لبنان لم يغادر “عين العاصفة”… فهل تهبّ الحرب مجدداً؟

صدى وادي التيم – أمن وقضاء /

لم تتأخّر تشظياتُ انهيارِ نظام الأسد بسورية في الظهور لبنانياً مدجّجةً بـ «قلقٍ مشروع» حيال إمكان أن تؤدّي «هشاشة الدولة» (اللبنانية) والإصرارُ على لفّ «بلاد الأرز» بـ «حزام ناسف» رغم الأبعاد الجيو – سياسية للتحوّل التاريخي في «بلاد الشام»، إلى تفويت الفرصة على لبنان للاستفادة المزدوجة من التأثيرات الإيجابيةِ ل «سورية جديدة» ولاسيما لجهة «فك ارتباطه» الجغرافي بـ «المحور الإيراني»،

كما «الإفلات» من «أنياب» بنيامين نتنياهو الذي لم يَقُل بعد «كل ما عنده» في الحرب على الوطن الصغير الذي يُخشى زجّه مجدداً في طريقٍ، «الوراءُ» فيها هو السيئ و«الأمام» قد يكون… الأسوأ. ولم يكن عابراً أنه في اليوم الثالث على خلْع الأسد، انشدّتْ بيروت إلى عنوانين خطيريْن موصوليْن بالحدَث السوري الذي ما زال مفتوحاً: – العنوان الأوّل «منطقة الحماية» التي أقامتْها إسرائيل في سورية بالتوازي مع «مَحوها» البنية العسكرية، البرية والبحرية والجوية، لجيش الأسد وكأن في الأمر «اجتثاثاً» لكل عناصر «التوازن الاستراتيجي» بالتسليح التي «استثمرتْ» فيها إيران خصوصاً (وبدرجةٍ أقلّ روسيا) في سياق تثبيت ركائز «قوس النفوذ» المترامي عبر العراق وصولاً إلى تخوم إسرائيل عبر جنوب لبنان. ومردّ الاهتمام اللبناني بالتوغل الإسرائيلي الكبير في سورية، أنّ هذا التطور غير المفاجئ يَحمل مَخاطر تطلّ في جانبٍ منها على تَحَسُّب بات قائماً لعدم صمود هدنة الستين يوماً (بدأت في 27 نوفمبر) بموجب اتفاق وقف النار، في ضوء تَوَجُّسٍ من أن إسرائيل التي سبق أن توعّدتْ بـ «العودة بقوة أكبر الى الحرب» بحال لم يتمّ تنفيذ مندرجات الاتفاق وفق تفسيرها الذي يجعله سارياً في «عموم لبنان» وليس فقط جنوب الليطاني وبـ «أنه لن يكون في هذه الحال تمييز بين الدولة اللبنانية والحزب»،

قد تجد «عند أول فرصة» باباً للضغط على الزناد «لمرة أخيرة» مستفيدةً من معطيين غابا عن حرب الـ 65 يوماً بين 17 سبتمبر و27 نوفمبر. أولهما خسارة «الحزب » خط الإمداد بالسلاح الذي كان يشكّله «الكوريدور» السوري الذي «أُقفل إلى غير رجعة» برحيل الأسد ونظامه، بما جَعَلَ «رأس» المحور الإيراني يَفقد ذراعاً أساسية في «بلاد الشام»، وتَرَكَ الذراعَ الأقوى كتشكيلٍ عسكري أي الحزب في ما يشبه العزلة التي تسهّل «إكمال المهمة» بالقضاء عليه. وثانيهما أن تَوَغُّل إسرائيل في المنطقة العازلة في الجولان السوري المحتلّ وما بعدها، يعني في أي «حرب متجدّدة» مع «الحزب» أن الأخير بات بين فكيّ كماشةِ فقدان «الظهير» السوري وإمكان التفاف تل أبيب عبر الجولان نحو البقاع الغربي لفرْض وقائع عسكرية والإطباق على الحزب. وفي رأي أوساط سياسية أن ثمة مناخاتٍ برزت في اليومين الماضيين وتحديداً من «الحزب»، على شكل تصريحاتٍ وأجواء، بلغة «اتفاق وقف النار حدوده جنوب الليطاني فقط» و«للصبر حدود» على الخروق الإسرائيلية المتمادية واليومية، وسط تساؤلِ هذه الأوساط، وهي على خصومة مع الحزب، عمّا يتكئ عليه في معاندته الوقائع الجديدة، سواء التي عبّر عنها نصّ الاتفاق الذي كُتب بحبرِ «بدءاً من جنوب الليطاني» (تفكيك بنيته العسكرية)، أو التي عَكَسها سقوط الأسد بما يعنيه تالياً من تطبيقٍ تلقائي للقرار 1701 في شقه المتعلق بمنْع عبور السلاح وخصوصاً عبر سورية. وتَخشى هذه الأوساط من أنّ أي إمعانٍ أو مغالاةٍ أو «سوء تقدير» جديد للموقف، سيزج الحزب ولبنان هذه المرة في نسخةٍ مكرَّرة من «محرقة غزة»، متسائلةً في ضوء مؤشراتِ «انتهاء اللعبة» على صعيد وضعية الحزب العسكرية التي إما يُنْهيها بشراكةٍ منه تحت سقف اتفاق وقف النار أو تتولاها إسرائيل «بالنار»، ما موقف طهران في هذا الإطار وهل تحتمل القراءةُ إمكانَ أن تكون إيران، التي خرجت من سورية خالية الوفاض وخسرت مقعداً للتفاوض من موقع قوةٍ على طاولة الشرق الأوسط الجديد، في وارد «إشعال» ورقة الحزب، التي صارت واقعياً «محترقة» بمعناها ومفعولها الإقليمي، في محاولة لاستدراج موقعٍ ولو على مقاعد الاحتياط. «كبار رجالات نظام الأسد» – أما العنوان الثاني الخطير فأطلّ من الفوضى على الحدود اللبنانية – السورية، ولا سيما المصنع، وسط تقارير عن دخول «كبار رجالات نظام الأسد» ومكوثهم في بيروت وفنادقها والضاحية الجنوبية وأبرزهم علي مملوك المطلوب من القضاء اللبناني في مجزرة تفجير مسجدي التقوى والسلام في طرابلس قبل أكثر من 11 عاماً. وأثارت هذه التقارير خشيةً من تأثيراتها على العلاقة بين «لبنان القديم» – أي الذي لم يَخرج من محسوبياتٍ رُبطتْ بتهريب رجال الأسد مقابل رشى – وبين «سورية الجديدة»، كما على ما بقي من هيبةٍ لدولةٍ باتت «هيكلاً عظمياً»، وسط تسريباتٍ أيضاً عن دخول أعداد كبيرة جداً من رجالات الأمن والمخابرات السورية عبر المعابر غير الشرعية وخصوصاً الهرمل. وقد أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أنه «توضيحاً لِما يتم تداوله عن دخول بعض المسؤولين السوريين السابقين، أو عبورهم إلى دول أخرى، إلى لبنان، فان سياسة الحكومة اللبنانية لطالما كانت الركون إلى القوانين اللبنانية والدولية وهو أمر إنتهجتْه طوال الفترة السابقة عندما استقبل لبنان مئات الآلاف من الأخوة السوريين». وأكد أنه «يتابع هذا الموضوع عن كثب وقد أجرى لهذه الغاية اتصالات مكثفة بكل من وزير العدل هنري خوري، ومدعي عام التمييز القاضي جمال الحجار، والمدير العام للأمن العام بالتكليف اللواء الياس البيسري، وأعطى توجيهاته بأن يصار إلى الاحتكام بهذا الملف إلى ما تفرضه القوانين والأنظمة المرعية الإجراء، وتحت إشراف القضاء المختص وفي ما يؤمن مصلحة لبنان واللبنانيين ومستقبل العلاقات مع الشعب السوري». بدوره أعلن وزير الداخلية بسام مولوي في مؤتمر صحافي أنه «لم يدخل أي عنصر أمني في النظام السوري السابق إلى لبنان»، مشيراً إلى أن «أي سوري ملاحَق بتدابير قضائية يتم منعه من الدخول»، وموضحاً أن «هناك بعض العائلات السورية في لبنان لكن لا يوجد عليها منْع أو أحكام قضائية أو تدابير عدلية». محررون لبنانيون وإذ كشف «وصول 9 من المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية إلى لبنان»، لفت إلى «أن» التعليمات المطبّقة على المعابر الشرعية صارمة وسنضيف حاجزا أمنيا للجيش والأمن العام في معبر المصنع، موضحاً أن«السوريين الذين دخلوا في الفترة الأخيرة هم أصحاب الإقامات القانونية وتتوفر فيهم الشروط وبلغوا 8400 شخص، والخارجون أكثر من الداخلين ونتوقع خروجاً أكثر عند استقرار الوضع في سورية». وحذّر «الحزب التقدمي الاشتراكي» في ضوء «ورود أخبار عن هروب بعض قيادات النظام المخلوع في سورية إلى لبنان عبر المعابر الشرعية أو عبورهم من لبنان إلى دول أخرى» من «خطورة تحويل لبنان إلى ملجأ آمن لهؤلاء المسؤولين عن الكثير من الجرائم بحق لبنانيين وسوريين»، داعياً الدولة بكل مؤسساتها الأمنية والقضائية «إلى تدارك هذا الأمر ومنع حصوله كي لا يتحمل لبنان تداعيات قانونية وسياسية نتيجة لهذا الأمر». وكانت صحيفة «نداء الوطن» نقلت عن مصادر أمنية رفيعة المستوى، «ان اللواء علي مملوك، الذي دانه القضاء اللبناني بالقيام بأعمال إرهابية في ملف مسجدَي التقوى والسلام يختبئ في الضاحية الجنوبية، بحماية من الحزب»، وأن والدة رامي مخلوف، زوجة خال الأسد، وفراس عيسى شاليش (ابن أخ ذو الهمة شاليش، المتورط في مجازر محافظة حماة وجسر الشغور أيام حافظ الأسد)، وخالد قدّور رجل الأعمال المُقرّب من ماهر الأسد والمدرَج على لائحة العقوبات الأميركية، موجودون في 3 فنادق في بيروت. ووفق المصادر الأمنية «فلجوء عناصر المخابرات السورية ورجالات النظام، بدأ قبل أيام من سقوط دمشق وبتسهيل من «الحزب» ومن ضابط في الأمن العام عند الحدود اللبنانية تربطه صلات بعلي مملوك». في موازاة ذلك، بقيت الفوضى في المنطقة الحدودية عند نقطة المصنع حيث أمضى أكثر من 1500 سوري ليلتهم في الباحات الخارجية لدوائر الأمن العام في ضوء التشدد في إجراءات الدخول وحصرها بمن يستوفون الشروط القانونية وفي مقدّمها الإقامة اللبنانية أو الأجنبية أو بطاقة سفر إلى دولة ثالثة عبر مطار بيروت.

المصدر: الراي الكويتية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!