الجنوب: انتشار رياضة الفروسية او ازدياد الأندية؟

صفاء عيّاد – المدن

تُعرف رياضة الفروسية في لبنان بأنها حكر على الميسورين والأغنياء، نظراً لكلفتها الباهظة. لكن، مع انتشار نوادي الفروسية، باتت هذه الرياضة متاحة لمن لا يملك امكانيات مادية مرتفعة. ففي جنوب لبنان يوجد نحو 4 نوادي للفروسية، بعضها طور نفسه ليجذب الهواة إليه ومن يرغب في التعلم، وبعضها مقتصر على اسطبل للأحصنة وحلبة، يتردد إليه من تمرس وأصبح فارساً فحسب. 

استطاع نادي الجميل في العباسية، الذي لم يتجاوز عمره 9 أشهر، استقطاب العديد من الهواة وأشخاصاً يسعون إلى تعلم هذه الرياضة حتى لو تقدموا في العمر. فالنادي مشروع سياحي رياضي لعشاق الطبيعة. وهو لا يتوجه حصراً إلى محبي الخيل، كونه يضم حديقة حيوانات وعدداً من الملاعب، ومنظم بطريقة احترافية وجذابة. ينظم النادي حصصاً تدريبية بين النظرية والتطبيقية للذين يرغبون في تعلم الفروسية مقابل 200 دولار. أما من يود أن يجول لمدة ساعة على الخيل ولا يحتاج إلى تدريب، فيدفع 20 دولاراً. 

تعتمد أغلب النوادي على الموسم الصيفي، لتحقيق ربح مادي. فالخيل يُشكل عامل جذب للمغتربين، وتوفر النوادي بالقرب من بلداتهم يسهل عليهم التردد إليها طوال العطلة الصيفية، وفق صاحب النادي الدكتور علي الكويس. 

فئات عديدة تتردد إلى النوادي. مثلاً، عادت زهراء جابر (24 عاماً) من بلدة قانا الجنوبية منذ فترة قصيرة إلى التدرب على الفروسية. وتقول إنها تعلقت بهذه الرياضة منذ صغرها وتتلمذت على يد خالها الذي كان فارساً، لكن بعد تعرضه لحادث، منعتها والدتها من ممارستها. لكن، حين سمعت بوجود ناد في العباسية، كانت من أوائل المنتسبين. 

يعلمك الحصان القوة، التحدي، الحب والاحساس. هي صفات تختصر بها زهراء علاقتها بالحصان، نظراً لتمتعه بذكاء حاد وإحساس رفيع مفعم بالحيوية والنشاط. تتدرب زهراء ثلاث مرات أسبوعياً، تبدأ بصفوف نظرية لمعرفة تفاصيل عن الحصان وحياته، مأكله ومشربه، وكيفية الاعتناء به وبعض التقنيات النظرية للتعامل معه. أما الصفوف التطبيقية فهي في الحلبة، وتكون جماعية بين عدد من المتدربين لا يتجاوز عددهم الثلاثة أو الأربعة. 

حلم الأهل الذي لم يتحقق بممارسة هذه الرياضة، تراه بتشجيعهم أطفالهم على التمرس بها، وبدء تعلمها من عمر 6 سنوات، كحال رانيا شومان، التي تشجع أطفالها الثلاثة على التدرب في أحد نوادي الفروسية في زفتا. لا تمل من ايصالهم أو انتظارهم حتى انتهاء الحصة. “هدفي أن أعزز شخصياتهم وثقتهم بأنفسهم، والخيل يعد من أفضل الوسائل لتحقيق ذلك”. 


يرى معظم الأهالي الذين ينتظرون أطفالهم أن اشراكهم في نشاطات رياضية، حتى لو كانت مكلفة مادياً، أفضل من أن “يقضي الأولاد أوقاتهم باللعب على الايباد والتلفون”. ويتفق كُثر على أن هذه الرياضة تريح الذهن وتزيد الثقة بالنفس، والقدرة على التكيف مع الظروف المعقدة وتخفف مشاعر الوحدة، ناهيك عن راحة الإنسان النفسية والجسدية وشعوره بالفخر والاعتزاز. أما هواة صور السيلفي، فهم أبرز رواد نوادي الفروسية، وكذلك تصوير الأطفال على الحصان القزم أي poney، وهي مجانية بالطبع.

يشكو علي شومان، الذي يدير نادي الفروسية في زفتا، من تراجع رواد هذه الرياضة وحتى المهتمين بشراء الخيل، ويتخوف من اختفائها. لكن، الكويس يرى أن اللعبة بحاجة إلى البحث عن أبطال وهواة جدد، وهي نوع من الشغف الذي لا يمكن أن ينطفئ، رغم أسعار الخيل الباهظة. فالنوادي تسهل التعليم وتقدم بديلاً من شراء الخيل، لمن لا يملك قدرة مادية لشرائها. وفي رأيه، تردد 30 متدرباً على النادي باستمرار هو إنجاز بعيداً من الربح المادي. فالهدف هو أن يبقى لهذه الرياضة روادها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!