عناوين الصحف الصادرة صباح اليوم 25 آب 2024

صدى وادي التيم – متفرقات /
الراي الكويتية 
يعيش الشرق الأوسط برمّته على إيقاعين متضاربيْن، هما في الواقع سرعتان متعاكستان للصراع المتفجّر منذ «طوفان الأقصى» والذي اتخذ منحى مختلفاً تماماً منذ نهاية يوليو، واحدةٌ تقوم على إبطاء مسارِ ردٍّ كان معجَّلاً وصار مؤجَّلاً من «حزب الله» وإيران على اغتيال إسرائيل كل من فؤاد شكر وإسماعيل هنية، وثانية تستعجل تصعيداً على جبهة الجنوب اللبناني خصوصاً سواء لـ «تعطيلٍ استباقي» للثأر المرتقَب أو لاستجرارِ توسيعِ القتال إلى أيام ساخنة وربما إلى حربٍ أشمل بهدف استيلادٍ «قيصري» لترتيبات أمنية على الجبهة الشمالية تحت مسمى تطبيق الـ 1701.
وفيما تَمْضي جبهةُ الجنوب منذ 8 أكتوبر في مأزقٍ يَختصره ربْط متبادَل لها بحرب غزة، من «حزب الله» الذي لن يقفلها حتى لو أوقفتْ إسرائيل إطلاق النارَ على لبنان إلا بعد إنهاء «المحرقة» في القطاع، كما من تل أبيب التي لن تُنْهي المواجهةَ مع الحزب حتى ولو تم بلوغُ هدنة في غزة، فإن هذا المأزق نفسه هو الذي يَحْكم مقاربةَ ما سيكون على «الجبهة الأم» في ظل انشدادِ أنظار العالم كله إلى القاهرة في الساعات المقبلة حيث يُنتظر أن يتّضحَ الخيطُ الأبيض من الأسود في ما خص صفقة التبادل.
وفي الوقت الذي كانت هدنة غزة عالقةً عند شروط بنيامين نتنياهو والضغوط الهائلة لبتّ «حرب الممرّات» عبر شقّ «معبر خلاّق» بالدبلوماسية يتيح أقله ولوج المرحلة الأولى من الاتفاق وتالياً «شراء وقت» إضافي لإكمال «بازل» التفاهمات، فإنّ الوصولَ المفاجئ لرئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي سي. كيو براون إلى الشرق الأوسط أمس عَكَس حراجة المنعطف الذي تقف أمامه المنطقة، سواء وُلد وقف النار في القطاع أم لا.
وفي حين حَملتْ محطة رئيس أركان الجيش الأميركي عنوان «مناقشة سبل تجنُّب أي تصعيد جديد للتوتر لئلا تتسع رقعة الصراع»، ولا سيما أنّ المنطقة في حالة تأهب لردّ إيران على اغتيال هنية في قلب طهران، فإن ما أورده موقع «أكسيوس» عن أن براون «سيزور إسرائيل الأحد للتنسيق في شأن هجوم محتمَل لإيران وحزب الله» يؤشّر من جهةٍ إلى أن كل الاحتمالات مازالت مفتوحةً، ولكنه قد يوضَع من جهة أخرى في إطار «تهدئة» نتنياهو وطمأنته أكثر إلى أن «ظهرَه محميّ» حتى النهاية، وذلك كي يكون أكثر قابلية لتقديم ما يلزم لإمرار وقف النار في غزة باعتبار أن ذلك سيحول أقلّه دون انزلاق المنطقة إلى الصِدام الإقليمي الكبير.
وما عزّز طغيانَ البُعد الاحتوائي لـ «الاندفاعة الجنونية» من نتنياهو على جولة براون في المنطقة، أن إيران لم تنفكّ توجّه رسائل «تمديد للتريث» في الردّ على اغتيال هنية واضعة الأمر في سياق «إبطال» مفاعيل خطة إسرائيلية لجرّها و«حزب الله» إلى حرب شاملة في مسرح وتوقيت ووفق قواعد رسمتها إسرائيل، بعدما استدرجت الحضورَ الأميركي بالأساطيل إلى المتوسط، لوضع «محور الممانعة» في مواجهة بلا قفازات مع الولايات المتحدة.
وعبّر عن هذا الأمر أمس بوضوح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بتأكيده أن «ردّنا سيكون دقيقاً ومدروساً، ونأخذ كلّ المسائل في الاعتبار» و «أن انتقامنا سيؤخذ في الوقت المناسب والطريقة المناسبة ولا تردُّد في هذا الأمر (…) لن نقع في الفخ الذي قد يكون نُصب لنا»، في الوقت الذي كان رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك يعلن أن «جبهه الإسناد في جنوب لبنان لن تتوقف إلا بتوقف الاعتداء والحرب على أهلنا في غزة وبعدها لكل حادث حديث»، جازِماً بأن الانتقام لاغتيال شكر في الضاحية الجنوبية «آتٍ لا محالة، ولكن نحن من يحدد الوقت المناسب (…) ومازال العدو حتى الآن ضمن قواعد الاشتباك، واذا وسّع الحرب وسّعْنا».
