ما هي تكنولوجيا النانو ( الدكتور وسيم جابر )

 

 

حاورته الاعلامية جومانا كرم عياد

إن وجود التكنولوجيا المتطورة بات اليوم العصب الحقيقي الذي يتحكم بلغة القوة في البشرية الحديثة. والعصب الاساسي هو النانو تكنولوجيا او التكنولوجيا المصغرة على مقياس جزيئي وذري. وللتعرف على هذا العلم وتطبيقاته ومجالاته، كان لنا شرف لقاء مع الباحث العلمي في مجال النانوتكنولوجيا في جامعات فرنسا والذي لديه العديد من الابحاث العلمية في مجال النانو فيزياء الدكتور وسيم جابر.

١ – د. وسيم ، ما هو النانو تكنولوجيا؟
النانو هو عبارة عن أحد أجزاء القياس ، وهو جزء من مليار من الشيء. لتقريب الصورة للقارئ ، نعطي مثالا: تبلغ سماكة شعر الانسان بين خمسون الى ثمانون ميكرومتر ، والنانو هو أصغر من هذه السماكة بألف مرة الى ثمانية الاف مرة. وطبعا لا نستطيع ان نرى جزيئات النانو بواسطة العين المجردة وانما نحتاج الى اجهزة مجهرية تكبر هذه الجزيئات كي نراها. مما يمكننا من التحكم بها واستخدامها في مجالات عديدة.

٢ – ما هي تطبيقات النانو تكنولوجيا وأين يتم استخدامها؟
يمكننا الإستفادة علميا من تقنية النانو في مجالات عديدة ، كالطب والطاقة والصناعة والزراعة اضف الى التطبيقات العسكرية والامنية.
في الطب: على صعيد التشخيص والعلاج الطبي ، يوجد العديد من الإستخدامات لتقنية النانو. اعطي مثالا ، يوجد اليوم جهاز الكتروني صغير وبداخله مواد نانونية. ويسمي هذا الجهاز علميا “مختبر على رقيقة”. يتم وصل هذا الجهاز على الهاتف الذكي الذي بداخله تطبيق. يكفي للشخص ان يستيقظ في الصباح وان ينفخ في هذا الجهاز ومن خلال الزفير يستطيع الشخص ان يعرف ما اذا كان لديه عوارض صحيه كسرطان الرئه او غيرها.
أيضا طبيا تمت صناعة آلات دقيقة جدا بحجم كريات الدم ” تسمى نانو روبوتيكس” لعلاج العديد من الامراض التي تتطلب إجراء العمليات الجراحية. مثال: إنسداد الشرايين وكذلك الأورام. ويمكن أيضا لهذه الروبوت الصغيرة جدا أن تُدخل الدواء على المكان المصاب داخل جسم الانسان دون أن يأخذ الدواء بالطرق التقليدية عبر الفم ليغطي كامل الجسد.
أيضا يتم الإستفادة منه في الأقمشة ، على صعيد المثال: عندما يكبر الإنسان فإن الجلد عنده يُصبح أكثر عرضة للإصابة بالبكتيريا. اليوم تمت إضافة مواد نانونية لبعض الاقمشة مهمتها القضاء على هذه البكتيريا وتقليل عددها مما يساعد الجلد على الحماية اكثر.
وأيضا يتم استخدام جزيئات نانو من مادة الذهب ، يتم إدخالها الى المنطقة المُصابة بالسرطان وتعريضها لاشعة تساعد على قتل الخلايا السرطانية مثال ، سرطان الثدي. كذلك تمت اضافة مواد لهذه الجزيئات تستطيع حينها ان تميز الخلية المصابة من الغير مصابة بالسرطان وتعمل على مهاجمة الخلية المصابة.

