حزب الله: طريق صيدا – بيروت “خط أحمر”
ظهر أن حزب الله بعيد كل البعد عن ما اقدم على فعله وئام وهاب
يصنف فعل وهاب على انه عامل ساعد تيار المستقبل ولم يكن حزب الله بوارده
خلال يوم امس دارت اتصالات كان الهدف منها اخراج الناس من الشارع وانهاء الازمة
وعلى هامش انعقاد المجلس الاعلى للدفاع، نفض الحريري يده امام عون من ما يجري
عادت تحركات الليل بالفائدة على تيار المستقبل وهو ما كان محل انزعاج لدى حزب الله
سلّفَ الوزير السّابق وئام وهّاب تيّار المستقبل خدمة جليلة عبر مُساهمته بشدّ “العصب الأزرق” في وقتٍ يعتبرُ رئيس الحُكومة المُكلّف سعد الحريري بأمسِّ الحاجة إليه بوجه خصومه من النّوابِ السّنة السّتة. ولفهم مدى الخدمة التي أسداها وهاب لخصمه، يُمكنُ الرّكون إلى موقفٍ دارَ الوسط الذي تليَ على مسمعِ الجميع يوم أمس: “سنّة حزب الله لن يطأوا بيت الوسط”!
بصرفِ النّظر عن الإتهامات حول ضلوع تيّار المستقبل بإصدار أوامر التحركات الشعبية تحت ذريعة “الإساءة للرئيس الشهيد والرئيس المُكلّف”، لكن الواقعية تؤكد أن التيّار هو أكثر من إستفادَ من الذي جرى خلال ٤٨ ساعة منصرمة، ونجحَ بتقريش الموضوع سياسياً واضعاً ما جرى ليس في خانةِ إفلات الأمور بالشارع بل “محاولة ضغط من حزب الله لتطويع الرّئيس سعد الحريري” على ما تذكرُ مصادر قريبة من بيت الوسط.
يسقطُ سهواً عند المستقبل أن حزب الله قد سجل نقطة في خانةِ الحريري، كونه عطّل حكومته بمجرّد رفضه تقديم أسماء وزرائه الثلاثة، معنى ذلك أن الحزب يستطيعُ أن يأخذ من الحريري بمجرد إعلان موقف في السّياسة، فلماذا يركنُ إلى “توظيف وهّاب” ويؤجّج النفوس في الشارع؟
وبعيداً عن كل ذلك، هبطت مشهدية “المطّاط المحروق” بثقلها على إجتماعِ المجلس الأعلى للدفاع، الذي دُعيَ للالتئام في قصر بعبدا أمس الأول. المفارقة، ان الدعوة أتت على مسافة ساعات من “جولة الدواليب المحروقة الأولى” ما أوحى أن الدعوة جاءت على سبيل درء الفتنة وسحب الناس من الشارع.
خلال الخلوة التي عقدها الرئيس ميشال عون مع رئيس الحكومة المكلف قبل عقد “المجلس”، توجّه عون بسؤال واضح الى الحريري حول احتمال ان يكون هناك قراراً مركزياً للتحرّك في الشارع. طبعاً الحريري جزم بالنفي ورد القصة الى “العفوية” نافياً ان يكون هناك “أي خطط”. فهم عون أن الحريري “غير معني”، لذا طلب منه “ضبط الشارع منعاً لحصول أي تحول”، وهنا جاء الطلب وفق قاعدة “الحزم”.
طبعاً لا مجال لإقرار الحريري باحتمال صدور “أوامر بالتحرّك” حتى ولو كانت موجودة. اصلاً، المقرّبين من بيت الوسط يؤكدون ابتعاد الحريري عن متابعة الأمور التنظيمية الداخلية بعد حصرها بالأمين العام أحمد الحريري، وإذا كان لا بد من المساءلة، فيجبُ أن تطرح على أحمد وليس سعد.
