهم لمواصلة العيش لا نبذهم واضطهادهم.

قبل الدخول الى ​لبنان​، من المفيد الإشارة الى وجود حوالي 37 مليون مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية في العالم، من ضمنهم ما يقارب 3 ملايين طفل، بالإضافة الى تسجيل حوالي مليون ومئتي حالة وفاة خلال العام الواحد بسبب “الإيدز”.

في لبنان لا يوجد ​حالات​ وفاة بسبب هذا الفيروس، ولكن للأسف نعاني من حالات انتهاك واسعة لحقوق حامليه أو المتعايشين معه كما تسمّيهم منسقة المشاريع في جمعيّة العناية الصحيّة، التي بدأت عملها في العام 1987 كمركز للتمريض المنزلي يقدّم خدمات صحية، هدفها الأساسي تحسين الوضع الإجتماعي المتأزم خلال الحرب آنذاك من خلال تلبية إحتياجات الفقراء والمرضى ودفاعاً عن حقوق الإنسان، ثم اشتغلت في مجال حقوق وحرية حاملي فيروس نقص المناعة البشرية، رانيا رملاوي.

تشير رملاوي الى أنه في السبت في الأول من كانون الاول سيُعقد مؤتمرا توعويا حول “الإيدز”، تقيمه ​وزارة الصحة​ العامة بالتعاون مع المؤتمر الوطني لمكافحة السيدا والجمعيات الناشطة في هذا المجال، لافتة النظر الى أن المؤتمر سيشهد عرضا لآخر الاحصاءات المتعلقة بواقع هذا الملف في لبنان، إن كان لناحية أعداد المصابين أو توثيق الانتهاكات التي يتعرض لها المصابون.

وتضيف رملاوي في حديث لـ”النشرة”: “في العام الماضي 2017 كان في لبنان 2206 إصابات مسجّلة في وزارة الصحة، اغلبهم إن لم يكن كلهم يستفيدون من العلاج الذي تقدّمه الوزارة بشكل مجّاني على امتداد العام”، مشيرة الى أن هذا العدد قد لا يكون مختصرا لأعداد كل المصابين كون ليس كل حامل للفيروس يُخبر عن نفسه، كما أنه ليس كل حامل له يعرف وضعه كون الاحصاءات العالميّة تشير الى ان 51 في المئة فقط من الأشخاص الذين يعانون من فيروس نقص المناعة البشرية يعرفون وضعهم”.

في لبنان، لا يزال يعاني حامل الفيروس من تمييز مجتمعي واسع، بدءا من معاناته في المراكز الصحيّة والعيادات و​المستشفيات​ ورفض تقديم العلاجات بغض النظر عن الحالة، وإلغاء الخصوصية كمريض، مرورا بسوق العمل حيث يتم نبذ المصاب وطرده ورفض توظيفه، وصولا للعنف الجسدي الذي يُمارس عليه كون ​المجتمع اللبناني​ لا يزال يرى حامل الفيروس، انسانا سيّئا، مع العلم أن أسباب الإصابة لا علاقة لها على الإطلاق بشخصيّة المصاب.

في هذا الإطار تشدد رملاوي على ضرورة تكثيف العمل التوعوي كون المجتمع اللبناني لم يصل الى المرحلة الكافية من الوعي للتنبّه والوقاية من حالات انتقال هذا الفيروس أولا وكيفيّة التعامل مع المتعايشين معه ثانيا، مشيرة الى أن الجمعيّة تسعى لتحقيق هذا الهدف عبر الحملات التي تقوم بها بالتعاون مع ​وسائل الاعلام​ المحليّة، وبالاعتماد على منصات ​وسائل التواصل الاجتماعي​، كاشفة ان شعار الحملة لهذا العام يعبّر عن الهدف وهو “say yes to know”.

صحيح ان الإيدز هو السبب الأول للوفاة بين المراهقين في ​أفريقيا​ والثاني بين المراهقين عالمياً، ولكن المصاب بفيروس نقص المناعة ليس وحشًا، ولا هو “مرض متنقّل” يجب على البشر الابتعاد عنه، بل هو انسان عادي يتعايش مع مرضه عبر تلقي العلاج واستكمال حياته بشكل طبيعي، وأقل الواجب أن نتعامل مع “المصاب” كما نريد للناس أن تتعامل معنا او مع احبائنا بحال أصبحنا من المصابين.

 محمد علوش –  خاص النشرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!