هذه اعترافات الضابط.. «سائق» تاجر المخدرات!

هذه اعترافات الضابط.. «سائق» تاجر المخدرات!
المستقبل 
ببزّته العسكرية، مثل الضابط في قوى الأمن الداخلي علي م. أمام المحكمة العسكرية الدائمة ليُحاكم، بعد إخلاء سبيله، بتهم تتصل بالتدخل بجرم الاتجار بالمخدرات عن طريق نقل وتهريب وتقديم المساعدة لأحد المطلوبين علي ع.م. رغم معرفته بمسيرته الإجرامية، وإلتماس رشوة منه وإبلاغه عن أمور تتعلق بتوقيف مشبوهين وعمليات تقوم بها قوى الدولة.

يقرّ الضابط، وهو كان من عداد عناصر مكتب مكافحة المخدرات الإقليمي في البقاع، أنه تلقى من الموقوف علي ع.م. مبلغ ألف دولار كهدية، والذي تعرف عليه عن طريق «الصدفة». هو سارع إلى تبرير قبول هذه «الهدية»، بالقول إن علي، الذي عرّف عن نفسه أمامه بأنه يدعى «عباس»، زاره في منزله لتقديم التهنئة بولادة ابنه، حيث وضع ظرفاً على صينية الشوكولا بداخله ألف دولار، «وهيدا نقوط ما منردّو حسب عاداتنا وتقاليدنا في البقاع»، ليردّ الضابط بعد ذلك الزيارة لـ«عباس». أما عن مبلغ الألفي دولار الذي «عثر عليه» الضابط في باب سيارته، فقد«أعدته إليه» لأن الضابط «معروف في المنطقة أنني من المستحيل أن أقبل بذلك»، ناسفاً جميع اعترافاته الأولية أمام «شعبة المعلومات» في قوى الأمن الداخلي، «بسبب الضرب الذي تعرضت له» على حد تعبيره.

ويزعم الضابط، وهو برتبة ملازم أول، أن قربه من عباس وهو في الحقيقة علي م. المطلوب بموجب 26 مذكرة عدلية وبرقية انتربول بتجارة وتصنيع وتهريب مخدرات وسرقة واحتيال وتزوير، كان يهدف منه إلى إلقاء القبض على المطلوب ح.م. و«أن عملية مداهمة الاخير كنت محضّراً لها».

ثلاث مرات فقط «نقلت عباس بسيارتي العسكرية من بيروت إلى البقاع وبالعكس» – يقول الضابط – وكان المطلوب يحمل هوية شقيقه عباس وبحوزته مسدس حربي و«نصف حبة كابتاغون»، لم يلفت نظر الضابط أي شيء في المطلوب، فتنقله «أبعد الشبهات عنه».

إلى جانب الضابط، يحاكم الموقوفون بسام ص. وعلي ح.م. والرقيب أول حسين م. فيما يلاحق غيابياً كل من علي أ. وحسن ط.

في العاشر من شهر كانون الثاني الماضي، «أوقفت في ضهر البيدر وكان برفقتي علي م. الذي عرفني عن نفسه بأنه يدعى عباس وكان بحوزته مسدس حربي لم انتبه إليه»، بادر الضابط رئيس المحكمة لدى سؤاله، ليتابع بأنه كان لديه مخبر كلفه بتبيان هويات تجار المخدرات وكمياتها، «كوني كنت من عداد عناصر مكتب مكافحة المخدرات الإقليمي في البقاع»، وأضاف: «لو كنت أعلم أن عباس هو علي ع.م. لسلّمته ونلت بذلك تهنئة المدير العام».

ولماذا كان برفقتك – سأله رئيس المحكمة – فأجاب: «كان الهدف من التعرف عليه هو الوصول الى المطلوب ح.م.»، وأن علي ص.م. هو من عرّفه على الموقوف علي ع.م. (عباس).

وقال الضابط إنه كان يعلم أن علي ع.م. شخص مطلوب للقضاء وأنه موجود في سوريا منذ العام 2016. وعندما سأله رئيس المحكمة: ‘لا تعرف صورته فأجاب بأن المخبرين أرسلوا له صورة تعود لعباس ص.م.

وكم مرة نقلته في السيارة العسكرية، قال الضابط: «ثلاث مرات فقط وتحشمت عليه لأنني أردت أن أُخفي الموضوع عن أنني أعمل على توقيف مطلوب من آل م. كي لا يتعرضوا لي». أضاف: «اتفقت معه على أن نلتقي وننسّق في ما بيننا، وكنت قد حضّرت لعملية مداهمة المطلوب ح.م.».

وكيف تنقل بسيارتك تاجر مخدرات؟ أجاب الضابط بأن علي ع.م. انتحل شخصية شقيقه عباس. وكيف لم يلفت نظره ما كان بحوزة المطلوب من مسدس ونصف حبة كابتاغون وهوية مزورة؟ قال: «أنا سألته عن شقيقه علي وقال لي إنه موجود في سوريا وهو بدأ يزودني بمعلومات عن المطلوب الذي أعمل على توقيفه، وقد فوجئت أنه ينتحل شخصية أخرى». وأضاف الضابط أن ما أبعد الشبهات عن المطلوب الذي نقله هو كونه يملك شركة لتأجير السيارات في بيروت باسم عباس م.ويتنقل باستمرار بين بيروت والبقاع «فكيف هو مطلوب ولديه الجرأة في التنقل بهذه الطريقة».

