الشرق الأوسط يتغيّر: روسيا دخلت لبنان بعد سوريا.. غاز ونفط وصفقات!
في تقرير نشره موقع “The Century Foundation”، تناولت الكاتبة اللبنانية نور سماحة استخدام روسيا لبنان لتوسيع نطاق نفوذها في المنطقة في مواجهة الولايات المتحدة الأميركية، مسلّطة الضوء على المجالات المختلفة التي لجأت إليها موسكو لتحقيق غايتها.
وأوضحت سماحة أنّ روسيا تعتبر لبنان امتداداً طبيعياً لجهودها في سوريا، حيث وقعت اتفاقية عسكرية تبقى بموجبها في البلاد لمدة 49 عاماً، متسائلةً عما إذا كانت بيروت تبدي استجابة للجهود الروسية مع اقتراب الحرب السورية من نهايتها، وإعادة واشنطن حساباتها لجهة المساعدات التي تقدّمها للبنان بعد فوز “حزب الله” بأغلبية المقاعد النيابية.
اقتصادياً، تطرّقت سماحة إلى التدابير التي اتخذتها الحكومة اللبنانية بهدف تعزيز العلاقات مع روسيا، مذكّرة بالاتفاقية الرامية إلى إزالة العقبات في التجارة، والاتفاقيات الأخرى التي تتم صياغتها والتي تشمل التبادل الثقافي ومكافحة تهريب المخدرات وغيرها. إلى ذلك، بيّنت سماحة أنّ رجال الأعمال اللبنانيين يرون روسيا ممراً للاستثمار الاقتصادي في سوريا، حيث يُتوقع أن تبدأ أعمال إعادة الإعمار قريباً.
كما تناولت سماحة فوز شركة روسية السنة الفائتة بحقوق التنقيب عن النفط والغاز في الحقول البحرية اللبنانية، ناقلةً عن مصادر لبنانية اعتبارها انخراط روسيا في قطاع النفط والغاز دلالة إلى قدرتها على لعب دور إيجابي لناحية منع إسرائيل من التدخل في أعمال التنقيب والاستخراج في البلوكات المتنازع عليها، لا سيّما البلوك رقم 9.
على المستوى السياسي، لفتت سماحة إلى أنّ الأكثرية اللبنانية الجديدة، المتمثلة بـ”حزب الله” وحلفائه القريبين من دمشق، ترى أن تعزيز العلاقة مع موسكو يعني اعتماداً أقل على واشنطن، وبالتالي تغييراً كبيراً في الديناميكيات الإقليمية. أمّا في ما يتعلّق بالمعارضين للنظام السوري، فشرحت سماحة أنّهم يرون أن موسكو قادرة على وصلهم بالحكومة السورية من دون الحاجة إلى التعامل المباشر معها، وأبرز مثال على ذلك البرنامج الروسي لإعادة النازحين.
في ما يختص بالمساعدات العسكرية، ذكّرت سماحة بالعرض الروسي الذي لم يبصر النور في عهد وزير الدفاع الياس المر في العام 2008 بضغط أميركي، مستدركةً بأنّ المجلس النيابي وافق السنة الفائتة على اتفاقية تعاون عسكري تقني مع روسيا (مجمدة منذ العام 2012)، حيث يُتوقع أن يستلم لبنان شحنة المساعدات العسكرية الأولى في أيلول المقبل.
وتابعت سماحة بأنّ هذه الاتفاقية أفسحت المجال أمام روسيا لعرض اتفاقية أكبر على لبنان يحصل بموجبها الجيش على أسلحة وتجهيزات روسية بقيمة مليار دولار تقريباً على مدى 15 عاماً وتسدد السلطات اللبنانية قيمتها من دون فوائد، ناقلةً عن مصادر كشفها أنّ الرئيس المكلف سعد الحريري اضطر إلى وضع هذه الاتفاقية على الرف بسبب تعرضه لضغوطات أميركية وبريطانية.
ونقلت سماحة عن مصدر قريب من الحريري قوله إنّ واشنطن ستقبل بأن تتمتع روسيا بنفوذ في لبنان شرط أن يكون محدوداً، إذ كشف أنّ الأميركيين لن يوافقوا على العرض الروسي إذا كان شراء الأسلحة الروسية يعني التفاتة لبنانية باتجاه روسيا وإذا كانت موسكو تستخدمه كورقة للضغط على واشنطن. وفي المقابل، نقلت سماحة عن مصادر أخرى قولها إنّها واثقة من أنّ هذه الاتفاقية وغيرها ستمر بعد ولادة الحكومة الجديدة.
وبناء على ما سبق، رأت سماحة أنّ لبنان، حيث حافظت الولايات المتحدة تاريخياً على نفوذ مبالغ فيه، يشهد على تغييرات، محذرةً من تداعيات هذه التغييرات في العقود المقبلة.
(ترجمة “لبنان 24” – The Century Foundation)