هل اقتربت نهاية الحرب على غزة ولبنان؟

 

صدى وادي التيم – أمن وقضاء /

يبعث الرد الإسرائيلي المضبوط والمحدود والذي تبين أنها كان منسقًا مسبقًا مع الإدارة الأميركية على الاعتقاد بأن نهاية الحرب على لبنان وغزة قد اقتربت بدليل إعلان مسؤول كبير في البيت الأبيض غداة هذا الرد أن الإدارة الأميركية “تعمل على التوصل إلى إنهاء الحرب في لبنان ووقف إطلاق النار في غزة”.

ولفت المراقبون في هذا المجال قول مصادر أميركية عبر وسائل إعلامية تعليقًا على الرد الإسرائيليِّ “أن هذه هي المرة الأولى التي يلتزم فيها بنيامين نتنياهو بضوابط واشنطن منذ 7 تشرين الأول “2023”، حيث حصلت عملية “طوفان الأقصى” الشهيرة. إذ لطالما ضرب نتنياهو كل النصائح الأميركية له بعرض الحائط مستمرًا في الحرب على قطاع غزة ولبنان ساعيًا إلى القضاء على حركة “حماس” وحزب الله ولا يزال.

وقد تبين أنه في موازاة التنسيق الأميركي المسبق للرد الإسرائيليِّ على إيران والذي جعله ردًّا محدوداً ومحصوراً بمواقع عسكرية، كان هناك تسريب روسيا المسبق معلومات لإيران عن هذا الرد الإسرائيليِّ وحجمه لرغبة منها في الحد من التصعيد. ما يؤكد صحة ما تتداوله بعض الأوساط المتابعة من أن واشنطن قالت لتل أبيب أنها مستعدة لمساعدتها في الدفاع عن أمن إسرائيل ولكنها لا تريد خوض حرب ضد إيران، في مقابل قول موسكو لطهران أنها مستعدة لدعمها في مواجهة أي خطر إسرائيلي يتهددها ولكنها لا تريد خوض حرب ضد تل أبيب. 

إذ يبدو أن واشنطن وموسكو تتلاقيان على رفض نشوب حرب شاملة في المنطقة لأنها ستعرض مصالحهما ومصالح دول المنطقة بما فيها إسرائيل نفسها للخطر.

ولكن من الواضح بعد الضربة أن إيران سارعت إلى التأكيد أن حجم الهجوم الإسرائيليّ كان محدودًا وما خلفه من خسائر كان محدودًا أيضاً استخدمت فيه الصواريخ لا الطيران الحربي ولم يطاول سوى بضعة مواقع عسكرية في محافظات طهران وخوزستان(عربستان) وإيلام لا منشآت نووية فيها ولا نفطية ولا استراتيجية، فيما ذهبت تل أبيب إلى تكبير حجم هذا الرد بالحديث عن أنه طاول 20 موقعًا عسكريًّا إيرانيًّا بينها مواقع لتصنيع الصواريخ البالستية واشتركت فيه مئة طائرة حربية ( إف 16) و(إف 35). ولم يظهر أن قاذفات استراتيجية أميركية من طراز “بي 2” القادرة على تدمير المنشآت النووية الإيرانية، شاركت في هذا الهجوم الإسرائيليّ على رغم من أن وسائل إعلامية متعددة أشاعت أثناء الهجوم الإسرائيليّ أن سربًا من هذه القاذفات انطلق من الأراضي الأميركية في طريقه إلى الأجواء الإيرانية، ليتبيّن لاحقًا أن لا صحة لهذا الأمر، إذ لم يصدر أي شيء عن واشنطن أو تل أبيب يؤكده أو ينفيه.

 إلى أين من هنا؟

المطلعون على الموقف الأميركي يقولون أن الإدارة الأميركية “البايدينية” ضبطت الرد الإسرائيليّ ليكون في الحجم الذي حصل فيه لأنها لا تريد نوب حرب في المنطقة قبل أقل من أسبوعين على الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في 5 تشرين الثاني المقبل، لاقتناعها أولاً أن هذه الحرب ستؤدي إلى سقوط المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس أمام منافسها الجمهوري دونالد ترامب، ولاقتناعها ثانياً بأنها لن تكون في مصلحة إسرائيل حتى ولو شاركت هي فيها ودمرت المنشآت النووية والاستراتيجية الإيرانية بقنابل قاذفات الـ”بي2″ الاستراتيجية، لأن الخطر الوجودي الذي تقول إسرائيل أنها تتعرض له لن يزول بل سيتفاقم، فهي تحارب منذ أكثر من سنة وحتى الآن بدعم أميركي وغربي كبيرين ولم تحقق بعد الأهداف التي رمت إليها من خلال هذه الحرب. 

