مئة انتحار بخمسة أشهر.. ماذا يجري بلبنان وكيف يجيب علم النفس؟

 

مئة حالة انتحار في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2018 في لبنان، رقم كبير جدا في بلد عدد سكانه قليل ويبدو المجتمع فيه مترابطا والعلاقات العائلية متماسكة وحاضنة للجميع.

ورغم أن الرقم ليس رسمياً وصدر عن جمعيات ومنظمات مدنية لكنه ترافق مع إعلان قوى الأمن الداخلي أن حالة انتحار واحدة تحصل كل ثلاثة أيام في البلاد، ومحاولة انتحار كل ست ساعات.

الرقم يدق ناقوس الخطر بشأن الصحة النفسية في لبنان وازدياد حالات الاكتئاب التي تؤدي إلى محاولات الانتحار.

نور صفي الدين واحدة من هؤلاء الذين فكروا في الانتحار بعد إصابتها بالاكتئاب إثر وفاة والدها وشقيقتها بالأعوام الماضية.

من خلال الكتابة والرياضة وتطوعها كناشطة اجتماعية تسعى نور إلى تجاوز أفكار سوداوية تراودها، وتقول في حديث لـ”الجزيرة”: “لم تكن فترة صعبة فقط بل كانت مأساوية جدا، كنت على الحافة بين الموت والحياة، بين الاستمرار بالحياة وهو ما أعتبره الخطوة الجريئة أكثر من الموت لأنه عند إكمال الحياة يعني أن تكون على قدر المواجهة، والموت هو الاستسلام، وأنا لا أريد أن أموت”.

الإحصاءات المتعلقة بالانتحار في لبنان غير مشجعة، خصوصا عند مقارنة رقم عام 2018 وهو مئة حالة انتحار في الأشهر الخمسة الأولى -أغلبها لدى فئة الشباب- في مقابل 143 حالة بالعام الماضي كاملا، حسب احصاءات قوى الأمن الداخلي.

وتشير الأرقام أيضا إلى أن عدد المنتحرين عام 2015 كان 128 شخصا، وفي 2014 بلغ 144 حالة، في حين وصل في عام 2013 إلى 111 حالة، وفي 2012 بلغ 108 حالات مقابل 102 في العام 2011، وبلغ 107 حالات عام 2010.

أسباب عديدة

وتشكل البطالة والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة جزءا من الأسباب التي تؤدي إلى الانتحار، إلى جانب العوامل النفسية. وهو ما تشير إليه المعالجة النفسية غيداء الحسيني التي تقول إنه كلما زاد الضغط على الإنسان زادت فرص أن يصبح لديه إحساس بالعجز، ولا يمكن أن يرى أي أمل.

وتضيف لـ”الجزيرة” أن من يطلبون العلاج النفسي بسبب أفكار عن الموت أو الانتحار تراودهم فإنهم بذلك يطلبون المساعدة بشكل غير مباشر.

وقد أطلق ناشطون حملات على مواقع التواصل لحض الذين يفكرون بالانتحار على طلب المساعدة. وخصصت جمعية “احتضان” المعنية بالصحة النفسية خطا ساخنا أنشئ بالتعاون مع وزارة الصحة لتلقي الاتصالات والتوعية للحد من عمليات الانتحار.

وتقول المسؤولة في الجمعية ميا عطوي إن الخط الساخن يقدم خدمة مجانية سرية ويرد على المتصلين أشخاص متطوعون لكنهم محترفون ولديهم تدريب على الاستماع بشكل فعال لمن يعاني من مشاكل أو يشعر باليأس أو بالاكتئاب، ويتمكنون من تقديم مساعدة معنوية له.

لكن هل يمكن لخط ساخن مجاني أن يساعد في التخفيف من نسبة الانتحار؟ لا يمكن الجزم ولكن من دون شك أن التوعية بأهمية الصحة النفسية والتخفيف من الوصمة الاجتماعية يساعدان المصابين بالاكتئاب وكل من يفكر بالانتحار على تجاوز ما يمرون به.

(الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!