ذلك اليوم العصيب في تاريخ الجمهورية…

اللواء

سألني شاب في الثلاثين من عمره عن يوم ١٣ تشرين ١٩٩٠، وعمّا انتهت عليه أحداثه، ولماذا يحتفل به التيار الوطني الحر، وكأنه يوم تأسيسه، أو كأنه عيد ميلاد مؤسسة. 
بصراحة، شعرت بشيء من الحيرة قبل الرد على هذا التساؤل «الفضولي»، من خريج جامعي لا يعرف الكثير عن تاريخ وطنه، ولا عن الأزمات والحروب التي دفع البلد، من زهرة شبابه، وخيرة ضباطه، أثماناً باهظة لها.
 وحاولت، قدر الإمكان تقديم رواية تاريخية موضوعية لذلك النهار العصيب في تاريخ الجمهورية، بدءاً من المرحلة التي تلت اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب العبثية، ومعارضة العماد ميشال عون لهذا الاتفاق، ورفضه الاعتراف بنتائجه، سواء لجهة وقف النار وإنهاء المعارك، أم لجهة انتخاب رئيسين للجمهورية: الأول الرئيس رينيه معوض الذي سقط شهيداً بيد الغدر في يوم الاستقلال عام ١٩٩٠، والرئيس الياس الهراوي الذي قاد البلاد في المرحلة الانتقالية الصعبة، وكان يوم ١٣ تشرين أحد مفاصلها الأساسية.
جاء رفض العماد عون لاتفاق الطائف من موقعه كرئيس لما تبقى من «الحكومة العسكرية»، بعدما استقال نصفها الإسلامي، فور الإعلان عن تشكيلها، ومن خلال وجوده في قصر بعبدا، الذي اتخذه مقراً له بعد انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل، وحصول أول فراغ رئاسي إبان الحرب.
مضت سنة تقريباً على انتخاب الرئيس الهراوي، وهو ما زال مُهجّراً في مقر مؤقت لرئاسة الجمهورية في الرملة البيضاء، ولم تنفع محاولات التفاوض مع العماد عون للاعتراف بالشرعية الجديدة، وإخلاء قصر بعبدا، ليعود مقراً لرئاسة الجمهورية الشرعية والدستورية، وبعد استنفاد كل المحاولات التفاوضية السلمية بلا طائل، قرر الرئيس الهراوي استخدام القوة لاستعادة المقر الرئاسي، مستعيناً بالقوات السورية، التي خاضت معركة لا هوادة فيها، سقط ضحيتها المئات من ضباط وجنود الجيش اللبناني الذين كانوا في إمرة العماد عون، وتعرّض القصر الجمهوري لقصف جوي، اضطر على إثره العماد عون للجوء إلى السفارة الفرنسية، كما تعرّضت مباني القيادة العسكرية في اليرزة إلى قصف مماثل، ودخلت مجموعات من القوات السورية إلى أهم مركزين رمزيين في تاريخ الوطن، واعتقلت العديد من كبار الضباط ومساعديهم، تم تحريرهم لاحقاً بتدخل مباشر من الرئيس الهراوي مع الرئيس حافظ الأسد… وبعد أشهر من التفاوض مع باريس تقرر خروج العماد من السفارة الفرنسية إلى المنفى الطوعي في فرنسا.
وسألني الشاب بعفوية: لماذا إحياء ذكرى هذا «اليوم العصيب»؟
قلت محاولاً التفلت من الإحراج: الجواب ليس عندي! 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!