فهذا الخطر مصدره كما تعتقد تل أبيب هو إيران الداعمة لكل حركات المقاومة ضدها في المنطقة، وحركة حماس وأخواتها الفلسطينيات، وحزب الله اللبناني، فضلًا عن “المقاومة الإسلاميةِ” العراقية وحركة “أنصار الله” الحوثية اليمينة. 

والبعض يقول أن تركيز واشنطن أخيراً في إسرائيل منظومة صواريخ “ثاد” المضادة للصواريخ البالستية والأكثر تطورًا في العالم ليس موجّهًا ضدَّ إيران وإنما لتطمئن إسرائيل إزاء أي هجوم صاروخي بالستي إيراني أو غير إيراني، بعدما ثبت من خلال الهجمات البالستية التي تتعرض لها أنها غير قادرة على حماية نفسها من دون الدعم الأميركي والغربي.  

أما المتابعون للموقف الإسرائيليِّ فيقولون أن إسرائيل لم تشفِ غليلها من ردها الأخير على إيران، وأن هدفها لتدمير المنشآت النووية الإيرانية وتقويض القدرات العسكرية لإيران ربما تكون أجلته إلى أيام الإدارة الأميركية المقبلة، خصوصًا إذا وصل “حليفها” ترامب إلى البيت الأبيض، وأن ما فرض عليها هذا التأجيل هو أن واشنطن في موسمها الانتخابي الحالي ليست في وارد الانغماس في حرب ضد إيران ستشمل منطقة الشرق الأوسط برمتها.

أما المطلعون على الموقف الإيراني، فيشيرون إلى أن طهران تعتبر أن الضربة الإسرائيلية لم تكن كبيرة ومحرجة وإنما كانت “موضعية” إلى حد كبير وطاولت أقل من عشرين موقعًا. 

ويشير هؤلاء إلى أن إيران سترد على هذه الضربة لكنها ستجري تقييمًا لها وتستنبط الرسائل التي انطوت عليها، وهي سترد عليها حتمًا ولكن هذا الرد سيحصل على الأرجح بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية خصوصًا وأن طهران تحبذ وصول هاريس إلى البيت الأبيض وليس ترامب قاتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.

على أنه في الوقت الذي شددت وسائل إعلام إيرانية على أن سياسة طهران إزاء العدوان الإسرائيليّ الجديد هي الرد دون تأخير أو تسرع. 

قالت وزارة الخارجية الإيرانية أن “من حقنا الدفاع عن النفس ضد أي عدوان أجنبي وفق ميثاق الأمم المتحدة”.

لكن المصادر المطلعة على الموقف الإيراني تقول أن طهران “ستصرف النظر عن الرد على إسرائيل في حال قدمت واشنطن تنازلات استراتيجة وعملت بجدّية كما تعلن عن إيجاد حل عملي ينهي الحرب الإسرائيليّة على غزة ولبنان.

فهل ما نطق به المسوؤل الأميركي الكبير في البيت الأبيض لوكالة “رويترز” غداة الضربة الإسرائيلية لإيران من تأكيد “أننا نعمل على التوصل إلى إنهاء الحرب في لبنان ووقف إطلاق النار في غزة” هو رسالة لإيران لكي لا ترد خصوصًا الآن قبيل انتخابات الرئاسة الأميركيّة المقررة في الخامس من تشربن الثاني المقبل؟

هذا السؤال سيجيب عنه الحراك الديبلوماسي الأميركي الذي يقوده حاليًّا وزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي جال في المنطقة قبل أيام والموفد الرئاسي آموس هوكشتاين زار لبنان الاثنين الماضي، ويتردد أنه سيزوره مجدّدًا خلال أيام؟

طارق ترشيشي – الأفضل نيوز 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!