فيسك: آثار الحرب العالميّة الأولى الآن بلبنان وسوريا.. عن أيّ استقلال تتحدّثون؟
فقد أشار الكاتب إلى أنّ هناك صمتًا كاملاً حول الذين لقوا حتفهم خلال الحرب التي مرّ عليها 100 عام، فليس هناك أي ذكر للقتلى الذين ليس لديهم عيون زرقاء وبشرة زهرية، قاصدًا بذلك غير الأوروبيين، فلم يجرِ التطرّق للمجاعة التي أسفرت عن مقتل 1.6 مليون من العرب، إضافةً الى المعاناة من عمليات النهب، هؤلاء جميعهم غائبون عن الذكرى التي تحييها الدول الغربية. وقال فيسك: “ما هو مذهل أكثر هو أنني لم أجد أي ذكر لأكبر جريمة ضد الإنسانية في تلك الحرب، أي الإبادة الأرمنيّة عام 1915”.
وتطرّق فيسك إلى الوثيقة الرئيسية لتلك الحرب في الشرق الأوسط، قاصدًا بذلك وعد بلفور الذي دعم اليهود بتأسيس “وطن” لهم في فلسطين، علمًا أنّفلسطين كانت تضمّ أغلبية من سكانها ومن العرب في ذلك الوقت، كما سأل عن إتفاقية سايكس بيكو التي قسّمت الشرق الأوسط وخيانة الوعود بالإستقلال العربي، كما تطرّق الى الضابط البريطاني ألنبي الذي اشتهر بدوره في الحرب العالمية الأولى حيث قاد قوة للإستيلاء على فلسطين وسوريا، والذي استخدم قنابل الغاز للمرة الأولى في الشرق الأوسط خلال حملته الى القدس.
واعتبر فيسك أنّ تداعيات الحرب العالميّة الأولى ونتائجها الدمويّة لا تزال مستمرّة في الشرق الأوسط، مشيرًا الى أنّ الصراعات في المنطقة من سوريا الى العراق، وصولاً الى الأحداث الأخيرة التي اندلعت في غزة، وحتّى دول الخليج، كلّها تعود نشأتها الى الحرب العالميّة الأولى.
ولفت الى أنّ “سايكس بيكو” قسّمت العرب، كما أنّ تقسيم لبنان وسورياونظاميهما الطائفيين في الإدارة اخترعه الفرنسيون.
وأضاف فيسك أنّه بالنسبة للفلسطينيين الذين يستيقظون يوميًا بأجواء غير مريحة في مخيمات نهر البارد وعين الحلوة أو صبرا وشاتيلا في لبنان، فذلك بسبب “شطبة قلم” بوعد بلفور، وأوضح أنّ معاناتهم مستمرّة، ولذلك لا يمكن القول إنّ الحرب العالمية الأولى التي احتفل قادة العالم بذكراها قد انتهت، فهناك شعوبٌ تعاني من الآثار التي تركتها حتى اليوم، والحروب المندلعة في المنطقة هي نتيجة ذلك التقسيم.