امّا على الصعيد الصناعي: فيتم اليوم صناعة أقمشة يتم رشها بجزيئات النانو ، مما يساعد هذه الأقمشة على إزالة الجراثيم والاوساخ واية مادة قد تقع على هذه الأقمشة بشكل ذاتي. أيضا يوجد أقمشة ذكية ، في داخلها مجسات حرارية من النانو يمكنها ان تحول حرارة الجسد الى طاقة يمكن الاستفادة منها. ايضا بفضل انابيب انانو كاربون ” carbon nanotube”، تمت صناعة مواد جدا صلبه تفوق في قوتها صلابة الفولاذ مع خفة وزنها وهذه يتم الاستفادة منها في البناء ، البلستيك والتطبيقات العسكرية. اما الكترونيا ، فبفضل هذا التقنية تم اليوم التحكم بالسعة الداخلية للاجهزة وبحجمها مما ياعد على التطور السريع لهذه التكنولوجيا. طبعا يعود الفضل لتقنية النانو وذلك من خلال تصغير حجم الترانزيستورات داخل ال cpu. اضف الى ذلك بفضل هذه التقنية اصبحت بعض شاشات الهواتف والاجهزة بسماكة الورقة. التى نكتب عليها.

اما على صعيد الطاقة ، فاليوم تم انتاج بطاريات تُخزن كميات كبيرة من الطاقة ولفترات طويلة وبالتالي يمكن الاستفادة منها في السيارات او الاجهزة الالكترونية كالاقمار الصناعية وغيرها.
٣ – هل يتم إستخدام هذه التقنية في العالم العربي ؟ وفي لبنان ؟
للأسف لا. العالم العربي يعيش وهم التكنولوجيا ، اي بمعني وجود تضاعف بالاستهلاك بينما الانتاج معدوم. هناك محاولات في بعض الدول الخليجية كونها تملك المال بإستحداث هذه التقنية ولكن العقل والمُشغل هو الغرب. في لبنان ، يوجد بعض الأبحاث البسيطة ولكنها لا ترتقي الى المستوى العالمي كون التجارب العلمية في هذا المجال تحتاج لميزانية كبيرة.

٤ – ما هي المعوقات التي لا تمكننا من هذه التكنولوجيا في بلداننا العربية؟

حقيقة ، يوجد لدينا قدرات فكرية وعلمية لا يُستهان بها في بلداننا العربية ، ولكن هناك عقبات ضخمة تؤدي الى عدم التمكن او الوصول الى هذه التكنولوجيا ومنها:
– الفقر
– النظام التعليمي المُتبع في المدارس والجامعات تقليدي ويحتاج الى تطوير.
– الضغط الشديد الموجود في المجتمعات العربية ، دائما هناك حروب وأزمات سياسية تؤدي الى عدم الإستقرار .
– عدم وجود قرار سياسي جريء للاستفادة من هذه التكنولوجيا. للأسف الكيان الاسرائيلي يعد العاشر عالميا في النانوتكنولوجيا وتبلغ نسبة صادراته ١٦% بينما لا تتخطي في الوطن العربي ال ٣%. اعطي مثالا صغير ، إسرائيل تغنم سنويا ١١،٩ مليار دولار ولكنها تنفق ٤،٧%. تخايلي حجم الايرادات التي تكسبها اسرائيل من هذه التكنولوجيا وللاسف ايضا معظم مبيعاتها للدول العربية.

هل لبنان قادر من الاستفادة من هذه التكنولوجيا في المستقبل؟
للأسف هناك محاولات فردية من بعض الاساتذة في الجامعات ولكنها تبقي ضعيفة. في ظل غياب الدولة والدعم في هذا المجال سوف نبقي نلملم قشور التكنولوجيا.

د. وسيم ، ماذا تقول للشباب الذي يسعى لكسب هذه التكنولوجيا؟

أقول لهم بأن النانوتكنولوجيا هي جسر العبور نحو مستقبل افضل ، وهي لغة القوة للبشرية اليوم. لا تكلوا ولا تملوا ، انتم قادرين من الوصول رغم كل المعوقات ، تستطيعون ان تلتحقوا بالمختبرات والجامعات الخارجية ، ان تتواصلوا مع من لديهم الخبرة والمعرفة بهذا المجال في الجامعة اللبنانية وغيرها.

كلمة أخيرة: أود أن أشكركم على هذه المقابلة من خلال تسليطكم الضوء على هذا العلم الحساس الذي بات لغة القوة بيد الدول المتقدمة. وعلى الشباب ان يدرك أهمية هذا العلم في شتى المجالات ، الطاقة والصناعة والزراعة والطب وغيرها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى