واشنطن تضغط لنشر اليونيفيل على الحدود مع سوريا.. ولبنان بعضه يرفض وآخر لا يجرؤ

نوال الأشقر

في توقيتٍ أميركي – إيراني محتدم، يصوّت أعضاء مجلس الأمن الدولي على التجديد لقوات الطوارىء الدولية في لبنان نهاية الشهر الحالي مدة سنة إضافية، في ظلّ سعي أميركي قديم متجدد لتعديل مهمة اليونيفيل، لتصبح تحت الفصل السابع  وتشمل الحدود الشرقية للبنان مع سوريا، بحيث تُمنح صلاحيات أوسع على كامل الحدود اللبنانية، تمكّنها من التدخل والردع والمحاسبة وحق مصادرة السلاح والإعتقال. وبيت القصيد منع وصول السلاح الإيراني إلى حزب الله عبر سوريا. 
المشروع الأميركي يقابله رفض أوروبي ولبناني فهل يمر؟ 
تُعتبر فرنسا الدولة الأساسيّة المساهمة في القوة الدولية، والحسابات الفرنسية خصوصاً والأوروبية عموماً تختلف عن تلك الأميركية. ما يهم الدول الأوروبية  بالدرجة الأولى أمن قوّاتها، لا سيّما وأنّ اليونيفيل تضم عدداً كبيراً من الجنود الأوروبيين من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، في حين أنّ الولايات المتحدة لا تشارك في هذه القوات. وفي مسعاها تنطلق واشنطن من القرارات الأممية ومنها، 1559، 1680، و1701 والتي تنصّ  على عدم وجود أسلحة أو سلطة في لبنان غير الرسمية ، وتحديد الحدود المشتركة بين لبنان وسوريا ومكافحة نقل الأسلحة إلى داخل الأراضي اللبنانية ، وتطلب واشنطن بناء على هذه القرارات التشدّد في التعامل مع تواجد عناصر من حزب الله أو اسلحة تابعة له في منطقة عمليات اليونيفيل تطبيقاً للقرار الأممي 1701 . ولكن وفق مقاربة السفير اللبناني الأسبق في واشنطن الدكتور رياض طبارة عبر “لبنان 24″، لا يمكن الفصل بين المسعى الأميركي الهادف إلى تعديل مهمة اليونيفيل من جهة والتصعيد الأميركي الإيراني من جهة ثانية، بحيث تحاول الإدارة الأميركية توظيف التجديد للقوات الدولية في إطار المواجهة المفتوحة مع إيران ، ” المقترح الأميركي يشكّل جزءاً من السياسة الأميركية ضدّ إيران ، ويدخل في إطارها حزب الله بشكل كبير . ولقد حاولت الولايات المتحدة طيلة هذه المدّة أن تعاقب حزب الله دون أن تعاقب لبنان أو الإقتصاد اللبناني أو النظام المصرفي اللبناني، ومسعاها لنشر القوات الدولية على الحدود مع سوريا ليس جديداً، ويأتي في إطار مضايقتها لحزب الله  وفي إطار مساندتها لإسرائيل”. 

وعشية التمديد للقوات الدولية استُهدفت هذه القوات باعتداء في بلدة مجدل زون الجنوبية في الرابع من آب الحالي. مصادر دبلوماسية رأت في الإعتداء رسالةً من حزب الله وايران من خلفه ، الى كلّ من اليونيفيل وواشنطن ، مفادُها رفض المقترح الأميركي لتعديل مهمة هذه القوات ، والتلويح بقدرة إيران على إعادة فتح الجبهة جنوب لبنان وفق توقيتها.
المقترح الأميركي لن يمر باعتقاد طبارة ، بالرغم من الضغوط التي تمارسها واشنطن ، ومنها خفض ميزانية هذه القوات، “والأميركيون يدركون ذلك بسبب الرفض الأوروبي من جهة، وبسبب طلب لبنان الرسمي التمديد لليونيفيل دون أيّ تعديل في مهماتها”. 
قبل أيام وصل وفد من البنتاغون بيروت برئاسة نائب وزير الدفاع روبرت كاريم وجال على عددً من المسؤولين ، طبارة استبعد أن يكون الوفد قد طرح مسألة تعديل مهمة اليونيفيل، لا سيّما وأنّ موقف لبنان كان قد سبق الزيارة ” قد يكون الموضوع بُحث بشكل عرضي، ولكنّ الأميركيين يتّبعون سياسة واضحة بمساعدة الجيش اللبناني وتقويته وتسليحه ، وفي ذلك أيضاً سياسية أميركية، فإذا كان الجيش مستقلاً قوياً ويملك سلاحاً يشكل حاجزاً أمام سيطرة حزب الله على الحدود اللبنانية”.
والمؤسف في مشهدية التجديد للقوات الدولية جنوب لبنان، كيف أنّ المحورين الأميركي والإيراني يجعلان من لبنان ساحةً لتبادل الرسائل في صراعهما، وما نحن سوى مجموعة من الممثلين والمشاهدين، بعضنا يجيد لعب أدوار الخارج على أكمل وجه، وبعضنا الآخر يجد نفسه مرغماً ليس على الجلوس في موقع المتفرج  فحسب بل القبول أيضاً بدور الضحية.

مقالات لبنان24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى