‎عبد الحليم حمود‎: أضرمتُ النار بـ 27 سنة من عمري‎.

 

ليس قراراً مجنوناً ولا استعراضاً بهلوانياً
أن أحرق 2000 رسم كاريكاتوري دفعة واحدة في لحظة واحدة، هو فعل احتجاج وخيبة ومصارحة.
ظهيرة الأحد 25 تشرين الثاني 2018 ، حملت أكياس الرسومات بمساعدة الأصدقاء. جمعتهم في نقطة واحدة وكانت الشعلة. لم يكن الموقف جنائزياً. بالأحرى تفاديت الموقف بأن أكثرت من الحركة والتعب لأحيّد عقلي عن التفكير فيما تفعليه يداي. لقد حبست الدمعة لوقت آخر.
تقول الحكاية:
بدأت برسم الكاريكاتور بشكل احترافيّ في العام 1991 في “العواصف” ثم “العهد” و”البلاد” و”اللواء” و”الفضائية” و”شوت” و”ستاد” و”التفاهم الرياضي” و”الصياد” و”الكفاح العربي” و”النقاد” و”نيوز فلاش” و”الاخبار”، كما رسمت لفضائيات “المنار”، “الكوثر”، “الجديد”، “الميادين”، “أم بي سي”، “الفرات” و”طه”. أيضاً رسمت لعشرات المجلات والكتب والقصص والاغلفة والملصقات. لقد أصدرت 8 ألبومات لرسوماتي، وكتاب يؤرخ للكاريكاتور العربي والعالمي، و7 كتب عن نتاج الفنانين وأزمة الرسوم المسيئة للرسول. أيضاً أقمت معارض وشاركت في أخرى وأسست موقعاً خاصاً بفن الكاريكاتور أطلقت عليه اسم “أفكارتون”. وأجريت عشرات المقابلات والمحاضرات عن هذا الفن. كل هذا أنتج آلاف الرسومات التي اعطيتها وقتي وعمري وجهدي.
إنّما:
ـ لم يفضي كل هذا لخلق استقرار مهني وحياتي أو أي ضمان صحي.
ـ كنا في لبنان عشر رسامي كاريكاتور وصرنا خمسة ولم ينتبه أحد!
ـ مات جان مشعلاني ولم يحل محله أحد في الانوار ثم أغلقت الانوار أبوابها. ورحل ملحم عماد ولم يحل مكانه رساما جديدا في اللواء وغادرنا ستافرو ولم يغطي غيابه رساما آخر في البلد. أما السفير فقد أقفلت أبوابها مع مساحة سعد حاجو الكاريكاتورية. بالنسبة للأخبار فلم تعتمد رساماً بالمعنى اليومي.
ـ ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي بخلق حالة شبه كاريكاتورية مرتجلة لكن عميقة من حيث الفكرة وسرعة النشر فكانت أكثر جرأة وبلا رقابة تذكر وهو أمر انعكس بشكل ما على كاريكاتور الصحيفة الذي ينتظر ساعات في الطبع حتى يبرد الحدث.
ـ الأزمة ليست عالمية بالضرورة، لكنها في لبنان هي كارثية ومخجلة رغم عدد المطبوعات والمواقع الالكترونية.
لذلك:
ـ إضرام النار برسوماتي هو إشهار حالة القرف والاستياء والغضب والصراخ، بل هو إعدام لعمر بأكمله بما فيه من ذاكرة ونوستالجيا حميمة في صحف عريقة.
ـ هل سأندم على “فعلتي”؟ ربما، لكن هناك ما سيعزيني، فأنا أتلفت الأصول لكن ليس باستطاعتي إحراق الاعمال المطبوعة أو المسجلة تلفزيونيا. فعلياً لقد أحرقت الحبر واللون والأوراق التي رسمت عليها. محوت بصمتي عن تلك الرسومات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى