الأمومة تنتصر على ذكورية المحاكم الجعفرية
بعد سنوات في مواجهة ظلم المحكمة الجعفرية، والاصطدام بـ”عِتْق” قوانينها وقلة إنسانية القيمين عليها، نجحت الأم ريتا شقير، التي تحولت قضيتها إلى قضية رأي عام، في انتزاع حق حضانة ابنها آدم (ست سنوات)، الذي كان قد رفض مرتين الذهاب مع موظف المحكمة إلى أبيه.
قسمة عادلة
وحصل الاتفاق ظهر يوم الأربعاء، بحضور ورعاية رئيس دائرة التنفيذ في بلدة جويا القاضي ريشار السمرا، والمحاميين حسين يحيى ونجيب فرحات ممثلا الطليق وطليقته، على أن يكون الطفل مع الأم خمسة أيام في الأسبوع، ومع والده يومين فقط. وبناء عليه، تقرر وقف تنفيذ قرار الحبس لثلاثة شهور الصادر بحق ريتا شقير.
وشهدت قضية ريتا وآدم تضامناً شعبياً كبيراً من قبل “سكان” مواقع التواصل الاجتماعي، وضغطاً إعلامياً للوصول إلى حل عادل. ويبدو أن انتصار الشابة الشيعية، قد يفتح الباب واسعاً أمام بعض الإصلاحات، التي باتت واجبة في قوانين المحاكم الجعفرية.
فتوى فضل الله
ويرى عماد فاضل أحد منظمي حملة #الأمومة_مش_جريمة، بالتعاون مع ريتا وجيهان جزيني والمحامي نجيب فرحات، أن المحكمة الجعفرية في لبنان يجب أن تعدّل قسماً كبيراً من قوانينها، خصوصاً أن بعض الحالات تحتاج فقط إلى لمسة إنسانية وقليل من الاجتهاد.
ويوضح في حديث لـ”المدن” أنه يجب رفع سن الحضانة في الطائفة الشيعية، إسوة بباقي الطوائف، وتفعيل طلاق الحاكم الشرعي الذي يخدم المرأة كثيراً، خصوصاً في الحالات التي تتعرض لها بالضرب والاهانة والتعنيف من قبل الزوج.
ويشير هنا إلى أن هذه الفتوى اعتمدها العلامة محمد حسين فضل الله، لكن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى لم يكترث لها ولم يُفعّلها، لأنه يعود في فتاويه إلى المرجع علي السيستاني، علماً أن بعض الحالات العالقة في المحاكم الجعفرية اللبنانية يتم البت بها من العراق.
فنانون وسياسيون
ويقول فاضل أن الحملة التضامنية التي نفذها مع زملائه، وإنشاء صفحة “المرأة والقضاء اللبناني” عبر “فايسبوك”، ساعد بالوصول إلى الحل، خصوصاً أن ثمة فنانين وسياسيين أيدوا القضية، إضافة إلى الوقفات التضامنية الكثيرة التي أيدت حق حضانة ريتا لآدم. ويوضح أن الحلول كانت موجودة منذ بداية تلك الأزمة الأسرية، لكن عناد الزوج وتعنته لم يوصلانا إلى حل، وظل متمسكاً بقرار المحكمة التي حكمت لصالحه وظلمت ريتا وابنها.
وبعد صدور الحكم لصالح الأب اختفت ريتا عن الأنظار مع إبنها لفترة في مكان آمن.
وفي خضم هذه المعمعة الإعلامية والتنقل بين المحاكم، لم يع أحد أن آدم بات بحاجة إلى ترميم حالته النفسية والعودة مجدداً إلى الحياة الطبيعية وأجواء الدراسة.
وقفة الشقيق
ورفض شقيق الطليقة فيديل أن تكون أخته مجرد “حلقة” من مسلسل الظلم الذي تتعرض له أمهات لبنان، من قبل المحاكم الروحية التي تزهق الأرواح. ويقول في بيان نشره على “فايسبوك” دعماً لأخته: “أرفض أن تُعالج مشكلة ريتا في نطاق أسري بعيداً من الإعلام و”الفضائح”، كما يسمونها أو في إتفاقية ما. لا فضيحة في الحق. أرفض جهوراً بغيّ الطوائف ونظامها الأبوي القاتل. أرفض علاك الإعلام المطبّل للقوى السياسية والدينية على شماعة الأخطاء الفردية لأي زوجين”.
لم ترتكب ريتا جنحة أو جناية، جريمتها الوحيدة أنها أم بقلب كبير في مجتمع يعج بذكورة زائفة.