أوقفوا “هيداك المرض” قبل أن يقضي علينا
قد يكون الخبر مرّ مرور الكرام في العديد من نشرات التلفزيون والاذاعة وعلى المواقع الالكترونية من دون أن يترك أي ردّة فعل لدى المستمعين والقراء، خصوصاً وان أرقام ضحايا حوادث السير والتي تتردد كل يوم على مسامعنا باتت أمراً عادياً، لأننا شعب تعوّد على الموت، وبات اليوم الذي لا تسقط فيه ضحية في لبنان “لا يعتبر من عمرنا”.
الاّ أن هذه الأرقام تعدّ من الأرقام الصادمة حتماً على الساحة اللبنانية، والتي لا تدعو فقط الى دقّ ناقوس الخطر، بل ان هذه الأرقام في أي بلد غير لبنان، ستؤدي حتماً الى استقالات ومحاسبات ومحاكم وسقوط الهيكل على رأس جميع المتورطين “قشّة لفّة”. ولكن طبعاً في لبنان، يكفي retweet لهكذا جملة وعلى “الدنيا السلام”.
وهذا الخبر، وان دلّ على ان الشعب اللبناني هو آخر ما يهمّ الدولة، الاّ انه يدلّ على أمر آخر، وهو أن الدولة عاجزة عن تطبيق قانون السير للحدّ من الموت المجاني على الطرقات. هذا القانون الذي تناتشته جميع القوى السياسية لوضعه داخل انجازاته، بقي كتاباً في ادراج، تزال عنه الغبار يوماً بعد يوم. أما على أرض الواقع فالأرقام أكبر دليل.
لا شكّ ان البنى التحتية في لبنان، والطرقات ونوع الاسفلت المستعمل، وعدم وجود إنارة، وإشارات ضوئية، وتحديد مسارات….. كلّها قد تكون من الأسباب التي تؤدي الى وقوع حوادث السير، ولكن أين الدولة من كل هذه الأمور، لماذا يدفع المواطن المليارات سنوياً للدولة من “اللحم الحي” من دون أن يحصل على أبسط الأمور التي يحتاجها والتي تؤمن له خروجاً آمناً من المنزل وعودة سليمة.
من الضروري عدم القاء اللوم فقط على الدولة، فالمواطن شريك أيضاً في هذه المسؤولية. فالمكياج، والمحادثات التي لا تنتهي والدردشات عبر whatsapp التي تبدأ لدى الصعود خلف المقود ولا تنتهي الاّ مع اطفاء المحرّك، وتحدي “كيكي”، وتصوير الأغنيات كلّها تقع على مسؤولية الشخص، هذا من دون أن ننسى القيادة تحت تأثير الكحول، ومن دون حزام أمان، او من دون رخصة قيادة “لأنو يقبرني بحب السواقة وبعدو تحت السن” كلّها من الاسباب المباشرة للموت، والتي يتحمل مسؤوليتها مباشرة المواطن، الاّ انه يجب على الدولة هنا أيضاً الضرب بيد من حديد، وإعادة تفعيل غرامات السير والسرعة “القاسية” لكي “يتربى” المواطن ويدرك فعلاً أن القيادة مسؤولية لا لعبة، ويبتعد قانون السير عن إطار السمسرات وتسويق بعض البضائع.
وفي هذا الاطار، يؤكد مصدر مسؤول في جمعية “اليازا” ضرورة اعادة تفعيل الاتصالات، لاعادة الحزم في تطبيق قانون السير، خصوصاً لناحية السرعة والالتزام بالقواعد العامة كحزام الأمان وصلاحية السيارة للقيادة “لأنو الوضع ما بقى ينحمل”.
800 قتيل سنوياً حصيلة حوادث السير في لبنان، رقم ليس بقليل، وهو تهتز به الكثير من العروش، حتى انه بات الموت على الطرقات أخطر من الاصابة بمرض السرطان، وضحاياه أكبر، وبالتالي يجب أن تصبح قيادة السيارة هي فعلاً “هيداك المرض”.