الدولة تسلب كازينو لبنان!
بصرف النظر عن الضوابط الاجتماعية أو الدينية لموضوع لعب الميسر أو القمار، إلا أن هذا القطاع باعتباره قطاعاً مقونناً ومنتجاً، لا بد من مقاربته من وجهة قانونية واقتصادية، بالاستناد إلى قانونية الألعاب وأهمية كازينو لبنان كمرفد مهم لخزينة الدولة.
لا يوجد دراسات دقيقة تقدّر خسارة الدولة من تزايد محال الألعاب وترخيصها خلافاً للقانون، إلا أن الأرقام التقديرية تشير إلى خسارة ما لا يقل عن 200 مليون دولار سنوياً نتيجة تزايد محال الألعاب كالفطريات وتدني الضرائب المفروضة عليها، خلافاً لما هو معمول به في كازينو لبنان. بمعنى آخر إن محال الألعاب الموزعة في المناطق والمحيطة بكازينو لبنان، هي مخالفة للقانون، كون القانون منح كازينو لبنان حق الاستثمار الحصري لألعاب الميسر. بالتالي، فرض عليه ضرائب مرتفعة تبدأ من 30% وترتفع 10% كل عشر سنوات (من 1997- 2006 الضريبة 30% ومن 2007- 2017 الضريبة 40% ومن 2017- 2027 الضريبة 50%). أما المحال المخالفة فلا تُفرض عليها ضرائب مماثلة، إنما ضريبة مقطوعة قيمتها مليون ليرة عن كل ماكينة.
وتتزايد خسارة الدولة من جهتين، الأولى تترافق مع تزايد محال القمار كونها تنافس كازينو لبنان وتخفض من إنتاجيته؛ والثانية كون المحال المخالفة لا تسدد ضرائب مثيلة لضرائب كازينو لبنان، لا سيما أنها تعمل خارج إطار الرقابة، ولا يمكن حصر عدد الماكينات التي تشغلها.
إخلال بالاتفاق
أخلت الدولة باتفاقها مع كازينو لبنان على ضبط محال القمار، رغم الاعتراف بعدم قانونيتها. هذا ما يؤكده رئيس مجلس إدارة كازينو لبنان، رولان خوري، في حديث إلى “المدن”، ويعود بالأزمة لما قبل العام 2008، إذ كان كازينو لبنان يسدد نوعين من الضرائب، على الصالات غير المحفوظة أو Slot Machines ضريبة مقطوعة قيمتها مليون ليرة للماكينة الواحدة، وعلى الصالات المحفوظة 30-40-50% من مدخول الكازينو (تزيد 10% كل عشر سنوات). ولكن، في عام 2008 فرضت الدولة على الكازينو سداد الضرائب عن جميع الصالات (بما فيها Slot Machines) بالنسب المحددة سابقاً، ومع مفعول رجعي يعود إلى تاريخ عودة كازنيو لبنان إلى العمل، أي 1996، وبدأ الكازينو بسداد 50% من مدخوله ضريبة عن ألعابه.
التسوية التي توصل إليها كازينو لبنان مع الدولة وكلّفته 83 مليار ليرة، كانت مشروطة بإقفال كل صالات ألعاب الميسر غير الشرعي في المناطق كلها، وخصوصاً المحيطة بالكازينو، يقول خوري. وذلك، كي يتمكن الكازينو من سداد المبالغ الطائلة من الضرائب، “ولكن، للأسف، لم تنفذ الدولة وعدها حتى اللحظة. وحصّلوا الضرائب من الكازينو واستمر منح الرخص الإضافية وغير القانونية لمحال الميسر”.
لجوء الى القضاء
بعد إخلال الدولة باتفاقها مع كازينو لبنان لجأ الأخير الى القضاء، فرفع 3 مراجعات قضائية أمام مجلس شورى الدولة في أيار 2013 ثم حزيران 2016، ومؤخراً في كانون الثاني 2017، يطلب فيها الالتزام بشرط إقفال المحال غير الشرعية أو استرداد أموال الضرائب التي تم سدادها والمقرونة بهذا الشرط. وما زالت القضية عالقة، وإذ يؤكد خوري أن تورط بعض رجال الدولة بتأمين الغطاء لعدد كبير من محال القمار، إنما يتضح من خلال عجز الدولة والقضاء عن بت قضية كازينو لبنان. ويرى أنه لا بد وأن يُعاد النظر في الضريبة عموماً، فإما فرض ضرائب على محال القمار مماثلة لضريبة كازينو لبنان واخضاعها للرقابة، أو خفض ضرائب كازينو لبنان بما يتناسب وتلك المحال.
فكازينو لبنان يسدد اليوم ما بين 80 و90 مليون دولار لخزينة الدولة سنوياً (بحسب حجم المداخيل)، فيما لو خضع للضريبة المفروضة على محال القمار غير القانونية لاقتصرت موجباته الضريبية على 400 ألف دولار سنوياً فقط.
مخاطر إجتماعية
أزمة محال القمار غير القانونية والمقدر عددها بنحو 600 محل، لا تقتصر على سلب الدولة مداخيل مالية، إنما أيضاً على مخاطر اجتماعية عالية وقابلية لتغطية أنواع عديدة من الفساد بسبب عدم خضوعها لأي رقابة من أجهزة الدولة.
وكون محال القمار المذكورة غير قانونية، فإنها حكماً تعمل خارج إطار الرقابة الدائمة، بخلاف كازينو لبنان الذي يخضع للرقابة الضريبية عبر وزارة المال من خلال وجود مراقبين لها يومياً وبالمناوبة داخل صالات الكازينو، وكذلك يخضع لرقابة شديدة من قبل جهاز أمن خاص يشرف ويراقب كل ما يحصل داخل الصالات من خلال كاميرات موجهة على الطاولات والماكينات إضافة الى وجود الأجهزة الأمنية 24/24 ساعة، كمخابرات الجيش اللبناني، في سبيل ضبط أعمال الكازينو والتزامه عدم إدخال قاصرين أو مطلوبين أو مشتبه بهم أو موظفي القطاع العام أو محدودي الدخل أو أفراد العسكريين أو أي من الاشخاص المحظور دخولهم إلى صالات الألعاب.
ولعل أبرز مخاطر المحال غير القانونية أن أبوابها مفتوحة لكل الزبائن. ولكن السؤال الأهم هو عن الرقابة في تلك المحال على برمجة ماكيناتها (بخلاف كازينو لبنان)؟