دبي التي تعيش المستقبل الآن.. ماذا تخبئ للمستقبل؟
لا تتعب دبي من إبهار العالم، ولا ينفك حاكمها، رئيس وزراء الإمارات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم من مراكمة التحدي خلف التحدي.. ثم الفوز عليه! حتى لكأنَ الاسمين صارا مرادفاً لكل ما هو جديد، وبهيّ، ومتوثب، وجميل، وحضاري، ومتألق، ومنظّم.
تنام الإمارة ومن فيها عن كل ما يشغل شعوب معظم بلدان المنطقة، ويسهر هؤلاء جميعاً ويختصموا في استقرارهم المهزوز، وأمنهم الهشّ، واقتصادهم المتعثر، وتنميتهم المتراجعة، وشفافيتهم المعدومة، وفسادهم المستشري، وتعليمهم المتحجّر!! فيما تنطلق دبي، وقد تجاوزت كل ذلك من زمن بعيد، للتفكير بغزو الفضاء، وسعادة المجتمع، ورفاهية المواطن، وحماية التنوع، وإشراك الشباب، وتعزيز البحث العلمي، ورعاية أصحاب الهمم (ذوي الاحتياجات الخاصة)، والشغف بالبيئة، والكثير الكثير مما يتعب المرء من سرده، فضلاً عن مجرد التفكير بالمقارنة بين ما يجري في الإمارة الوادعة وبين غيرها! ضربٌ من الجنون أن تتحدث هناك عن انقطاع التيار الكهربائي أو مافيات الاشتراكات أو استئجار بواخر توليد الطاقة والعجز عن اصلاح هذا القطاع منذ ثلاثين عاماً، أو مثلاً عن عجز دولة بأجهزتها عن معالجة أزمة نفايات منذ نحو أربع سنوات، وعلى ذلك يمكن قياس أمور كثيرة.. كثيرة جداً من مآسينا التي تحول بيننا وبين أن نشعر بأننا مواطنون، فضلاً عما هو أدنى من ذلك.
يقول محمد بن راشد في تغريدة قبل أيام “اطلعت على تقارير رضا الموظفين في 40 جهة حكومية اتحادية.. تصل نسبة الرضا في بعض الجهات 93٪ لدينا 5 جهات تقل فيها نسبة الرضا عن 60٪ ! هذه النسب غير مقبولة. رضا الموظفين مفتاح لرضا المتعاملين. 6 أشهر مهلة نعطيها لمدراء هذه الجهات لتغيير بيئة العمل. رأس مال الحكومة الأغلى هو موظفيها”.. والرجل إذا قال فعل، ذلك أن الخبرة والحكمة إذا ما تراكمت، أضحت نهجاً للعمل والإدارة والتنشئة والتنمية والقيادة، رضيَ من رضي، وسخطَ من سخط.
قبل يومين، عاد وغرّد بكلام يمكن وصفه بأنه من قواعد الحكم الرشيد، والإدارة الحكيمة. آل مكتوم كتب على “تويتر” قائلاً: “علمتني الحياة أن الخوض الكثير في السياسة في عالمنا العربي هو مضيعة للوقت.. ومفسدة للأخلاق.. ومهلكة للموارد.. من يريد خلق إنجاز لشعبه فالوطن هو الميدان.. والتاريخ هو الشاهد.. إما إنجازات عظيمة تتحدث عن نفسها، أو خطب فارغة لا قيمة لكلماتها ولا صفحاتها”.
وتابع: “لدينا فائض من السياسيين في العالم العربي ولدينا نقص في الإداريين. أزمتنا أزمة إدارة وليست موارد.. انظر للصين واليابان لا يملكان موارد طبيعية أين وصلوا.. وانظر لدول تملك النفط والغاز والماء والبشر، ولا تملك مصيرها التنموي.. ولا تملك حتى توفير خدمات أساسية كالطرق والكهرباء لشعوبها”.
وختم بالقول: “في عالمنا العربي، السياسي هو من يدير الاقتصاد ويدير التعليم ويدير الإعلام ويدير حتى الرياضة! وظيفة السياسي الحقيقية هي تسهيل حياة الاقتصادي والأكاديمي ورجل الأعمال والإعلامي وغيرهم. وظيفة السياسي تسهيل حياة الشعوب، وحل الأزمات بدلا من افتعالها، وبناء المنجزات بدلا من هدمها”.
ليست الموارد مصدراً دائماً للغنى والتميز، فالنقد الذاتي، الاجتهاد في العمل والعلم والبحث، والاستفادة من خبرات العالم من دون تصادم أو تناحر، حبّ الابتكار، زراعة الصحراء وتحويلها جناناً، الحفاظ على البيئة، احترام الوقت والثقة بالانسان، إشاعة الرحمة وتقدير المرأة، نبذ التعصب والتمسك بالتسامح، احترام الكفاءات ومحاربة الفساد.. كل ذلك ينتج بلداً فتياً، أنيقاً، متقدماً، مقصداً للقريب والبعيد. لا يمكن المقارنة بين الصين والإمارات العربية المتحدة من ناحية التعداد السكاني، قبل نحو أسبوعين زار الرئيس الصيني “شي جين بينغ” دولة الإمارات، ووقّع مع المسؤولين الكبار فيها ثلاث عشرة اتفاقية ومذكرة تفاهم أسّست لشراكة ضخمة وهائلة، لكن من أهم الدلالات الكثيرة فيها هو حرص الرئيس الصيني على المجيء بنفسه للإمارات والحديث المستفيض عما خطته من تقدم وازدهار دفع بقادة العالم الاقتصادي للسعي للتعاون والعمل معها، وهذا يشكل علاقةً استراتيجية لبناء المستقبل، ولصنع صِلات مودة، ومنهج تقدم، وذهنية جديدة للتفكر الواسع بالمستق