سعد الحريري و العودة
صدى وادي التيم – أمن وقضاء/
عندما قرّر رئيس تيار المستقبل سعد الحريري تعليق عمل تياره السياسي والاقلاع بطائرته الخاصة الى الامارات لاستئناف أعماله التجارية ليكون مشرفاً عليها عن قرب، في توقيت بدا للجميع أنه مستغرب، ظنّت القوى السياسية الداخلية أن الرجل يعمل على حفر “مستقبله السياسي” بيده تاركا مشروع رفيق الحريري ومعه الساحة السنية لقمة سائغة لمن يريد، فضاعت البيئة في خياراتها بعد أن عاشت أياما ذهبية بعد اتفاق الطائف.
بعد أحداث السابع من أوكتوبر وما نتج عنها من تداعيات كبيرة على المستوى المنطقة ولبنان يمكن القول إن سعد الحريري ضرب أكثر من عصفور في قراره هذا ومهّد لنفسه الطريق أمام مرحلة جديدة سيدخل من خلالها الى لبنان ليكون لاعب ارتكاز في الملعب الداخلي.
العصفور الاول الذي أصابه الحريري في قرار الغياب هو تأكيد دوره وحجمه السياسي في المعادلة السنية والوطنية، فالرجل تمكن وهو بعيد طيلة السنوات القليلة الماضية من تاريخ تعليق عمله السياسي من نزع اعتراف الاطراف كافة بأنه رجل التسوية وعامودها الفقري، فإذا ما اهتز تهتز الصيغة وهو أيضا الرجل الاول في ساحته، فرغم كل الذي جرى مع الطائفة السنية ومحاولات التوغل من قبل حزب الله واستمالت بعض المرجعيات، الا أن القسم الكبير من هذه البيئة عاهدت الحريري الابن على الالتزام بالنهج الذي أرساه والده ورفضت أي رهان خارج بيت الوسط.
اما العصفور الثاني الذي أصابه الحريري فهو انتزاع الاجماع من مختلف الطوائف بدوره الاساسي في دولة الطائف، فمن كان خصما له اعترف بضرورة عودته الى الوطن ليكون من ضمن المعادلة السياسية، ولعل أول المطالبين بتلك العودة هو التيار الوطني الحر.
في الصورة التي جمعته مع وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، ظهر رئيس تيار المستقبل مبتسما وقد استعاد عافيته بعد الانتكاسة التي ألمّت به في باريس وأرغمته على البقاء داخل منزله في نقاهة استمرت لأكثر من شهرين. صورة الحريري واللوك الجديد الذي ظهر فيه في ذكرى اغتيال والده في شباط الماضي هي الصورة التي يريد أن يطل من خلالها على لبنان بعد التسوية الكبرى والتي ستدفع بحزب الله الى الانخراط في العمل السياسي، وسيعود الحريري زعيما على دولة الـ 1701 بالمندرجات الاممية.
ووفق المعلومات فإن تيار المستقبل بدأ بإعداد خطط العودة على الساحة، وقد فعَّل الحريري تواصله مع القيادات في لبنان وباشرت المنسقيات عملها مع الاخذ بعين الاعتبار التطورات الحاصلة اليوم لاسيما على الساحة الجنوبية. وقد استفاد الحريري من انكفاء الحزب وفروعه داخل البيئة السنية وعلى رأسها الجماعة الاسلامية والقوى التي كانت على تواصل دائم مع الحاج وفيق صفا وغيره من قيادات حزب الله، فيما يُشرف الحريري اليوم من مكان اقامته في أبو ظبي على استوديوهات جديدة لتلفزيون المستقبل في دبي ليعود التلفزيون عبر platform بين لبنان ودبي مواكبا لعصر الاعلام الالكتروني، ومعه يبدأ العد التنازلي لعودة سعد الحريري الى الساحة السياسية اللبنانية من ضمن رزمة الحل الذي سيبصر النور وفق ما تخطط له الادارة الاميركية الجديدة.