موسم التعزيل السنوي.. إعصار يضرب أركان البيت

“بمناسبة يوم التعزيل السنوي، ومد السجاد، أقول: للشجاعة وجوه عدة ومنها جرأة التخلّي! الكراكيب لا دين لها.. صباح الفل يا هانم، الرجال لأ”، تغريدة حنان فرفور أحزنت المستخدم عبدالقادر خولي، فوالدته غدرته، ورمت ما هو غالي على قلبه عند تبديل منزلها، وزوجته غدرته ايضاً ورمت ما تبقى عند تبديل منزلهما، يعلق “بقي لي القليل مما كان موجوداً في مكتبي وهو بالنسبة لي بمكانة مومياء توت عنخ آمون المطلية بالذهب؛ لدى منظمة اليونيسكو”.

تستعد النساء مع بداية فصل الخريف لنفض وتنظيف الغرف، وإعادة ترتيب الأغراض والتخلص من الأشياء غير الهامة. في تعريفها للمعنى الحديث لحفلة التعزيل تغرد دلع المفتي معرّفة “أن أستخرج كل ما في خزائني من كراكيب. ألقي بها على الأرض، أعصب، أشتم نفسي، ثم لا أعرف ماذا أفعل بها”. وتختصر ميماس يوم التعزيل العالمي بأنه عبارة عن خمسة أحرف نظرياً، ولكنه عملياً هو عبارة عن إعصار يضرب أركان البيت، يمر بكل غرفة وزاوية، ولا يترك شيئا يعتب عليه.

“يوم بتكرهو كل العيلة”، بحسب حمامة السلام لينا، حيث تتقلد الأم منصب القائد الأعلى، والسلطة التنفيذية في هذا اليوم الطويل والعصيب، وعلى الجميع بذل الطاعة، “سطول مي، شبابيك مفتوحة، برادي بالأرض، الغسالة عم تلعلع، حتى البراد مطفي وعم يزرب لأنه كمان رح يلحقوا التعزيل.. الكل بيشتغل ومن تم ساكت.. أي كلمة تذمر كفيلة بزيادة الشغل للضعف”.

في يوم التعزيل العالمي، غالباً ما يخرج الرجل من المنزل باكراً، حتى يوفر على نفسه مشاهدة هذه الظاهرة الاستثنائية، بحسب تعليق للمستخدمة سلام “بيتكفل بالغدا يلي رح يجيبو جاهز، وبيعتبر نفسه أنه قام بالواجب وزيادة”، تعلق سلام.

حفلة التعزيل

“يستيقظ فريق المهام الخاصة بالتعزيل مع طلوع الضوء”، تعلق جومانة، وتبدأ المعركة بمناوشات ومناورات خفيفة بين جرجرة المفروشات وإخفاء الصمديات، ثم ينتقلن بعدها إلى المعدات الثقيلة مع خلطات غريبة ومعقدة للمنظفات، “هنا ست البيت تعلن رسمياً حظر التجوال، وتعطي أمر ببداية التعزيل، وبتنزل هي والجنرالات المساعدات بعملية فرك الحيطان، وما بترضى عن النظافة حتى تقشر الحيط.. بتوقف من بعيد وبترمق الحيط بنظرة عميقة، بتغمض عين وبتفتح التانية، مثل مخرجي السينما ابتسامة خفيفة، وهالابتسامة (هذه الابتسامة) هي علامة الرضا وكلمة السر للانسحاب التكتيكي للجهة المقابلة”. وبغض النظر عن الغرفة التي تقوم بتنظيفها، تنصح المستخدمة صولانج القيام بعملية التنظيف من الأعلى إلى الأسفل بحيث تقع الأوساخ والغبار من أسطح أعلى على أسطح منخفضة لم يتم تنظيفها بعد. 

ومع انتهاء المعركة حامية الوطيس، تضع الحرب اوزارها، وتنهد أكتاف كل سكان البيت وتنحل مفاصلهن، “لحظات راحة قليلة مع غروب الشمس، تنهيدة قوية، تستنشق فيها ست البيت ريحة النظافة”، تعلق دعاء “يخرب بيت التعزيل.. أنا بنت، وأنا ضد التعزيل”.

التعزيل الأقسى

لا بد أن يأتي يوم ونقوم بتعزيل ما تركه عزيز ورحل، إنه بالتأكيد التعزيل الأقسى. المستخدمة أسمى المهنا قامت بلملمة ما تبقى من ذكريات والدها الذي رحل مع بداية فصل الخريف، تألمت وبكت وابتسمت. في كل ورقة وكل شهادة وكل صورة وكل قطعة ملابس ذكريات لا تنتهي تفتح معها أبواب لا تملك مفاتيح لإغلاقها وتكون رفيقة كوابيسها الليلية.

باتت أسمى مقتنعة أنه من الأفضل أن “نرمي أغراضنا بأنفسنا ولا نكدس معها ذكريات تؤلم من نحب”. يوم التعزيل، وتفريغ الخزانة من ملابس أبيها الشتوية أوجعها كثيراً بحجم الذكريات التي تكمن في ثيابه، ثم تمنت لأبيها المغفرة “لروحك يا أبي الرحمة والمغفرة، ودعواتنا لك بحجم ذكرياتنا وبحجم ألمنا على فراقك” تعلق أسمى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى