في الذكرى الـ94 لتأسيس الحزب الشيوعي اللبناني
هي مسيرة حزب وشعب، لم يتوان الشيوعيون اللبنانيون عن السير في ركابها، لا بل كانوا متقدّمين الصفوف فيها، وفي التمسك بخيار المقاومة لمواجهة المشاريع الإمبريالية في المنطقة، باعتبار التحرير والتغيير مساراً واحداً موحداً؛ شكلت القضايا الوطنية والقومية وفي المقدمة منها قضية فلسطين، بوصلة واضحة لتحديد طبيعة الصراع في العالم: بين إمبريالية متوحشة تنهب الشعوب وتقهرها، تدس أصابع حقدها لتنهب خيراتهم وتصادر أحلامهم بالتحرر الوطني، تحمي العدوان وتدعمه، وبين من أخذ مسار التحرر والتحرير وجهته وخياره ودرب نضاله. فكانت تلك البوصلة التي نشأ عليها وباتجاهها الوعي الثوري الخالص من أي شوائب، فكان عليهم أن يفتحوا مسار الشهداء باتجاه فلسطين، وليفتحوا مسار المقاومة العربية الشاملة، من متطوعي القتال في فلسطين مع بداية نكبتها إلى الأنصار فالحرس الشعبي وصولاً إلى جمول… كمسيرة واجب قومي ووطني، يجب أن تبقى حاضرة، ما دام المشروع الأم، المتمثل اليوم بالمشروع الإمبريالي الأميركي، موجوداً في المنطقة. والمطلوب اليوم أن تتوحد مختلف الجهود والقوى في مواجهته، من دون مواربة أو أعذار؛ فحيث هناك احتلال وجبت المقاومة، وحيث هناك سيطرة وهيمنة وجبت المواجهة. فلتكن هي دعوة واضحة وصريحة.
ومن جهة أخرى، فإن الأمراض التي يعانيها شعبنا، من فقر وفساد وتخلف وفقدان للعدالة الاجتماعية وغيرها…، ليست مرتبطة بطبيعة النظام السياسي الطائفي الحاكم وسياساته الاقتصادية والاجتماعية التابعة فقط، لا بل هي أيضاً، نتاج ذلك المشروع الأم الإمبريالي التفتيتي للمنطقة نفسه، والقائم على فرض علاقات الاستتباع والهيمنة والنهب، والذي لا تزال حلقاته مستمرة واحدة بعد الأخرى ولو تغيّرت أشكالها. إن تمتين موقف الحزب من تلك القضايا، والتي تهمّ أكثرية المواطنين، يتطلب، العمل على تعزيز الحالة الاعتراضية المواجهة لهذه السلطة، ولسياسات الاحتكار والنهب والتبعية المذلَة للخارج، التي تنتهجها، عبر إملاءات الهيئات الدولية التي تدور في فلك الغرب الإمبريالي، من أجل توحيد طاقاتها وصفوفها، على أساس موقف سياسي مُعلن وواضح، في وجه هذا النظام السياسي الحاكم والمتحكم بكل مفاصل البلد، والمدعوم باصطفاف مذهبي واسع. إن التصدي لكل تلك القضايا، يتطلب جهداً وعملاً وبرنامجاً سياسياً وتحالفات، لأن المواجهة، بطبيعتها، سياسية، متنوعة وشاملة في كل ميادين العمل الوطني والسياسي والنقابي والبلدي.
هناك الكثير من القضايا والتعقيدات مطروحة اليوم على الساحة اللبنانية: فتشكيل الحكومة، وما يرافقها من مزاد علني على الحصص ونوع الحقائب و «الفيتوات»، ولغة التخاطب السياسي المُذلّة بين بعض أفرقاء السلطة، يعكس حقيقة وطبيعة النظام الحاكم وقواه. هذا الواقع مرشح للتفاقم، حتى وإن شُكّلت الحكومة، إلّا أن هناك قضايا أخرى ستعود لتُشكّل موادّ جديدةً للسجال السياسي الداخلي: البيان الوزاري، والتهديدات الصهيونية المتكررة والموقف منها، الفساد السياسي وكيفية مواجهته، المحاصصة في الوظائف، الفقر المستشري، البطالة المتصاعدة، العقوبات الاقتصادية والمالية التي تفرضها الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية والعربية، شروط مؤتمرات باريس والجهات المانحة والتي ستفرض مزيداً من التخلي عن القطاع العام ومزيداً من الضرائب، إضافة إلى التدخل الأجنبي الواضح في كل القضايا السياسية والاقتصادية والعسكرية، ربطاً بالصراع الدائر في المنطقة، إضافة إلى ملف النازحين…
ونحن نحيي عيد التأسيس، فلنتمتع بالقدر الكبير من المسؤولية، والتي دفع ثمنها وثمن خياراتها آلاف الشيوعيين واليساريين والوطنيين اللبنانيين والعرب حياتهم لتبقى حية. هي مناسبة لنؤكد استمرارنا في تطوير هذا الحزب وتجديده، ليعود، رافعة للعمل المقاوم، من الموقع الوطني والقومي الشامل. هذا الحزب الذي قدّم أمينين عامّين شهداء، وشهداء على مساحة الوطن؛ مقاومين ومناضلين في وجه الاحتلال ومنع التقسيم، شهداء للكلمة الحرة والفن والإبداع، شهداء للفكر والثقافة، وشهداء للدفاع عن قضايا العمال والمزارعين والفقراء، هذا الحزب لن ينحني ولن يُكسر، والمحافظة عليه لن تكون إلّا بتطويره، ونحن على أبواب المؤتمر الـ12، والذي نأمله بأن يكون على قدر تلك المهام المطروحة أمامه. وما من شك، بأن الشيوعيين لن يكونوا إلّا الدرع الصلبة في الدفاع عن حزبهم وشعبهم ووطنهم.
المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني
تدعو قيادة الحزب الشيوعي اللبناني الشيوعيين إلى الاحتفال بالذكرى الرابعة والتسعين لتأسيس الحزب وإطلاق النشاطات والاحتفالات في كل المناطق، كما تدعو إلى أوسع مشاركة في المهرجان السياسي المركزي الذي سيقام في سينما الكونكورد يوم الأحد الواقع فيه 28/10/2018 الساعة الحادية عشر قبل الظهر