أزمة النازحين.. حل روسي بمنأى عن التنسيق اللبناني – السوري

 – 

لا شك أن النفوذ الروسي أصبح الحاضر الأول في الشرق الأوسط، منذ دخول موسكو على خط الأزمة السورية في العام 2015 بطلب من الرئيس السوري بشار الأسد. ولا شك أيضا أن موسكو نجحت من خلال مشاركتها في الحرب السورية ضد الإرهاب بتحسين مكانتها في المنطقة، وإثبات أنها دولة عظمى تلعب دوراً رئيسياً في تحقيق الحل السياسي في سورية بدعم من الأمم المتحدة والدول الأوروبية وبتواصل مستمر مع إيران والسعودية، وبتنسيق مع الولايات المتحدة الاميركية، التي سحبت يدها من سورية وسلمت ملفها ومع بعض ملفات العالم العربي والاسلامي لموسكو، بحسب ما يؤكد مصدر مطلع على السياسة الأميركية، فضلا عن  ضبطها لقواعد الاشتباك في الجنوب السوري.

وسط، ما تقدم، بات ملف النازحين في سلم أولويات موسكو. يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإقفال هذه القضية حيث وضع خطة لعودة النازحين السوريين الموجودين في الأردن وفي لبنان الى قراهم وبلداتهم، فهناك نحو مليون نازح في الأردن وعدداً مماثلاً في لبنان و3 ملايين في تركيا،  بالتوازي مع تشكيل مجموعة عمل مشتركة من أجل اعادة اعمار سورية. ما تقدم شكل  محور لقاء الرئيس بوتين والمستشارة الالمانية انجيلا ميركيل، حيث شدد القيصر على بذل كل ما هو ممكن من أجل عودة النازحين السوريين إلى ديارهم، والمشاركة ماليا في إعادة اعمار سورية، وتعزيز البعد الإنساني في النزاع، قاصدا بذلك المساعدة الإنسانية للشعب السوري، ومساعدة المناطق التي يمكن أن يعود إليها النازحون الموجودون في الخارج، لا سيما أن هذه الازمة يمكن أن تشكل عبئاً هائلاً على أوروبا.

فهل أمسكت موسكو بملف النازحين وهل يكون لبنان اخر عنقود الملفات العربية التي أمسكت روسيا باوراقها؟

بدأت روسيا تطل عملياً على النافذة اللبنانية ولو بهدوء.. وبينما يمسك نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف بالملف الدرزي بشقيه اللبناني والسوري، تواصل الخارجية الروسية لقاءاتها مع المسؤولين اللبنانيين من أجل مساعدة الحكومة اللبنانية على حلّ أزمة النازحين، في ظلّ تطابق وجهات النظر بين لبنان وروسيا بشأن عودتهم.

وهذا ما بدا واضحاً خلال لقاء الوزير سيرغي لافروف بنظيره جبران باسيل، الذي شدّد على أنّ المبادرة الروسية هي أوّل مبادرة دولية لعودة النازحين، ولبنان مع العودة السريعة والآمنة لهم من دون أيّ ربط بين العودة والحل السياسي، مع العلم أنّ رئيس “التيار الوطني الحر” الذي حطّ في وزارة الخارجية الروسية ربطاً بدور موسكو في المنطقة وربطاً بملفات سورية والنفط والغاز، لا يحظى بترحيب روسي كالذي يحظى به الحريري.

والسبب بحسب مصادر معنية لـ”لبنان24″، التعاطي “الباسيلي” الخاطىء مع الشركات الروسية التي كانت تقدمت بعروض للمزايدة في دورة التراخيص الأولى للإستكشافات النطفية بمطالبته إيّاها يومذاك بـcommission عالية، مع إشارة المتابعين إلى أنّ رئيس “التيار البرتقالي” رغب أن يكون في موسكو خلال افتتاح مونديال 2018، بتوقيت زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والحريري، لكنه تفاجأ أنّ دعوة بن سلمان والشيخ سعد كانت رئاسية، في حين أنّ دعوته جاءت عبر الخارجية، ولذلك امتنع عن حضور الإفتتاح.

وترفض مصادر مقرّبة من الثنائي الشيعي لـ”لبنان 24″ الإستعجال في قراءة التطورات والجزم بأنّ روسيا أحكمت قبضتها على الملف اللبناني عبر بوابة النازحين. فحلّ أزمة النزوح يحتاج إلى قرار سيادي سوري لن تتصرف موسكو بمنأى عنه، علماً أنّ ثمّة اعتقاداً عند بعض المراقبين بأنّ الدور الروسي الإستراتيجي في سوريا، سيعيد دمشق إلى بيروت بالمعنى السياسي.

وتظن المصادر نفسها أنّ تلطي رئيس الحكومة المكلّف ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ورئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط خلف المبادرة الروسية، لا يعدو كونه محاولة للهروب من استحقاق التطبيع والتعاطي مع الحكومة السورية، وهذا ما بدا واضحاً في تصريحاتهم، وكان هناك سياسة هروب من التنسيق مع الرئيس السوري بشار الأسد.

بيد أنّ المصدر المطّلع على القرار الأميركي، يلفت الى أنّ لافروف لم يأت لا من قريب ولا من بعيد على فرضية التنسيق مع سوريا، وباسيل من جهته لم يتطرق إلى ذلك أيضاً، ما يعني أنّ حلّ ملف النازحين سيكون خارج أيّ تنسيق بين بيروت ودمشق، وأنّ موسكو ستجد الترتيب المناسب لإنهاء هذه المعضلة بعيداً عن أيّ تطبيع.

وبانتظار ان ينجلي مشهد مفاوضات أزمة النزوح، بدأ الحديث عن إعادة احياء زيارة الرئيس ميشال عون لروسيا وفق قواعد ومعطيات جديدة، بعدما كان من المفترض أن تحصل الزيارة العام الماضي.بيد أن مصدرا مقربا جدا من الرئيس عون يؤكد لـ”لبنان24” أن روسيا لم ولن توجه دعوة للرئيس عون لزيارة روسيا من باب البروتوكول،  ورئيس الجمهورية لم يبادر من جهته لطلب موعد، لأنه يدرك تماما أن الحلول الكبرى لم تنضج لجهة ازمة النزوح أو لجهة التطورات على الحدود البرية والبحرية مع فلسطين المحتلة (الجدار الاسمنتي وخط هوف البحري).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى