“اليونيفيل” تبدأ تطبيق الـ1701+

صدى وادي التيم – أمن وقضاء/

أمست قوات “اليونيفيل” العاملة في جنوب لبنان في ظل الحرب الدائرة، تتصرّف بحرّية كاملة، بمعزل عن النص الأساسي للقرار 1701 الصادر عام 2006، ومن خارج التفاهمات المشتركة بينها وبين الدولة اللبنانية أو الجيش اللبناني. باتت في ضوء التطورات الجارية، قوّة عسكرية مطلقة اليدين، لا يوجد من يراقب أداءها أو يضبط تصرفاتها، ولا المهمات الموكلة إليها ولأي مصلحة تقوم بها.

مع التطورات الحالية شرعت “اليونيفيل” التصرف في منطقة عملها جنوب الليطاني كما يحلو لها، من خارج أي نص ضابط لتصرفاتها. لم يعد نص القرار 1701 هو المرجعية الحاكمة لدورها إنما ما يفرضه الميدان أو عملياً ما فرضه الميدان فيما تؤكد مصادر معنية، أن “اليونيفيل” تكاد تكون، من خلال أدائها، كرّست تطبيقاً مجتزأ وأحادياً لنص القرار الدولي 1701 باستخدام الأمر الواقع وقد تكون باشرت باكراً بتطبيق نصوص ما زال تسويقها الدبلوماسي جارياً وتقوم على عنوان ما يسمى الـ1701+.


إنسحاب الجيش اللبناني من جنوب الليطاني بقرار عسكري مغطى سياسياً مع بداية التصعيد الحالي كرّس مفهوماً لم يكن معهوداً منذ دخول “اليونيفيل” إلى الجنوب عام 2006، بحيث باتت تحرّك دورياتها بمعزل عن مشاركة الجيش اللبناني، وتقوم بمهام عسكرية روتينية أو غير روتينية من دون إعلام قيادته، وتقوم بترتيبات بشكل مستقل على ما يبدو.

بلغ الأمر، على ما تؤكد مصادر معنية، حدّ قيام كتائب معينة من “اليونيفيل” بدوريات داخل القرى المهجورة من سكانها. ومن خارج ما هو محرّم عليها، باتت تدخل، دورياً، إلى أحياء وأزقة وتقوم بجولات داخلها فيما لا أحد يضمن أو يكشف عن طبيعة المهام التي تقوم بها هذه الكتائب وما إذا كانت بغرض الإستطلاع أم التفقد أم غير ذلك. وربطاً بتجارب سابقة، قديمة وجديدة، تصبح أدوار “اليونيفيل” المشابهة بما يتجاوز النص محل التباس.

أحد المصادر من الذين استطاعوا زيارة الجنوب أخيراً، تحديداً المنطقة الخلفية عند حدود مواقع الإشتباك المتقدمة، يؤكد أن قوات “اليونيفيل” تخلت عن أبسط القواعد الإنسانية لأي عمل يخدم فكرة “إرساء السلام”. فهي تتجنب مساعدة المصابين من العسكريين، خشية مما يقال إنها تهديدات إسرائيلية بإستهدافهم. يكفي أن تقوم قيادة تلك القوات بالتنسيق مع العدو الإسرائيلي لدخول وحدات الصليب الأحمر لفترات معينة غالباً ما تكون قصيرة للغاية إلى مناطق يتم تحديدها سلفاً، تقوم خلالها تلك الفرق بإخراج جثث الشهداء وأحياناً الجرحى إن صودفَ وجودهم وهم أحياء يرزقون وغالباً عبر التحايل إذ يمنع العدو إخراج أي أحياء من المنطقة، فيما يُمنع –كما يقال- على قوات الطوارئ الدولية التواجد في جوار وحدات الإسعاف. وعند حصول تهديدات معينة أو قصف واسع النطاق، تفضل هذه القوات المكوث في مراكزها وعدم الخروج منها.

هذا الأداء، يرتب على الدولة اللبنانية التحرك سريعاً لإصلاح الإعوجاج قبل فوات الأوان، واستباقاً لاحتمال تكريس مفاهيم عمل خاطئة في منطقة عمليات اليونيفيل يصبح من الصعب لاحقاً إعادة وضعها على المسار أو صوغها بطريقة تمتثل لشروط السيادة اللبنانية، ذلك بعدما أمست منطقة عمليات اليونيفيل فارغة تقريباً من أي وجود للدولة، مما أباح لبعض الوحدات التصرف بحرية كاملة، ما جعل من القرار 1701 حبراً على ورق.

لا بدّ من أن هذا الأداء كفيل بتدشين مرحلة جديدة تكون موضع التباس دون شك في حال ربطت مع ما يعزم العدو محاولة تكريسه في المنطقة، كما أنه يكرس أداءً على الأرض بمعزل عما جرى الإتفاق عليه سابقاً بين المؤسسة الدولية والدولة اللبنانية. أكثر من ذلك، يُكرس تواجد “اليونيفيل” ضمن هذه الوتيرة المتصاعدة من العمل والأداء المستقل بشكل ملحوظ عن شروط الدولة ومراقبتها، تجسيداً لأمر واقع على الأرض، وتطبيقاً لتعديلات سبق أن وردت في مشروع التجديد للقوات الدولية الصادر في آب من العام 2022، حيث تفاجأ لبنان حينها بفرض تعديلات كانت الأولى من نوعها على قرار التمديد للقوات الدولية، قضت بمنحها حق التحرك بصورة مستقلة وتسيير الدوريات المعلنة وغير المعلنة، من دون مؤازرة الجيش اللبناني ومن خارج إبلاغه.

(ليبانون ديبايت- عبدالله قمح)

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!