التشابه الكبير بين فضيحتي أزمة التعاونيات وأزمة بنك انترا ومافيا اللصوص هي نفسها
منير فرغل
كتب مؤسس ومدير عام تعاونيات لبنان سابقاً منير فرغل على صفحته على الفايسبوك مقالة تحدث فيها عن أوجه الشبه بين تجربتي «بنك إنترا» و«تعاونيات لبنان» وتجربته في هذا المجال. وهنا نص المقال:
بنى رجل المال والاقتصاد العبقري يوسف بيدس بنك انترا الوطني وحوله الى امبراطورية مالية هائلة تملك عشرات الفروع في لبنان وفي اهم العواصم الاوروبية وفي الولايات المتحدة وامتلك عقارات في اغنى احياء هذه العواصم وبنى الشركات الصناعية مثل شركة لاسيوتا لبناءالسفن في فرنسا ويقال انه دخل شريكا في شركة داسو الفرنسية لصناعة الغواصات الحربية ويقال أيضاً أنه قدم العملة الصعبة للرئيس جمال عبد الناصر لمساعدته على استيراد القمح.
إن اسباب إنهيار هذا المصرف العملاق متعددة فالدول الغربية لم تكن راضية عن يوسف بيدس اللبناني العربي والفلسطيني المسيحي ان يصل الى هذا الحجم الكبير، وقامت بعض القوى المحلية بإثارة وشوشات كاذبة عن عجز المصرف ماليا في صفوف الاف المودعين الذين زحفوا لسحب اموالهم فجأة ولم تتخذ الدولة اللبنانية اي خطوة جدية للانقاذ. وهكذا انهار بنك انترا ووجهت الاتهامات الملفقة لمؤسسه بيدس الذي هرب الى البرازيل، حيث توفي إثر سرطان مفاجىء وغامض وكان في بداية الخمسينيات من عمره، وهكذا غاب رجل الوطنية والبناء وحل مكانه رجل المافيا واللصوصية روجيه تمرز الذي انشأ الشركات الوهمية المتخصصة بسرقة ونهب الاموال والعقارات ووزع الرشوات على بعض وجوه الفساد السياسي آنذاك.
اليوم وبعد 50 سنة على غياب يوسف بيدس فإن فئات لبنانية كبيرة لا تزال تعتاش من أمواله ولا تزال شركة انترا تلعب دوراً كبيراً حتى اليوم في إقتصادنا الوطني.
القصة نفسها المأساة نفسها تكررت في التعاونيات، إذ بادر مجلس الإدارة الشرعي إلى توسيع نطاق عمله التعاوني وافتتح 80 تعاونية استهلاكية وإنتاجية، كما لعب المجلس دوراً كبيراً جداً في مكافحة غلاء المواد الغذائية والاستهلاكية والدواء والاستشفاء والتأمين الصحي وأصبحت التعاونيات القوة الرئيسة في أسواق الاستهلاك، وأغدق كل المسؤولين في الدولة المديح والوعود بدعمنا وصدرت قرارات رسمية بهذا الدعم عن مجلس الوزراء مرات عدة، وأطلق التجار وعامة الناس الأوصاف على التعاونيات مثل الامبراطورية التجارية، وغول الاسواق، أما الدولة فاسمتها ملاذ الشعب اللبناني، وذراع الدولة القوي في الاسواق، وضابط الاسعار القسري، وتعاظمت قوة التعاونيات كثيرا بعد تسلمي رئاسة الاتحاد الوطني العام للتعاونيات والذي كان يضم مائة الف عضو.
إن قيمة التعاونيات الحقيقية كانت عام 2000 أكثر من 437 مليون دولار أي ما يوازي اليوم أكثر من مليار دولار وإن كانت الحملة على إنترا عبر الوشوشات فقط، فإن الحملات علينا كانت عنيفة جداً وبوسائل الاعلام وتتكلم عن عجز مالي كاذب في التعاونيات، وقامت الدولة بإقالة مجلس الادارة وإقالتي كمدير عام ومؤسس، حيث تعرَّضت لحملة تشهير شخصيَّة أعنف بكثير مما تعرض له يوسف بيدس، واستولى روجيه تمرز الجديد أي وليد شحادة على التعاونيات وهو صاحب شركة وهمية وهي المخازن الكبرى وراسمالها 3000 دولار فقط لا غير، وكان عائدا للتو من السعودية بعد إفلاسه هناك وكان يفتش عن عمل وكما حدث ببنك أنترا فخلال 18 سنة سرق شحادة وشركائه وحماته من السياسيين من التعاونيات التي زعموا انها مفلسة مئات الملايين من الدولارات وتابعوا اعمال النهب باستثمار بعض العقارات وبيع وتأجير بعضها الآخر ونهب الأموال الناتجة عن ذلك في أبشع إعتداء صارخ على الملكية الفردية لآلاف العائلات البيروتية وعلى أموالها الشخصية، وكذلك تم فرض حصار إعلامي عليها لمنع التداول بحقوقها بحيث يتم تصوير هذه العائلات وكانها مجموعة فقراء ومتسكعين، والحقيقة أن هذه العائلات المنكوبة قوية وستأخذ حقوقها كاملة وستلاحق هذه العصابة المجرمة، وهي لن تبقى طويلاً تنظر إلى أموالها كيف تنهب أمام عيونها وهي عاجزة، بحيث ينطبق عليها قول الشاعر
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول