ستون سنة مرّت على سفر زوجها من كفرشوبا ولم تعرف مصيره
رحيل بلا عودة
على شرفة صغيرة في الطبقة الارضية من مبنى “مشوّه” في حي يعتبر امتداداً لمخيم الداعوق كانت تجلس سعيدة التي لم تعرف السعادة يوماً، قهر الزمن خلّف على وجهها تجاعيداً تروي قصة امرأة اصابتها التخمة من مرارة الكأس التي اجبرت على احتسائها، في غرفة الجلوس جلسنا، لا بل الاصح في الغرفة الوحيدة التي يتألف منها بيت ابنتها أعادت سعيدة شريط ذاكرتها الى الوراء الذي كانت فيه شابة، لا تتذكر بالتحديد كم كان عمرها حين ارتبطت بزوجها، لكن الأكيد انه كان زواجاً تقليدياً، وقالت: “رزقت منه بابنتي، عندما بلغت الاربع سنوات من عمرها، تحمّس زوجي كما باقي ابناء المنطقة على السفر الى البرازيل، بحجة ان الزراعة اتعبته، وبالفعل تركني وصغيرتي ورحل، من دون ان يفي بوعده الى يومنا هذا بعودته”.
لتأمين أبسط الحقوق
منذ سفر زوج سعيدة انقطعت اخباره، وقالت: “حاولت بداية ان اعرف مصيره هل وصل الى وجهته ام لا، لكن حتى أهله عجزوا عن ذلك، لنعلم بعد فترة من السفارة انه دخل الى البرازيل من دون ان يغادرها، بدأت الزراعة كي اعيل ابنتي، وعندما نشبت الحرب اضطررت لمغادرة بلدتي الى مرجعيون ومن هناك وصلنا الى هذا المخيم قبل نحو 40 سنة، عملت في تنظيف البيوت كي اؤمن قوت يومنا، وعلى الرغم من تقدم العديد من الرجال للزواج بي الا اني رفضت كي لا يتحكّم احد بابنتي”. واضافت “كبرت صغيرتي، تزوجت ورزقت باولاد، توقفت عن العمل لتبدأ هي المهمة، ربيت لها صغارها اثناء دوامها خارج البيت، واليوم اعرف ان ايامي معدودة اعيشها وكل املي ان اتمكن من الطبابة حين احتاج لذلك، فأنا لست مضمونة، اعاني من الضغط وضعف في السمع والنظر، الا نستحق نحن كبار السن ان تؤمن لنا دولتنا ابسط حقوقنا”؟!
ضيق الحال يدفع ابنة سعيدة الى علاج والدتها في جمعية صحية، وقالت: “كل ما نطلبه بطاقة صحية لها، كي نتمكن من ادخالها الى المستشفى حين تحتاج لذلك”، وفي سؤال سعيدة عن الذي ينقصها اجابت “كل شيء، وفي الوقت نفسه لا يعنيني اي شيء، فلم يبق لي من هذا العمر الا القليل”.