قراءة *للإعلامية وفاء بيضون * في رواية * يوري إله السمكة السوداء * للفنان الروائي عبد الحليم حمود
غايةُ الرّوعةِ والمتعةِ في القراءةِ حين تكونُ أمامَك أحرفٌ تنطقُ بأبجديةٍ برّاقةٍ لامعةٍ لنصِّ مفكّرٍ وكاتبٍ أو أديبٍ و شاعر ، يأخذُ بجوارحِك و حواسِّك إلى حيثُ يرمي في عوالمِ الرؤى و الأفكارِ و الخواطر ، وسطَ فضاءاتٍ عصيّةِ النّيل لخيرِ من دجّنَ اللغةَ و طوّعَ مقاصدَها .. خصوصًا وهي تجدِّفُ في عالمِ المتضادات لقطفِ العناقيدِ المثمرةِ منها، و رمي الفاسدِ إلى الخلف .. في حوارٍ فلسفيٍّ بليغ ، يُطلُّ من عقلٍ متنوّر ، يقدِّمُ الكاتبُ فيه أروعَ و أرفعَ مجادلةٍ بينَ طبيعةِ الفطرةِ و شرعِ العقل ..
يوري الحكيمُ يقدِّم لنا نماذجَ عدةً و مدروسةً عن طبائعِ البشرِ على اختلافِ وتنوّعِ ثقافاتِهم وموروثاتِهم الاجتماعية . يظهرُ لنا بمهارةٍ وذكاءٍ مركزيةَ الفطرةِ الجامعةِ للتنوّعِ المذكور ، المنادي على امتدادِ العصورِ بمبادئ القيمِ الأخلاقيةِ الإنسانية ، و التي تنبضُها وتنشدُها الفطرةُ غيرُ المكتسبةِ و الموجّهةُ من بارئها الذي أودعَ فيها سرَّ البحثِ عنه ..
معَ الكاتبِ عبد الحليم حمود في روايته ” يوري إله السمكة السوداء ) إذ يخاطبُ النّفسَ البشريةَ وما تنطوي عليه من أضداد . تدهشُك جرأتُه في كشفِ المستور و كسرِ المحظور و فكِّ القيود عن سربٍ من التساؤلاتِ المحقّةِ والتبايناتِ المتشعّبة في الدّين و السياسةِ و الجنسِ و الموروثِ التقليدي و قيودهِ المتهالكةِ في مجتمعٍ غارقٍ في ثقافةِ التطبيعِ السلبيّ
روايةُ ” يوري إله السمكة السوداء ” من الروايات الجريئةِ ، التي تستحقُ أن نقرأَها و نقتنيَها في مكتباتِنا
روايةٌ صادرةٌ عن ” منشورات حواس ” بيروت
تقعُ الروايةُ في 200 صفحة من القطع الوسط أما لوحةُ الغلافِ فهي للفنان عبد الحليم حمود نفسه.