عن الخرائط التي تُرسم والإتفاقات التي تتساقط!
رامي الريّس
بات واضحاً أن الشرق الأوسط والمنطقة العربية يتجهان نحو متغيرات هيكلية كبيرة وخلط أوراق قد تعيد تشكيل الخرائط وترسم الحدود بين الدول التي كانت اتفاقية “سايكس بيكو” قد حددتها وتكرست بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
والواقع أن كل طبيعة العلاقات الدولية آخذة في التغير، فالعلاقات الأميركية – الأوروبية في أدنى مستوياتها منذ حقبة الحرب الباردة وذلك نتيجة الخطوات الأميركية الآحادية في الملف النووي الإيراني والصراع العربي- الإسرائيلي والإنفتاح على كوريا الشمالية و”الغزل” بين الحين والآخر مع موسكو؛ وهو ما دفع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ليقول في مقابلة إذاعية أن “على أوروبا أن تحمي نفسها من الصين وروسيا وحتى الولايات المتحدة الأميركية!”.
وماكرون نفسه إنتقد السياسات الشعبوية والقومية التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب والتي تؤدي إلى توسيع الهوة في الغرب بين أوروبا وأميركا، ومن لا يذكر مقولة وزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رامسفيلد عندما تحدث عن أوروبا القديمة وانتقال مركز الثقل الأوروبي إلى شرق “القارة العجوز”، سنة 2003 رداً على الرفض الفرنسي- الألماني الإشتراك في غزو العراق دون صدور قرار يجيز ذلك من مجلس الأمن الدولي.
إن تفكك “المعسكر الغربي”، إذا صح التعبير، مقابل تماسك المحور المقابل وقوامه موسكو وطهران (ومراوحة أنقرة بين هذا وذاك بحسب اللحظة السياسية) قد يؤدي إلى خلاصات خطيرة أقلها ما يتعلق بمستقبل الصراع في سوريا والوضع اللبناني والتطورات العراقية”.
فعلى الرغم أن “شهر العسل” الروسي –الإيراني ليس مستداماً (وأبسط الأدلة غض الطرف الروسي المستمر عن القصف الإسرائيلي لمواقع تابعة للحرس الثوري الإيراني وحزب الله في سوريا). ولكنه غالباً ما يعيد تنظيم صفوفه ورصها إزاء التحركات الأميركية خصوصاً أم الغربية عموماً، مع ملاحظة تراجع الدور الأوروبي بشكلٍ كبير في ما يتعلق بالأزمة السورية.
لبنانياً، عقدة تأليف الحكومة يفترض أن تحل، لنزع الذرائع ممن يرغبون بالتعطيل حرصاً على تفادي الإنهيار الكامل والإنكشاف التام سياسياً واقتصادياً وحتى أمنياً.
إزاء حجم الصراعات الكبرى التي تشهدها المنطقة، تبدو مسألة تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة تفصيلاً بسيطاً ولكن أثمان عدم معالجته كبيرة على البلد.
هل انتهى فعلاً إتفاق الطائف وآن الأوان لصيغة سياسية وميثاقية جديدة بين اللبنانيين؟
للأسف، المؤشرات التي تدل على ذلك ترتفع يومياً!
(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة