ابتداءً من اليوم: المريخ كما لم نره من قبل
يشاهد عشاق المريخ في جميع أنحاء العالم يوم الإثنين 26 تشرين الثاني، إطلاق مهمة جديدة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) بواسطة مركبة تُسمى”إنسايت” Insight، وهي كما يصفها العلماء أهم مهمة استكشاف للكوكب الأحمر في تاريخ البشرية، حيث بلغت تكلفة هذه المركبة 850 مليون دولار، ولها قائمة طموحة من المهام العلمية لإنجازها، أثناء عملها على سطح الكوكب، والذي من المخطط أن يدوم حوالى عامين.
جيولوجية الكوكب
صُممت مركبة “إنسايت” بعناية بالغة لمعالجة لغز كبير: ما يختبئ تحت سطح المريخ جيولوجياً، وستحمل المركبة جهاز قياس الزلازل، مع مجموعة من أجهزة الاستشعار البيئية، التي من المفترض أن تستشعر أي اهتزاز مفترض في أرض المريخ، بالإضافة إلى الهزات التي تسببها تأثيرات سقوط النيازك.
ستكون المركبة أيضاً مجهزة بأجهزة الإرسال الراديوية الدقيقة، التي تساعد العلماء على نحو مذهل، من خلال ارتداد الإشارات من وإلى الأرض، في تحديد موقع المركبة في الفضاء بدقة عالية. وباستخدام هذا الموقع التفصيلي، يمكن للعلماء مشاهدة تحريك المركبة مع مرور الوقت، ووضع خريطة تدريجية للتذبذبات الصغيرة في كيفية دوران المريخ. وتعكس تلك التذبذبات الهيكل الداخلي للكوكب، وتحديداً حيث تقع نواته على الطيف بين السائل والصلب.
تحت السطح
تتمثل مهمة المركبة الأخيرة في تثبيت مسبار حر، يمكن أن يصل إلى عمق 16 قدم (5 أمتار) تحت سطح المريخ – وهو أعمق بكثير من أي شيء حفرتها مركبات فضائية أخرى على أسطح الكواكب. وسيقيس المسبار كيفية ارتفاع الحرارة عبر الكوكب، ما سيساعد العلماء على معرفة مصدر الحرارة. ويمكنه أيضاً إنتاج ومضات من الحرارة ودراسة كيفية تدفقها عبر الصخور المحيطة، ومعرفة المزيد عن الصخور التي تشكل القشرة المريخية.
وستقوم “الناسا” بفتح البث المباشر من غرف مراقبة المهمة حتى يتمكن الناس من مشاهدة العلماء والمهندسين وهم يقومون بعملهم في التحكم بالمركبة، بالإضافة إلى هبوطها على سطح الكوكب الأحمر.
مهمة 2020
اختارت “الناسا” دلتا نهرية قديمة كموقع هبوط لمركبتها على سطح المريخ، في 2020، في مهمة بحث عن أدلة على وجود حياة سابقة على الكوكب الأحمر. واختار العلماء هذا الموقع، بعد نقاشات وحوارات معمّقة، فاستقرّ الرأي على فوهة يسمّونها “جيزيرو”، كانت بحيرة عمقها 500 متر، متصلة بشبكة من الأنهار، قبل أكثر من ثلاثة مليارات و500 مليون سنة.
ستنضم المركبة الفضائية “مارس 2020” إلى مسبار “كوريوسيتي”، الذي حطّ هناك في العام 2012، و”إنسايت” الذي سيُطلق هذا اليوم. وستكون هذه المهمة انطلاقة استيطان الكوكب الأحمر، لأنها ستبحث عن أي أثر لحياة جرثومية، يمكن أن تكون ظهرت على الكوكب الأحمر في ماضيه. فكوكب المريخ كان يحتوي على كميات كبيرة من الماء، وكان غلافه الجوي كثيفاً وهي من العناصر المواتية لنشوء الحياة وتطوّرها، لكن غلافه تبدد وماؤه جف، لأسباب ما زالت غير معروفة بعد.
وقال توماس زوربوشن، المدير المساعد لمديرية البعثة العلمية في وكالة ناسا، أن موقع الهبوط في منطقة جيزيرو، يقدم تضاريس غنية جيولوجياً، ويصل عمر هذه التضاريس إلى 3.6 مليار سنة، والتي يمكن أن تجيب عن أسئلة مهمة حول تطور الكوكب وعلم الأحياء الفضائي. كما أن الحصول على عينات من هذه المنطقة الفريدة، سيحدث ثورة في طريقة تفكيرنا حول المريخ، وقدرته على إيواء الحياة.
كوكب جديد
على صعيدٍ متصل بالبحث عن الحياة في الفضاء، تُظهر الأبحاث المنشورة هذا الشهر في مجلة Astrophysical Journal نماذج للإشعاع والكيمياء، تشرح بالتفصيل الأجواء المختلفة للكواكب السبعة المماثلة لحجم الأرض، والتي تدور حول نجم TRAPPIST-1، وهو يبعد 39 سنة ضوئية من الأرض (السنة الضوئية تمثل 9.46 تريليون كيلومتر)، والاستثناء هو الكوكب TRAPPIST-1E الذي قد يكون مناسباً للبشر في يوم من الأيام، على افتراض أننا التمكن من تنظيم رحلة إلى النجوم بأمان.
يقول أندرو بي. لينكسوسكي، طالب الدكتوراه في جامعة واشنطن والمؤلف الرئيسي للورقة البحثية، إن الكوكب الجديد “يمكن أن يكون عالماً مائياً، مغطى بالكامل بمحيط. وفي هذه الحالة، يمكن أن يكون له مناخ مشابه للأرض”. وأهم ما ذكرته الدراسة هو تأكيدها بأن الرسم التوضيحي لسطح الكوكب يظهر بأنه قد يكون له جو مناسب للسكن.
لم يكتشف العلماء حتى عام 2015 الكواكب الخارجية التابعة لـ TRAPPIST-1، وفي عام 2017، اكتشف تلسكوب ناسا سبيتزر الفضائي أن TRAPPIST-1 لم يكن لديه ثلاثة، بل سبعة كواكب يمكن أن تكون صالحة للسكن. واليوم الدراسات الدقيقة تتحدث عن كوكب يشبه عالمنا خارج مجموعتنا الشمسية.
سامي خليفة – المدن