عودة اللاجئين بين الحريري وباسيل: ماذا جرى بالاجتماع السري؟
منير الربيع – المدن
مقابل التصعيد الذي يقوده الوزير جبران باسيل في ملف اللاجئين السوريين والإجراءات التي يتخذها بحق المفوضية العليا لشوؤن اللاجئين، يتصرّف الرئيس سعد الحريري بهدوء، ويفضّل عدم الاستعراض في هذا الملف، وإن لا يخفي العتب على وزير الخارجية وأدائه وتصعيده في وجه المجتمع الدولي، إلا أنه يحرص على عدم الاختلاف معه أو الدخول في سجال علني. فما بينهما أكبر بكثير من أن يفرّقه ملف من هنا أو من هناك. صحيح أن باسيل ظهر كأنه يتخطى صلاحيات رئيس الحكومة، بدون أي رد مباشر من الحريري، إلا أن بعض الدوائر القريبة من الحريري تشير إلى أن رئيس الحكومة لا يوافق على ما يقوم به باسيل.
تدخل القصّة في بعض من التضارب حيال تحديد حقيقة الموقف. في اليوم الذي أعلن فيه باسيل تصعيده ضد المفوضية واتخاذه إجراءات بحق العاملين فيها، عُقد اجتماع بعيد من الإعلام بينه وبين الحريري في بيت الوسط. لم تتسرّب معلومات عن مضمون اللقاء، فيما تصر مصادر قريبة من الحريري على أنه لم يوافق على طروحات باسيل، مقابل طرح آخرين أسئلة متعددة. فإذا لم يحصل اتفاق، ما الذي دفع باسيل إلى المضي بموقفه؟ وإذا تحدّثت دوائر الحريري عن تراجع عن القرار، فلماذا أصر باسيل عليه وأبلغ المفوضية به مانحاً إياها مهلة أسبوعين؟ لا جواب واضحاً، فيما هناك من يحمّل الحريري مسؤولية ما يجري، ويعتبر أنه يتنازل عن صلاحياته مقابل توافقات غير مفهومة مع باسيل.
الغريب حتى الآن هو عدم صدور موقف واضح من قبل الحريري ردّاً على ما قام به باسيل. وقد أوكل الردّ إلى الوزير معين المرعبي والمستشار نديم المنلا. وتكشف مصادر متابعة أن الحريري متحمس أيضاً لعودة اللاجئين، لكنه لا يريد إظهار ذلك في الإعلام، كما لا يريد الضغط عليهم للعودة، بل هو يكتفي بالقول نحن لن نمنع أحداً من العودة. وهذا يعني أن مسألة عودة من يريد أن يعود غير مرتبطة بالنسبة إليه بالمناطق الآمنة.
في المقابل، يتمسك الوزير معين المرعبي بالعودة الآمنة للاجئين. فلبنان يريد عودتهم لما يشكلونه من أعباء، لكنه أمام مسؤولية أخلاقية كبرى، في مسألة عدم دفعهم إلى التهلكة أو إلى الموت والمعتقلات، خصوصاً أن النظام السوري سيعمل على إدخال الشباب في صفوف الجيش لحاجته إلى تعزيز جبهاته. ويشير المرعبي إلى التعويل على دور روسي مُساعد في تأمين العودة للنازحين من لبنان، ويدعو باسيل إلى “التواصل مع المسؤولين الروس، إما عبر السفير في لبنان أو عقد لقاء مباشر مع نظيره سيرغي لافروف لعرض هذه القضية”، متحدّثاً عن “تقصير دبلوماسي بهذا الملف”.
يؤكد المرعبي “أننا كحكومة لبنانية لا يُمكننا تحمّل تبعات التواصل والتنسيق المباشر مع النظام السوري الذي ارتكب المجازر في حق شعبه. لذلك، فإن أفضل طريقة لتأمين عودتهم هي التواصل مع الامم المتحدة والمنظمات الدولية”. ويشير إلى أن “ما يقوم به النظام من ترانسفير لا يُشجّع النازحين على العودة، ويُضاف إليه أخيراً القانون رقم 10 الذي يُقيم من خلاله مستوطنات للسوريين في أراضيهم”.
وتكشف مصادر متابعة أن هذا الملف كان مدار بحث بين الحريري والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. إذ تمنى الحريري على الرئيس الروسي التدخل لأجل تأمين عودة آمنة للاجئين إلى مناطقهم وأراضيهم، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات عملانية واضحة لحفظ حقوقهم وممتلكاتهم بموجب القانون رقم 10. وتشير المصادر إلى أن الحريري طالب بوتين بتوفير الظروف الآمنة لعودة اللاجئين، في ضوء الانتشار الروسي الذي حصل قبل أيام في محيط منطقة القصير، وعلى مقربة من الحدود اللبنانية- السورية، بحيث تكون عودة هؤلاء خاضعة لضمانة ورعاية روسية.