اليونيفيل ومطار بيروت: ملفان ساخنان في وجه حزب الله

منير الربيع – المدن 

قبل أيام حصل اعتداء على إحدى الوحدات العاملة في نطاق قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان. الخلاف حصل، وفق “جنوبيين”، على خلفية تخطّي هذه القوات صلاحياتها والدخول إلى غير الطرقات العامة. ما دفع “الأهالي” إلى مواجهتهم. الأهالي الذي تعرّضوا لليونيفيل كانوا مسلّحين، وفق أعضاء في مجلس الأمن الدولي في إحدى الجلسات المغلقة التي خصصت للبحث في تمديد مهمّة القوات الدولية في جنوب لبنان وبحث الوضع في نطاق عمل القرار 1701.

في تلك الجلسة المغلقة، قيل كلام قاس بحقّ لبنان. وهي المرّة الأولى التي يعبّر فيها أعضاء في المجلس بهذه الطريقة المباشرة عن استيائهم من الوضع في الجنوب اللبناني. ويصفون ما جرى بأنه اعتداء منظّم. ووفق دبلوماسي رفيع المستوى، فإن الوصف الذي خرج به الأعضاء المجتمعون، هو أن في لبنان من يريد رسم حدود جديدة، ويفرض شروطاً حديثة لمهمات القوات الدولية. والأهم من ذلك أن ما يحصل يأتي ضمن سياق متسلسل، وفق المصدر، من الموقف الرسمي اللبناني الذي عبّر عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري، تجاه ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة، بيرنيل دايلر كاردل، ورفضه استقبالها. وكذلك بالنسبة إلى قائد القوات الدولية اليونيفيل المنتهية ولايته الإيرلندي مايكل بيري.

اتخذ بري موقفه هذا في إطار ما يعتبره تأديب بعض المندوبين الدوليين، خصوصاً الذين لا يتخذون موقفاً وسطياً ويعملون لمصلحة إسرائيل. وهذا تقرأه الدوائر الدولية ودوائر الأمم المتحدة بأنه إشارات سلبية من لبنان على رفض التعاطي السلس والإيجابي مع المجتمع الدولي. لتأتي حادثة الاعتداء على القوة الدولية في مجدل زون، كحلقة من هذه السلسلة. لذلك، لا يفصل أعضاء في مجلس الأمن ما يجري من إشارات تتعلق بالعاملين في الأمم المتحدة، عن التطورات السياسية والعسكرية في المنطقة، وعن مسألة ترسيم الحدود والمبادرة الأميركية التي قدّمت لتسوية الحدود البرية والبحرية مع فلسطين المحتلّة.

ثلاث جلسات مغلقة عقدها مجلس الأمن لبحث الوضع في جنوب لبنان، وسط تضارب في مواقف بعض الدول الكبرى، لجهة صلاحيات اليونيفيل، وما تسعى الولايات المتحدة الأميركية إلى تعديلها، وتوسيع نطاق عملها، بالإضافة إلى فرضها تحت الفصل السابع، وما سيكون لذلك من مفاعيل سياسية وغير سياسية. لكن، في مقابل هذا التشدد الأميركي، تبرز سهولة فرنسية وأوروبية بشكل عام، ترفض هذا الإجراء، وتصرّ على تمديد ولاية قوات الطوارئ الدولية بدون أي تعديل للصلاحيات أو توسيع للمهمات. قبل يومين، عقدت جلسة لمجلس الأمن وجرى فيها إقرار تمديد مهلة قوات الطوارئ مقابل معارضة أميركية، ولكن الجلسة الحاسمة ستكون في 30 آب 2018. والاتجاه وفق المصادر هو عدم الموافقة على المقترح الأميركي، بالرغم من الضغوط التي تمارسها واشنطن. ولكن عدم الذهاب إلى الفصل السابع سيوجب على لبنان تقديم تنازلات أساسية، أو اتخاذ إجراءات حقيقية تتعلّق بضمان سلامة القوات الدولية، وتعزيز سلطة الجيش اللبناني والمؤسسات العسكرية الرسمية على الحدود الجنوبية، في محاولة للضغط على حزب الله وتطويقه.

الأهم هو إصرار بعض الأعضاء في مجلس الأمن على قراءة فقرات من القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن في ما يخص لبنان، خصوصاً القرارات، 1559، 1680، 1701 و2373، وأبرز ما فيها هو ما ينص على عدم وجود أسلحة أو سلطة في لبنان غير الرسمية. لا قوات أجنبية في لبنان من دون موافقة حكومته، ولا بيع أو توريد للأسلحة إلى لبنان باستثناء ما تأذن به حكومته. وهو ما يعتبر استهدافاً مباشر لحزب الله وحصوله على الأسلحة الإيرانية من طريق التهريب. وهذا ما يوضح الغاية الأميركية من الإصرار على توسيع نطاق عمل اليونيفيل ليشمل الحدود اللبنانية السورية. وهناك من يطرح وصاية دولية على مطار بيروت، الذي يصفه الأميركيون بأنه نقطة ارتكاز ونفوذ أساسية بالنسبة إلى حزب الله، عسكرياً ومالياً. ويعتبرون أن الحزب قادر على فعل ما يريده في المطار. بالتالي، هو قادر على إيصال الأسلحة والأموال عبره، خصوصاً في ظل تطبيق المصارف العقوبات الأميركية على الحزب.

يتسلّح حزب الله بالموقف الرسمي اللبناني الذي يحمي المقاومة في مواجهة هذه المحاولات. ولكن مسار التطويق سيبقى مستمراً في ظل التوتر الأميركي- الإيراني. وما يجري في لبنان لا يخرج عن سياق الشروط الدولية بشأن ضرورة انسحاب حزب الله من الجنوب السوري، وتفويض الروس بإدارة تلك المنطقة، وهذا ما تريد واشنطن وإسرائيل تكريسه في لبنان، عبر الضغوط الدولية. وما يكفل حسم وجهة الأمور وتحديدها، هو مسار العلاقة الإيرانية الأميركية، وإذا ما استمر التصعيد، بالتأكيد فهو سينعكس على لبنان. لذلك، فإن المرحلة هي مرحلة ترقّب وانتظار تشمل مختلف المجالات السياسية والعسكرية والحكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!