شركات النفط تحوم بسفنها في المتوسط كسمكة القرش..

 ترتفع حدة التوتر في شرق البحر المتوسط حول النفط والغاز الراكد تحت المياه. وما التطورات الأخيرة إلا انعكاس للمياه المتعكرة في المنطقة. إذ وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 4 تشرين الثاني، بعض شركات النفط الأجنبية بأنّها “قطاع طرق في البحار”. وحذرها من تنفيذ أية أنشطة تنقيب قرب جزيرة قبرص، التي تسيطر تركيا على ثلثها الشمالي، وفق ما نشر موقع “المونيتور”.

وفي غضون ذلك، وقّعت قبرص والولايات المتحدة في 6 تشرين الثاني اتفاقية لتعزيز العلاقات الأمنية المشتركة، وفق ما جاء في صحيفة Financial Mirror ويتقد الصراع بين الجانبين منذ سنوات، وأصبح هناك خطر بأن تنفجر الأزمة، لا سيما في ظل إعلان بعض حكومات المنطقة حدود مناطقها الاقتصادية الخالصة، التي تتداخل فيما بينها. وذلك بعدما أعلنت تركيا أنها ستمسح شرق المتوسط بحثاً عن النفط.
وفي 17 تشرين الأول، أصدرت تركيا بياناً تنّوه فيه السفن في المنطقة بأنها ستجري عمليات مسح سيزمي في شرق البحر المتوسط اعتباراً من اليوم التالي وحتى الأول من شباط. وبالفعل في 18 تشرين الأول احتدمت التوترات العسكرية حول المصالح الاقتصادية في تلك المنطقة مع بدء سفينة “بربروس” التركية للحفر والأبحاث التنقيب عن النفط والغاز في مياه شرق البحر المتوسط. وأجرت السفينة عمليات استكشاف في المناطق التي أصدرت أنقرة بشأنها تصريحاً لشركة النفط الوطنية التركية TPAO إلى الشمال مباشرةً من مناطق الحفر التي أعلنتها قبرص. وحينها، اعترضت فرقاطة يونانية السفينة التركية، فهددت تركيا بالرد عسكرياً إذا وسعت اليونان نطاق مياهها في إيجه. 
وفي 10 تشرين الأول، اجتمع قادة مصر واليونان وقبرص اليونانية لمناقشة المناطق الاقتصادية الخالصة في شرق البحر المتوسط قرب جزيرة كريت اليونانية. وأكد القادة الثلاثة مجدداً التزامهم بالتنقيب عن الغاز قبالة ساحل قبرص.
ثم في 20 تشرين الأول، أعلن وزير الخارجية اليوناني السابق، نيكوس كوتزياس استعداد بلاده لتوسيع مياهها الإقليمية من 6 أميال بحرية إلى 12 ميلاً بحرياً في البحر الأيوني؛ ما سيوسع نطاق السيادة البحرية اليونانية غرباً. وكشف كوتزياس أيضاً أنَّ وزارة الخارجية تحضّر لإعلان مد السيادة اليونانية إلى مسافة 12 ميلاً بحرياً حول جزيرة كريت. وأثار هذا الإعلان غضب أنقرة.
وتحولت منطقة شرق البحر المتوسط إلى مشكلة دولية. ففي 28 تشرين الأول 2018، أفادت وسائل إعلام تركية بأنَّ طائرات “إف-16” تركية تصدت لطائرات حربية بريطانية كانت تُجري عمليات استطلاع قرب سفينة بربروس. لكن قبرص مستمرة بدعم من شركات أميركية.
وتوشك المفاوضات حول مد خط أنابيب الغاز الطبيعي المعروف باسم “إيست ميد” على الانتهاء، ويؤيد الاتحاد الأوروبي هذا المشروع باعتباره وسيلة لتنويع موارده من الطاقة. إذ سينقل خط الأنابيب، الذي سيمتد عبر مناطق برية وأخرى بَحرية، الغاز الطبيعي من شرق البحر المتوسط إلى اليونان عبر قبرص وكريت. ثم سيُنقل الغاز عبر خطوط أنابيب أخرى إلى إيطاليا ودول أخرى جنوب شرقي أوروبا.
وعززت مشاركة شركتي “توتال” و”إيني” في عمليات التنقيب صحة التوقعات بأنَّ الغاز الطبيعي المُنتَج من حقلي ليڤياثان وتمار الإسرائيليَّين، وحقل ظُهر المصري، وحقل أفروديت في جنوب قبرص، سيصبح مورداً بديلاً للاتحاد الأوروبي. لكنّ المشكلة الجوهرية أنَّ تركيا خارج هذا المدد.
وتتعاون هذه الدول الثلاث في مجال الطاقة، لكنّ المشكلة الجوهرية هنا هو أنَّ تركيا لم تشارك في هذا التعاون، نظراً إلى اعتراضها على حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة التي أعلنتها قبرص. وترفض تركيا الاتفاقيات التي أبرمتها قبرص مع مصر ولبنان وإسرائيل حول تعيين الحدود البحرية، معللة ذلك بأنها تنتقص من حقوقها.
ويرى بعض الخبراء أنّه كان على تركيا إعلان حدود منطقتها الاقتصادية بدلاً من محاولة تكوين موقف يستند إلى حدود الجرف القاري.

المصدر: عربي بوست

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!