إرجاء منع استيراد بعض البضائع التركية خمسة أشهر: هل تعود الحكومة عن قراراها؟

اتُخذ القرار الحكومي بمنع استيراد بعض البضائع التركية في منتصف أيار الماضي ولكنّه لم يدخل حيز التنفيذ، بعد البلبلة التي أثارها، لاسيما وأنّه شمل صناعات تركية، في حين أنّ تلك الصينية على سبيل المثال تغرق الأسواق اللبنانية ولم يصار إلى منعها .

الحكومة علّلت قرارها بحماية الإنتاج المحلي بعد تلقيها عدداً من الكتب من قبل جمعية الصناعيين اللبنانيين “تعرض فيها للمشاكل والصعوبات التي تواجهها هذه القطاعات من منافسة غير عادلة من المنتجات المستوردة من بلدان عدة أبرزها تركيا”، وفق ما ورد في محضر جلسة مجلس الوزراء.

لكنّ حصر القرار ببعض المنتجات التركية دون سواها أثار استغراب خبراء اقتصاديين، شكّكوا بجدوى القرار وقدرته على  حماية الإنتاج المحلي، لا سيّما وأنّ هناك عشرات الأصناف الأخرى يتم استيرادها من تركيا وتدخل الأسواق اللبنانية بعد تهرب المستوردين من الرسوم الجمركية، فضلاً عن البضائع المستوردة من الصين والدول العربية وغيرها .

التجار اللبنانيون العاملون على الخط التركي اعترضوا على القرار ووجهوا رسائل احتجاج الى رئيس الحكومة سعد الحريري. جمعية تجار بيروت بدورها  أجرت اتصالات بالرئيس الحريري وتلقت تأكيدات بعدم البدء بتطبيق القرار قبل تشرين الأول المقبل بحسب ما أكّد لـ  لبنان 24 ” نائب رئيس جمعية تجار بيروت جهاد التنير، وقال: “نضغط باتجاه تعديل القرار لاسيّما وأنّنا نعتبره جائراً بحق التجار الذين يستوردون من تركيا، كونه يقطع بأرزاقهم ويؤثر سلباً على الحركة التجارية، فهؤلاء التجار موقّعون على عقود توكيل “.

التنير أضاف أنّ المنع يتعارض ومبدأ التجارة الحرة، كما وأنّه لا يرتكز على دراسات وأرقام  حول   واقع السوق، وكشف أنّهم تواصلوا مع جمعية الصناعيين والأخيرة لم تتطلب منع الإستيراد في رسائلها إلى وزارة الإقتصاد، بل اقترحت زيادة الرسوم أو فرض رسم نوعي على البضائع.

الحكومة اللبنانية ومن خلال وزير الإقتصاد أوضحت أنّ اختيارها لتركيا دون سواها سببه عدم وجود اتفاقيات تجارية موقّعة بين البلدين، ونفت وجود أيّ خلفيات سياسية لقرار المنع. وعلى رغم أنّ تركيا لم تتخذ إجراءات مماثلة أعرب التنير عن خشيته من تداعيات القرار على العلاقات التجارية اللبنانية التركية: “هناك اتفاقيات موقّعة مع تركيا، والاتراك أبدوا تجاوباً لافتاً بحيث أنّ أكثرية البضائع التي تُصدّر من لبنان إلى تركيا معفاة من الجمارك نهائياً، وهذه الخطوة بادرت تركيا الى تقديمها في إطار التعاون أثناء تولي الرئيس رجب طيب اردوغان رئاسة الحكومة، والبرلمان التركي اقرّ هذه الاتفاقيات، بينما البرلمان اللبناني لم يقرّها بعد، وبالتالي  قانونياً ودستورياً لا يرتبط لبنان باتفاقيات تجارية مع تركيا، ولكن هناك اتفاقيات موقّعة مع القطاع الخاص بانتظار إقرارها في مجلس النواب “.

ورأى التنير أنّ المشكلة الأساسية التي تواجه السوق المحلي تكمن بالتهريب “منع بضائع تركية من دخول الأسواق اللبنانية من بوابة الجمارك، يدفع بالمهرّبين لإدخالها عبر سوريا من خلال معابر غير شرعية  وعندها تخسر الخزينة اللبنانية ولا يتأمن عنصر الحماية. كما أنّ السوق التركي كبير، 80 مليون مستهلك، ولا مصلحة لنا باجراءات قد تؤدي إلى إقفاله”.

من جهة ثانية يضعف قرار المنع خيارات المستهلك وفق رؤية التنير “نخشى أن يسعى المصنّع اللبناني لتمّلك السوق وفرض أسعاره، وجني مكاسب إضافية على حساب المستهلك، وعلى الدولة مسؤولية مراقبة الاسعار على الصناعة الوطنية، بعد اتخاذها قرار المنع لانّ الحماية تهدف لدعم الصناعة الوطنية وتأمين أسعار أفضل وليس للسماح للمصنع اللبناني أن يحقّق ارباحاً غير مشروعة”.

بالمبدأ تبدو الحكومة محقّة في إجراءات حماية الإنتاج المحلي، ولكن بالتطبيق تتخذ إجراءات أقل ما يقال فيها أنّها لا تستند إلى أيّ أساس علمي أو دراسات اقتصادية، في وقت كان من الأجدى تأمين الحماية برفع الرسوم وضبط التهريب.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!