سوريا لن تُفرجنا وديوننا 83 مليار دولار .. “فايننشال تايمز” تكشف مصائب لبنان الإقتصادية
ترجمة: سارة عبد الله
بعنوان “الصراع في سوريا يؤدي إلى تفاقم الضعف في الاقتصاد اللبناني”، نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية مقالاً تحدّثت فيه عن تأثير الحرب الدائرة في سوريا على الوضع المالي في لبنان، لا سيما مع تدفق أكثر من مليون سوري عبر الحدود الى لبنان.
ورأت الصحيفة أنّ المقاولين في لبنان يُدركون كيف يستفيدون من الأزمة، إذ لديهم تجربة بإعادة بناء البلاد بعد الحرب الأهلية، وكانوا يتوقعون ربحاً مماثلاً بعد نهاية القتال في سوريا المجاورة، لكن خططهم أحبطت.
وقال مارون الحلو، رئيس نقابة مقاولي الأشغال العامة والبناء “يعتقد الجميع أنّه تمّت تسوية الأزمة السورية”، إلا أنّ الصحيفة عادت ولفتت الى أنّه مع مستقبل غير محسوم لسوريا واستمرار الجهود الدولية لتفادي معركة دامية في محافظة إدلب، أصبح الحلو أقل تفاؤلاً الآن، وأردف قائلاً: “أعتقد أننا سوف نتأخر سنة أخرى أو أكثر”. كما دعا المعنيين الى إطلاق العملية اللازمة للحصول على الـ11 مليار دولار التي قدمها المجتمع الدولي خلال مؤتمر “سيدر” في باريس.
وتابعت الصحيفة أنّ سوريا تشكل عبئاً على الاقتصاد اللبناني، مما يزيد من مجموعة المشاكل التي تعوق نموه، فقد أعاقت الحرب السورية التي دامت سبع سنوات التجارة عبر الحدود، ودفعت أكثر من مليون لاجئ إلى لبنان، وعرقلت مجيء السياح الأجانب. ونقلت عن صندوق النقد الدولي أنّ إجمالي نمو الناتج المحلي الذي وصل إلى أرقام مضاعفة قبل عقد من الزمن تقريبًا من المتوقع أن ينخفض إلى 1 أو 1.5 في المئة هذا العام.
ومع المأزق السياسي في لبنان، يحذر العديد من الاقتصاديين من أن لبنان معرض لخطر التخلف عن سداد ديونه العامة المتضخمة البالغة 83 مليار دولار، أي ما يعادل 150 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبنان، وهو ثالث أعلى معدل في العالم.
وقال ديبلوماسي غربي للصحيفة: “لقد دفعت قضية النازحين السوريين لبنان نحو أزمة اقتصادية حتمية”.
من جانبه، يلقي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اللوم في المشاكل الاقتصادية على أزمة اللاجئين السوريين والحروب في الشرق الأوسط، بحسب الصحيفة التي أوضحت أنّ البنك الدولي قدّر أن الأزمة السورية كلفت لبنان ما يقرب من 3 في المئة من نمو الناتج المحلي الإجمالي في عام 2014 وأن النازحين أضافوا 1.1 مليار دولار إضافية لتكاليف الدولة اللبنانية بين 2012-2014.
ويشير سلامة إلى “التوترات السياسية” في المنطقة وكذلك في بيروت، حيث حال المأزق السياسي بشأن تشكيل الحكومة دون إجراء إصلاح حقيقي. وقال سلامة: “لبنان بحاجة إلى حكومة لتنفيذ الإصلاحات لتعزيز الثقة عبر وقف توسيع القطاع العام ودعم القطاع الخاص”. كما أعرب سلامة عن أمله في أن يؤدي الحلّ السياسي إلى رفع العقوبات في سوريا، والتي شكلت تحديات للمصارف على المستوى الإقليمي.
وأضافت الصحيفة أنّ صندوق النقد الدولي دعا لبنان إلى خفض الإنفاق العام من أجل تثبيت عجز الميزانية، لا سيما وأنّه يتم إنفاق ما يقارب الـ40 في المئة من الإيرادات الحكومية على رواتب القطاع العام، وبحسب وكالة موديز، فإن 40 في المئة تنفق على خدمة الديون المترتبة على لبنان.
وفيما تلوح أزمة اللاجئين السوريين في الأفق. انضمّ لبنان إلى روسيا التي لعبت دوراً حاسمًا في الحرب لصالح الحكومة السورية، من خلال السعي لإقناع الدول الأوروبية بدعم الجهود الرامية إلى إعادة اللاجئين إلى سوريا وتمويل إعادة الإعمار، وفقاً لدبلوماسيين غربيين وثلاثة مسؤولين لبنانيين.
إلا أنّ المانحين الاوروبيين الأساسيين رفضوا المشاركة بإعادة الإعمار ريثما يمّ تأمين عودة آمنة للنازحين أو إثبات وجود عملية سياسية في سوريا.
توازيًا، نقلت الصحيفة عن وزير الإقتصاد رائد خوري قوله إنّ المصارف تعتمد بالفعل على دخول النقد الأجنبي، مضيفًا: “يعتمد نظامنا النقدي على التدفقات المستمرة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في القطاع المصرفي والحفاظ على هذه التدفقات يعني زيادة أسعار الفائدة، للحفاظ على عمل هذا النظام”.
ولكن بدون إصلاح مالي وإقتصادي هادف، يخشى الكثيرون من أن يستمر اقتصاد لبنان بالتأرجح على حافة الهاوية. وقال النائب ياسين جابر، الذي كان وزير اقتصاد بوقت سابق: “الأمر أشبه بالقيادة على طريق سريع وفقدان المخارج”، مشددًا على أنه “يجب أن نتجنب الوصول إلى طريق مسدود قبل أن يفوت الأوان”.
وختمت الصحيفة التقرير بالإشارة الى أنّ المصرف المركزي اتبع منذ عام 2016 هندسة مالية غير تقليدية للحفاظ على ربط الليرة اللبنانية بالدولار الأميركي، وزيادة احتياطيات العملة الأجنبية، وتخفيض تكلفة تمويل ديون الحكومة اللبنانية.