وحول ما ذكره الضابط في إفادته الاولية أنه أثناء تواجده في منزل علي (عباس) كونه كان يعمل لديه على أسماء مطلوبين وذلك في شباط 2017، حضر علي ص.م. وكان الضابط على يقين أن الأخير هو نفسه تاجر المخدرات إنما لم يكترث للأمر وطلب المطلوب المذكور منه إعلامه عن أي ملفات أو كتب معلومات ترد بحقه إلى مكتب مكافحة المخدرات، وأن الضابط وافق على ذلك، جاء جواب الملازم أول أمام المحكمة: «مع الأسف، عندما وصلت إلى التحقيق تعرضت للضرب وكانوا يفتشون عن مبلغ 3 ملايين دولار ولم يكن بحوزتي أي شيء سوى عباس م.». أضاف:«إما أنا يهودي عم تتحققو معي أو أنا في إسرائيل»، توجه الضابط بهذا الكلام إلى المحققين.

وسأله رئيس المحكمة: ولكنك ضابط في مكتب مكافحة المخدرات وتنقل مطلوباً بتجارة المخدرات، فكيف ذلك؟ فأجاب: «إن القضية سرّبت إلى الإعلام وأنا لا أزال في التحقيق حيث تم تهديدي بعائلتي كما اتهموني بتجارة السلاح». وقال: «أنا أنكر إفادتي التي أدليت بها تحت الضرب».

في تلك الإفادة ذكر الضابط «أن علي (عباس) لديه علاقات سياسية وأمنية على مستوى رفيع وسينقلني إلى أي مركز أريده وسأحصل منه على مكافأة مالية، في حال نفّذت ما طلبه مني»، وردّ الضابط على ذلك: «أنا تعرفت على علي (عباس) في شهر شباط أو آذار حيث زارني في منزلي مهنئاً بولادة ابني ووضع على صينية الشوكولا ظرفاً كان بداخله ألف دولار، وهذه نقوط وبحسب عاداتنا في البقاع لا يمكن رفضه». وأضاف الضابط في استجوابه: «أنا زرته في منزله في حورتعلا كردّ لزيارته وكانت والدته تناديه باسم عباس وليس علي».

وكيف تزور مطلوباً في منزله؟ أجاب: المطلوب هو علي وهو خارج لبنان، وإذا زارني أشخاص من عائلتي فهل «أفيّش عليهم»، أنا أردت ردّ الزيارة ليس أكثر.

وبسؤاله أصر الضابط على أنه كان ينقل عباس وليس علي ولثلاث مرات فقط، وفي إحدى المرات علم أن هاتفه معطل وعندما نزل الضابط من السيارة وجد ظرفاً ببابها وبداخله مبلغ ألفي دولار فأعاده إلى علي «عباس»، ومبلغ الألف دولار هو «نقوط»، وهذا «كله ما استحصلت عليه من علي».

وعاد الضابط ليشرح أساليب التعذيب الذي تعرض له في معرض التحقيق الأولي لتتدخل ممثلة النيابة العامة القاضية منى حنقير وتتوجه إلى الضابط قائلة: «إذا فعلاً تعرضت للضرب فلماذا لا تتدعي على الفاعلين؟»، ورد الضابط بأنه أحيل إلى قاضي التحقيق بعد التأكد من أن آثار الضرب لم تعد موجودة.

واستجوبت المحكمة علي ع.م. الذي انتحل صفة شقيقه عباس، فنفى ما أدلى به سابقاً لجهة طلبه من الضابط «غض النظر» عنه كونه مطلوباً وإعلامه بأي مستجدات ترد بحقه بعدما نقّده ألف دولار، وقال إنه تعرف على الضابط لدى علي ص.م. وعرفه عن نفسه باسم عباس، أما عن طبيعة هذه العلاقة فقال المتهم إن الضابط طلب منه التعاون معه لتوقيف مطلوب وهو جاره وإن مبلغ الألف دولار هو «نقوط». وأضاف بأنه انتقل بسيارة الضابط ثلاث مرات فقط.

ولماذا تتقرب من ضابط وأنت مطلوب أجاب المتهم علي: «أول على آخر بدي انكمش»، وبسؤاله: ألم تشك بأن الضابط قد يعرف هويتك الحقيقة؟ قال: «إن اخي عباس يشبهني كثيراً وأنا لم أقل للضابط إني علي في أي مرحلة، فهو كان يتقرب مني وليس أنا ولذلك رافقته».

وأوضح المتهم أنه ضبط بحوزته مسدس ونصف حبة كابتاغون، نافياً امتلاكه معملاً لتصنيع هذه الحبوب «أنا قلت نص حبة وطلع وراها معمل؟»، وأضاف: «اذا كان لدي معمل فلماذا لم تتم مداهمته». ولماذا سمّى في التحقيق أشخاصاً يعملون في المعمل ومنهم سوريون؟ أنكر المتهم ذلك.

وعما أفاد به أولياً بأن محمد ح. أخبره بأن الضابط يستقصي عنه وطلب من محمد المذكور أن يعرّفه عليه وأنه بالفعل التقى به في منزل علي ص.م. وبعد ذلك اتصل بالضابط وطلب منه نقله بسيارته إلى الرملة البيضاء، أوضح المتهم بانه اتصل بالضابط «وسألته إذا نازل عا بيروت وهذا ما حصل».

ولماذا لم يذكر سابقاً أنه استعاد مبلغ الألفي دولار، أكد المتهم استعادته «لأن الضابط لا يقبل هدايا»، وأن مبلغ الألف دولار «نقوط». وتابع يقول إن والدته تناديه باسم «أبو عليش» ولا تناديه باسمه الحقيقي، فيما هو معروف في بلدته حورتعلا باسم علي وعندما ينزل إلى بيروت يستعمل اسم عباس، وأن الضابط يعرفه بالاسم الأخير.

وقررت المحكمة رفع الجلسة إلى الرابع من تموز المقبل لمتابعة استجواب المتهمين بسام ص. وحسين م.

(خاص “المستقبل”)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!