هستيريا على طرقات لبنان ضحايا حوادث السير اضعاف ضحايا الحروب
تشهد الطرقات في لبنان حوادث يومية. وفي آخر إحصاء لــ “الدولية للمعلومات” بلغ عدد قتلى حوادث السير حتى نهاية شهر آب 2018، 560 قتيلاً. هذا الرقم مرجّح للارتفاع مع بلوغنا نهاية العام. لماذا؟
هل يعلم قارىء هذه المقالة أن عدد قتلى حوادث السير سنوياً يعادل نصف عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على لبنان في العام 2006؟ أليس هذا إجرام بحق عائلاتنا وبلدنا؟
تحاول الجهات المختصة من وقت إلى آخر التشدد في تطبيق قوانين السير، وهذا ما يظهر في انخفاض عدد قتلى الحوادث بين عام وآخر. إذ بينما بلغ 657 قتيلاً في العام 2014، إنخفض في العام 2015 إلى 576، لكن المتوسط لم يزل على حاله.
هذا في ما خص عدد القتلى، لكن يبدو أن نسبة الحوادث شبه مستقرة على المستوى نفسه، إذ تخطت في مجملها 4 آلاف حادث سير إلا في العام 2017 حيث انخفض إلى نحو 3500 حادث سير.
أما عدد الجرحى الذي كان يتجاوز 6 آلاف جريح، لم ينخفض إلا في السنوات الأخيرة بمستوى الف جريح حتى العام 2017.
يبدو أن الجهات التي يقع على عاتقها تطوير أنظمة السير ومراقبة تنفيذها، نجحت رغم كل الصعوبات، في خفض نسبة الحوادث وبالتالي القتلى والجرحى. لكن من المؤكد أن المسؤولية وعلى على المستوى ذاته تقع على المواطن اللبناني نفسه.
إذ مهما بذلت القوى الأمنية جهدها في مراقبة الطرقات ومخالفات السرعة وحزام الأمان واستخدام الهواتف المحمولة اثناء القيادة، يبقى أن على اللبنانيين الالتزام بسلامة الحيّز العام والمشترك الذي يخص الجميع. ذلك أن لا مبالاة البعض وفوضاهم هي التي ينتج عنها حوادث السير القاتلة.
فالإشارات موجودة على أغلب الطرقات محددة السرعة القصوى المسموح بها وإرشادات أخرى للحفاظ على أكبر قدر من السلامة المرورية. لكن بمجرد أن يشعر بعض المواطنين بأن “الرادار” غائب عن الطريق التي يسلكها حتى يرخي العنان للسرعة والتهور في القيادة. فهل على السلطات أن تنشر “رادارات” على كل الطرقات بما فيها الأزقة؟
هذا ليس حلاً أبداً، إذ على اللبناني أن يعي أن الطريق هي مكان عام لا يخصه وحده، بل يتشاركه مع غيره من الناس، وبالتالي فإن “جنونه” الذي يمارسه على الطرقات لا يعود ضرره عليه هو فحسب، بل على آخرين سواء ممن يقودون سياراتهم أو دراجاتهم، وحتى المارة.
فهل يعلم هذا اللبناني أن جزءاً من جرحى حوادث السير يفضلون الموت على البقاء أحياء وهم مصابون بإعاقات شتى دمرت أحلامهم ومستقبلهم؟
إضافة إلى ما سبق، تجدر الإشارة إلى طرف ثالث لا تقل مسؤوليته عن مسؤولية القوى الأمنية والمواطن. وهي السلطات الحكومية الملزمة بالمساعدة في تأمين كل ما يلزم للوصول إلى أكبر مستوى من السلامة العامة. إذ من غير المعقول أن نضع الحق كاملاً على السائق في وقت الطرقات السريعة تكون مظلمة نتيجة انقطاع الكهرباء عن أعمدة الإنارة، وكذلك غياب جسور المشاة التي تدفع ببعض المارة لاجتياز الطريق إلى الجانب الآخر اختصاراً للمسافة.