نذر تصعيد: إسرائيل تستدرج لبنان!
صدى وادي التيم – أمن وقضاء /
تكشف الوقائع المتسارعة في الأيام الأخيرة الأخيرة أن إسرائيل ذهبت بعيدا في تعديل استراتيجيتها تجاه لبنان وحزب الله، مستندة إلى قناعة راسخة بأن سلاح الحزب لن يُسلّم عبر تفاوض داخلي أو ضغوط ديبلوماسية، بل عبر معادلة الميدان. ويتزامن هذا التحوّل الإسرائيلي مع استمرار الضغط في الداخل من أجل توسعة قاعدة الرأي العام المناهض للحزب، واستطرادا زيادة الشرخ عبر السعي إلى تأجيج عوامل مواجهة داخلية.
في هذا الإطار، تأتي الغارات الإسرائيلية الأخيرة، وتحديدا في الضاحية الجنوبية لبيروت، كجزء من مقاربة أوسع ترتبط بموقف إسرائيل الرافض للمسار الديبلوماسي الأميركي – الإيراني، الذي ترى فيه تهديداً لإستراتيجيتها الإقليمية. وتعبّر التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي دعا فيها إلى “التدمير الكامل لقدرات إيران النووية”، عن نية التصعيد لإفشال أي تسوية قد تعيد طهران إلى الساحة الدولية بشروط مُخفّفة.
من هنا، تسعى إسرائيل إلى ضرب عصفورين بحجر واحد: استدراج حزب الله في لبنان إلى مواجهة مفتوحة تعيد خلط الأوراق الداخلية والإقليمية، وتعزيز الضغط الأميركي على إيران عبر تعقيد المشهد اللبناني وربطه بالملف النووي. ولا يخفى أن هذا المسعى يجد بيئة محلية خصبة، حيث الجدل الداخلي حول مسألة احتكار الدولة السلاح يتفاقم، من دون توفّر تصوّر عملي أو توافق سياسي على آليات المعالجة.
تعتقد أوساط سياسية متابعة، أن خطورة المشهد تكمن في أن إسرائيل قد تستخدم الانقسامات اللبنانية ذريعة لتوسيع اعتداءاتها بحجة تنفيذ القرار 1701 أو بسط سلطة الدولة، مستفيدة من تساهل دولي متزايد مع خروقها، وعلى الأرجح بغطاء أميركي كامل لا تحفّظ فيه. وقد يشكل التصعيد الأخير في الضاحية الجنوبية إشارة مبكرة إلى توجه إسرائيلي نحو تصعيد محسوب، يهدف إلى اختبار حدود الردع، وإلى دفع حزب الله إلى معادلة ردّ قد تفتح الباب أمام تصعيد أوسع.
تأسيسا على هذا القراءة، يواجه لبنان مشهدا معقدا ومركّبا: تصعيد إسرائيلي مدروس، ضغوط داخلية متصاعدة على المقاومة، وبيئة إقليمية حبلى بالتغيرات، وسط غياب رؤية لبنانية موحدة أو استراتيجية احتواء فاعلة. وإذا استمرت المراوحة السياسية الداخلية والانكشاف الإقليمي، فإن لبنان قد يجد نفسه أمام مواجهة مفتوحة تتخطى الحسابات المحلية لتتداخل مع الصراع الإقليمي الأكبر.