“الفيروس القاتل” المسبب لشلل الأطفال أمل محتمل بعلاج سرطان الدماغ!
صحيفة “نيو إنغلاند” للطب نشرت دراسة عن الإختبار الذي أنجزه علماءُ في المجلس الأميركي للعلم والصحة، تقول إنّ طريقة العلاج الجديد تستفيد، بطريقة إيجابية، من “سميّة الخلايا” المصابة بفيروس شلل الأطفال (Polio).
وأثبتت الدراسة أنّ المصابَ بسرطان الدماغ قد يعيش لمدّة أطول في حال تمّ حقنه بفيروس شلل الأطفال، ما يوحي بأنّنا على مشارف اختراع طريقة علاج جديدة لمرض سرطان الدماغ.
فيروس مرض شلل الأطفال يهاجم الأورام الخبيثة
وتشير الدراسة إلى أنّ مجموعة من الإختبارات أجريت على 61 مصاباً بسرطان الدماغ، وتمّت مقارنة حالتهم الصحية بحالات 104 آخرين لم يخضعوا لأي علاج.
في المحصّلة، خلُصت الدراسة إلى أنّ 21 بالمئة من المرضى البالغ عددهم 61 (أي الذين تمّت معالجتهم بفيروس البوليو) عاشوا أكثر من 36 شهراً، بينما تمكّن 4 بالمئة فقط من الذين لم يخضعوا لعلاج من البقاء على قيد الحياة للمدة الزمنية نفسها (36 شهراً).
لا بل أنّ هؤلاء الـ 21 بالمئة من المرضى الذين تمّ علاجهم، تمكنوا من البقاء على قيد الحياة لمدّة خمس سنوات، مع تأكيد العلماء على أن نسبة سُمية الخلايا لم تتغيّر لدى المرضى.
أثار جانبية
رغم النجاح الملحوظ الذي تشير إليه الأرقام الواردة أعلاه، سجّل الباحثون أن 20 بالمئة من المرضى الذين تمّ حقنهم بفيروس مرض شلل الأطفال، عانوا من أثار جانبية مثل الصداع والتعب والغيثان وحالات أخرى أكثر ندرة.
كذلك توفي ثلاثة مرضى خلال الإختبارات ولكن حالتيْ موت من ثلاثة أحالهما العلماء والأطباء إلى أسباب أخرى غير متعلقة ببرنامج العلاج التجريبي، بينما قد يكون المريض الثالث توفي بسبب حقنه بفيروس شلل الأطفال. والإجابة الطبية على الحالة الثالثة لم تُحسم بعدُ.
فيروس مرض شلل الأطفال (Polio) كطُعم لجهاز المناعة
في الماضي تمّ تقديم الفيروس بالفيروس القاتل. ولكن مع حملات التطعيم حول العالم، نجحت البشرية باستئصاله بنسبة 99 بالمئة ولكنه لا يزال موجوداً في دول ثلاث.
الفيروس يسبب دماراً في الخلايا العصبية لدى الإنسان ويصيب الدماغ ما يؤدي إلى الشلل وأحيانا إلى الموت. غير أن طبيعة الفيروس المعقدة قد تشكل فرصة للعلماء لمعالجة السرطان. ذلك أنّ استخدام سمّ الفيروس قد يحفز جهاز المناعة لدى المصابين بمحاربة الخلايا المصابة بالسرطان عبر ردّة فعل “التهابية”.
ويأمل العلماء أن يكون حقن الفيروس في داخل الخلايا السرطانية بمثابة طعم بالنسبة لجهاز المناعة، ويأملون بأن يقوم الأخير بمحاربة الخلايا حيث يوجد.
من فيروس قاتل إلى فيروس مخلص
رغم أنّ الدراسة لم تنته بعد ورغم اعتراف العلماء بحاجتهم إلى المزيد من الوقت، يصف هؤلاء النتائج الأولى التي حصلوا عليها بالنتائج الواعدة.
بكل الأحوال، إن استخدام الفيروسات المحللة للورم (أي الفيروسات التي تقتل الخلايا المسرطنة) لا يزال حديثاً إلى حدّ ما في عالم الطب، ولكن هذا الاستخدام قد تنتج عنه طرق علاجية جديدة.
الدراسة أعلاه تثبت، نسبياً، فعالية طريقة جديدة لعلاج الخلايا المسرطنة، قد تستبدل في المستقبل أنواعاً أخرى من العلاجات مثل العلاج الكيميائي وغيره.
وكانت فكرة استخدام فيروس قاتل من أجل معالجة آخر، أكثر فتكاً، ضرباً من ضروب الخيال في الماضي، ولكن العلماء يقولون إن سلوك هذا الاتجاه قد يعطي نتائج إيجابية.