وفي ظلِ غياب أطر المُساءلة داخل التيّار الأزرق، كما باقي الأحزاب، يلجأ المتابعون للبحث عن الإبر في كومةِ قش المصادر، من هنا، توحي المعطيات المتوفرة راهناً، حصول تحركات “بشكل غير مركزي” خلال الليلتين. فمثلاً، تحرّكت مجموعات زرقاء في أماكنٍ محددة من بيروت، على سبيلِ المزرعة (جامع عبد الناصر) وطريق الجديدة لكن لم يظهرُ أن تحركت أخرى على سبيل عائشة بكّار التي تعتبر “نقطة ساخنة”، ما ترك تساؤل قام على النيّة ومن خلف ذلك الرسالة.
إضافةً إلى ذلك، حصرت التحركات في مناطق أخرى وشوارع محددة، في الجنوب والشمال. فمثلاً جاءت التحركات “الشوارعية” عند طريق صيدا – بيروت، تحديداً عند برجا، في حين غابت عن نقاط أخرى درجت العادة ألا تتجاهل مثل هذه الأحداث، وهو ما زاد إحتمال صدور “أوامر تنفيذ تحركات ضمن مناطق محددة وبشكل مدروس”. وبحسب مصادر “النية توجيه رسالة”، مع العلم أن هيئة الإعلام في تيّارِ المستقبل إلى جانب “تنسيقيات”، كانت قد أصدرت تعاميم، علنية وداخلية، يقضي عدم التحرك!
حزب الله الذي صرفَ النظر عن “خدمات وهاب” كونه “غير معني بألسنة النّاس”، قرأ في التحرّكات نيّة في توزيع رسائل جاءت في “وقت حشرة”، لكنه آثر عدم الإلتفات إليها، وحصر المسألة في أمرين: المتابعة، وتنبيه عناصره أو من يمون عليهم، لعدم القيام بأي ردّات فعل قد تكون مركبة بهدف الجرّ.
بالتوازي مع ذلك، كان قد أطلقَ العنان لإتصالات جرت بين عددٍ من المعنيين، منهم حزب الله، وبين ممثلي الأجهزة الأمنية و “من هم على حكمةٍ” بهدف إبقاءِ الأمور “تحت السيطرة” وتنظيم الموضوع ضمن حدود “تنفيس الإحتقان” على قاعدة “عدم إفلات الشارع”.
لكن حزب الله الذي كان معنياً رئيساً في الإتصالات نسبةً لتداخله مع المستقبل في مناطقِ تماس منها تلك التي جرت فيها تحركات، أو قربه منها، مرّر رسالة إلى من يعنيهم الأمر بأن طريق “بيروت – صيدا” خط أحمر، وقطعها “ممنوع” والبعث بالسلم الأهلي “ممنوع”، لأن هذه الطريق تحديداً، ترتفعُ فيها إحتمالات حصول احتكاكات قد تجرُّ أخطاء غير محسوبة، ما قد يؤدي إلى انفلاتِ الأمور نحو أمكنة “غير محمودة”.
هذه النصيحة قوبلت بكثير من التعاطي الجدي من قِبَلِ المعنيين، الذين اوعزوا إلى ضرورة “معالجة هذه الظاهرة فوراً” و “التحرك السريع عند حصولها”، وكف العبث بالخط الساحلي وعدم تركه “فلتان أمنياً” لأن المناطق التي جرت فيها التحركات، ذات وجود لنشاطات متطرّفة قد يتسلّل متعاطفون معها بين المتحمسين وتحصل اعتداءات شبيهة بتلك التي حدثت في “يوم الغضب السّني”.
وبنتيجة الإتصالات، جرى التوصّل إلى سحبٍ للأزمة التي كادت أن تفلت إلى أمور أكثر حدّية بعد الفيديو المسرّب للوزير وئام وهّاب، الذي لم تكن ردات فعله لتقل عن ردات فعل “فيديو محرمش” الذي تعرّض فيه الوزير جبران باسيل للرئيس نبيه بري. وقضي الأمر بإصدار إعتذار وتراجع من قبل وهّاب عن أي خطوة لاحقة، استتبع ببيان صدر عن هيئة شؤون الإعلام في تيّار المستقبل بعد وقت قصير جداً دعا إلى “للإمتناع عن الخوض في ردات الفعل التي تخالف سلوك وتربية معظم اللبنانيين”.
“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح