تفاهمات تركية – روسية قد تقلب المعادلة في سوريا!
صدى وادي التيم – أخبار العالم العربي /
أضعفت التطورات المتسارعة في سوريا منذ أكثر من أسبوع قبضة نظام الرئيس بشار الأسد، بعد أن تلقى جيشه ضربات متتالية أبرزها خروج مدينة حلب عن سيطرته واستيلاء الفصائل المسلحة على مدينة حماة، وتتقدم اليوم باتجاه حمص على مشارف العاصمة دمشق. لا شك في أن ما يحصل ليس بسيطاً ومجرد عمل عسكري انتقامي من النظام وحلفائه، إنما يرتبط بحسابات اقليمية وأبعاد دولية ليست خافية على أحد.
وفي محاولة لايجاد حلّ للأزمة السورية، يعقد وزراء خارجية تركيا وإيران وروسيا اجتماعًا ضمن عملية آستانة الخاصة بسوريا في الدوحة غدًا السبت، وفق ما أشارت “رويترز” عن مصدر دبلوماسي تركي. فإلى أين منحى ممكن أن تتجه الأمور في سوريا؟ وهل تدخل اسرائيل على الخط، خاصة وان الجيش الإسرائيلي، بحسب “يديعوت أحرونوت”، يعزز انتشار قواته في الجولان؟
العميد المتقاعد ناجي ملاعب يؤكد لـ”المركزية” ان نائب رئيس جامعة تل أبيب إيال زيسر، مؤلف كتاب “باسم الأب.. بشار الأسد” الصادر عام 2005، والضليع في الحالة السورية بشكل كبير، ومن يقرأ كتابه يظن أنه كاتب سوري وليس اسرائيلياً، قال في مقابلة: “تعودنا على حكم الاسد، ورغم كل الضربات الاسرائيلية على سوريا لم نرَ منه أي عدوانية تجاهنا، كما أنه حافظ على الجبهات”، وبالتالي، يعتبر ان بشار الاسد حافظ على هدوء الجبهات طيلة مدة حكمه. وبالتالي، هل من مصلحة لاسرائيل ان تدعم هذه القوى او ان تدعم بشار الاسد؟ هذا السؤال”.
ويضيف: “المقاربة السياسية لأزمة سوريا تأتي من روسيا المنهكة التي سحبت كل اسطولها من المتوسط، وأبعدته عن طرطوس ولا نعلم السبب. هي تقول أنها تقوم بتدريبات، لكن هذا مؤشر يُدرَس على مستوى عالٍ. وكذلك ان يتصل رئيس الأركان الروسي برئيس الأركان الأميركي، هذا أيضاً مؤشر آخر. صحيح ان الاتصال تمّ كي يبلغه عن إجراء مناورات في المتوسط، لكن بالطبع تم التداول بأمور أخرى كبيرة بين الرجلين، اي ان الموضوع حاليا مثار سياسيا أكثر منه ميدانياً”، مشيراً إلى ان “ميدانياً، من الملاحظ ان قوات المعارضة امتلكت أسلحة حديثة في وقت ترهل الجيش السوري ولم يعد لديه تلك الامكانات المتطورة. صحيح ان لديه قدرة جوية لكن الطيران لا يحسم معارك، ورأينا ان التحالف الدولي ضد “داعش” لم يقضِ عليه.
عن كيفية تعامل روسيا مع الموضوع، يرى ملاعب أنها تحاول المحافظة على بشار الاسد لأنه وقّع معها معاهدة مدّتها 50 سنة، والروسي الذي حصل على موطئ قدم في المياه الدافئة لن يتخلى عنه بهذه السهولة، لكنه في وضع صعب كي يتمكن من نجدة الأسد عسكريا، أكثر من مجرد تقديم سلاح الجو بتصرفه.
ويعتبر ملاعب ان “ايران منكفئة، وقد عوّدتنا على ذلك ،الامر ليس بجديد، فهي دائما تهرب من حرب لا تريدها، وليس بالقليل ان يستطيع الطيران الاسرائيلي شنّ غارات عليها، ولا سيما الغارة الأخيرة من سماء بغداد التي دمرت معظم الدفاعات الجوية في ايران. لذلك، طالما انها تستطيع القتال من الخارج، وتنمية عناصرها من الخارج، أعتقد ان ذلك يكفيها طالما تستطيع دعم أذرع لها. حتى أنها لن تتخلى عن حزب الله وقدراته العسكرية. لهذا، فإن الخطوة بقطع طرق الإمداد في سوريا هدف هام جدا يخدم اسرائيل ويضع حدّاً لايران في هذه المنطقة”، مؤكداً ان “اسرائيل لم تكن متضايقة ايضا من الخط العسكري او من الوجود الايراني في سوريا، لأنه لم يزعجها إلا في الحرب الاخيرة التي قرر فيها حزب الله دخول المعركة”.
ويتابع: “عندما أنشئت اتفاقات استانة، الروسي والتركي هما من انشآها وأدت الى مناطق خفص التصعيد وانضم إليها الايراني في ما بعد، وهذا يعني انها ليست مباحثات ثلاثية بقدر ما هي 2+1، اي التركي والروسي هما من أنهيا تواجد قوى المعارضة في أماكن معينة ونقلوهم الى مناطق خفض التصعيد، ومنذ العام 2020 حتى اليوم عالجوا الكثير من الامور مع الحكم السوري، لكن ايران كانت المتطفل على استانة في هذا الموضوع. طبعا الحكم السوري استفاد منها وقام بعمليات فرز مذهبي بواسطة هؤلاء، بمعنى ان وجودهم أدى الى فرز مذهبي”.
ويضيف: “اتحدث في السياسة للوصول الى تركيا راعية هذا العمل. فقد قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: “يجب ان تكون هناك سوريا جديدة”. عملياً، صمّ بشار الاسد وداعميه من ايران وروسيا آذانهم عن التغيير في سوريا، يعني هذا يجب ان ينتهي، وهذا أيضاً فحوى البيان الأميركي ان الافضل لسوريا هو التغيير وقبول التغييرات والالتزام بقرارات مجلس الامن الدولي 2254 هذا الواضح”.
ويؤكد ملاعب ان “حتى قبل سقوط حماة، كانت الخطورة بأن الجيش السوري على تخوم إدلب كان يتواجد بشكل دفاعي وليس هجومياً، لم يتوقع ان يحصل هكذا عمل، كان يرسم خطوط الدفاع بانتشار الفرقة 25 عند حماة مصياف حمص، لكن عندما سقطت حماة، بات هناك موضوع آخر. كنا نعتقد انه سيُعاد إليها المهجرون وتنتهي وتصبح آمنة لسكانها الذين هُجروا منها وتُقسَّم سوريا إلى ثلاثة أقسام تقريباً، ما بين قوات الحماية الكردية “قسد” وتكون هذه المنطقة تحت الرعاية التركية، وما تبقى كونه مرضى على بشار الاسد اسرائيليا ويحظى بدعم روسي لأنه يؤمن لروسيا وجود على المتوسط. هذا ما اعتقدناه حتى الامس، لكن مع سقوط حماة أصبحنا نسأل أين ستذهب الامور. هل ستكتفي فقط في حمص؟ قيام الجيش السوري بالانسحاب من حماة وسحب 200 آلية عسكرية أمر غريب، عسكريا هذا يعتبر تسليماً وليس سقوطاً، وبيان وزير الدفاع بأن حفاظا على المدنيين أعدنا الانتشار خارج حماة، هذا كلام لم نعهده سابقا، هذا منتهى الإذلال للجيش السوري، والأسوأ من ذلك ان الجيش السوري قصف ليلاً جسراً يربط بين حماة وحمص كي لا يتمكن المسلحون من الدخول الى حمص. الجيش يقصف جسرا في بلده بدل ان يدافع عنه، هذا غريب”.
ويختم: “ما يحصل يبدو وكأن هناك انهياراً في الجيش السوري. لكن الى اين سيؤدي؟ كل يوم نتفاجأ بجديد، اعتقد ستحصل تفاهمات تركية – روسية من الممكن ان تنهي الموضوع حول مصير سوريا. وبالتالي الخوف ليس فقط بالانتشار حتى حمص فقط بل ان تكون نية لدى تركيا بإنهاء الخطر القادم من قوات سوريا الديمقراطية والانتشار الكردي وتقوية هذا الانتشار. لا ننسى ان الرئيس اردوغان وضع نصب عينيه ان يبعد هؤلاء عن الحدود. صحيح ان هناك ضمانة روسية بأنهم لن يتحركوا، لكن إذا ما قدر اليوم للقيادة التركية بتنفيذ ما كانت ترغب به في منبج وصولا الى القامشلي والحسكة، اعتقد ان هذه الوجهة ستكون الاستراتيجية التركية قبل وصول الرئيس دونالد ترامب الى الرئاسة الأميركية وانهاء هذا الخطر بحق تركيا”.
يولا هاشم – المركزية