ولكن في مقابل التمهّل من «حزب الله» وإيران، بدا أن إسرائيل تسعى إلى فرْض أمرٍ واقعٍ في الميدان – تتفيأ فيه «التهديد بالانتقام» – لمراكمة «ضرباتٍ بالنقاط»، بحال بقيَ محور الممانعة على ما تشتمّ منه «سيراً على الحائط» ومحاذرةً واضحة لأي تفجيرٍ سيكون فيه (المحور) فاقداً للتوازن في ظل الحضور الأميركي العسكري الوازن، أو لجرّ الحزب خصوصاً إلى «ملعب نتنياهو» عبر خروجه من تَحَسُّبه إلى ردّ يُقابَل بما هو أدهى، وفي الحالتين الهدف هو بلوغ تفاهم حول «اليوم التالي» لجبهة الجنوب بمعزل عما ستؤول إليه حرب غزة، المديدة، ولا سيما إقامة منطقة عازلة جنوب الليطاني ولو بآلياتٍ تنطوي على سحب ما تعتبره تل أبيب «مَظاهر» للحزب ضمن الشريط الملاصق للحدود، وذلك عبر ما يشبه «الشريط اللاصق» للثغر التي أتاحها التنفيذُ «المَرِن» للـ 1701 منذ إقراره عقب حرب يوليو 2006.
ومن هنا يمكن تفسير أمرينْ:
– الأول ما أوردته صحيفة «يديعوت احرونوت» عن «معلومات وتقديرات» تشير إلى أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله «مصمم على الانتقام لاغتيال شكر، وقد قرر الجيش الإسرائيلي كما هو واضح على الأرض تنفيذ نشاط استباقي مفاجئ لتحييد عدد كبير من الصواريخ والقذائف الدقيقة المخزنة هناك والتي تشكل القدرة الإستراتيجية الرئيسية للحزب»، لافتة إلى «أن الهدف من ذلك خفض قدرة حزب الله على ضرب العمق الإسرائيلي حال نشوب صراع واسع النطاق».
– والثاني التصعيد غير المسبوق من إسرائيل لاستهدافاتها في جنوب لبنان (حيث سقط 8 ضحايا أول من أمس)، وارتفاع وتيرة سقوط عناصر من«حزب الله»الذي خسر في يوم واحد (الجمعة) ستة من أفراده وكوادره، أفيد أنّ 3 منهم قادة ميدانيون، إضافة إلى طفل في الكشافة في السابعة من عمره، علماً أن هذه هي الحصيلة الأعلى التي يتكبّدها منذ 8 أكتوبر.
وفي حين اتسمت الاستهدافات الإسرائيلية أيضاً باستهداف كان الأول من نوعه لبلدة عيتا الجبل، بدا أن «حزب الله» يحاول «تحديث» توازن الردع بوضعه للمرة الأولى حيفا في مرمى مسيّراته، وإن التي أُرسلت لتُسقَط بعدما «وصلت الرسالة منها»لجهة«أننا نطرق باب حيفا» بحال المزيد من التمادي في التوغل بالاستهدافات جنوباً وبقاعاً أو نحو مناطق أخرى.
وكانت دوّت فجر أمس انفجارات عنيفة في سماء بلدة طمرة وأعبلين في الجليل الأسفل شمال إسرائيل تزامنا مع اطلاق صفارات إنذار للتحذير من سقوط صواريخ.
وأفادت «القناة 12» عن إطلاق صواريخ اعتراضية في سماء كريات آتا شرق حيفا، قبل أن يعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض هدف جوي مشبوه أطلق من لبنان باتجاه هذه المدينة.
وأشارت وسائل إعلام إلى أنها المرة الأولى يقصف «حزب الله» أكبر تجمع سكاني في الشمال، والمعروف باسم الكريوت في وادي زفولون عند شواطئ خليج حيفا، وتًعتبر كريات آتا واحدة من أكبر مدنه بعدد السكان.
وفيما اتّسم نهار أمس بانحسار نسبي للاستهدافات الإسرائيلية، نفّذ «حزب الله» سلسلة عمليات أبرزها«هجوم جوي بمسيرة انقضاضية على مقر قيادة اللواء الغربي المستحدث جنوب مستعمرة يعرا «وضرب تموضعاً لجنود العدو ‏في موقع هرمون بمحلقة انقضاضية».
ولم يكن عابراً توسيع إسرائيل ضرباتها ضد «حزب الله»داخل سورية، حيث أعلن المرصد السوري لحقوق الانسان أن غارات إسرائيلية استهدفت مساء الجمعة أكشاك بيع وقود في ريف حمص الغربي تتبع لعناصر سوريين يعملون لصالح الحزب، غرب مصفاة حمص، على طريق صافيتا – حمص في منطقة قرية خربة التينة.
كما استهدفت الضربات الإسرائيلية، وفق المرصد، مستودعات قرب مدينة حماة.
في موازاة ذلك، برز ما أورده موقع «لبنان 24» (محسوب على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي) من أن عدداً من المطلعين نقلوا عن دبلوماسيين غربيين وعرباً «أن الواقع الأمني في لبنان حساس للغاية وان إمكان توسع الحرب خلال الأيام المقبلة مرجح للغاية، وهذا ما قد لا يكون تهويلاً».
وأضاف الموقع أنه بحسب مصادر مطلعة فإن بعض الدول التي لا تأخذ موقفاً سلبياً من «حزب الله» نقلت معطيات لبعض الأطراف المحليين والإقليميين بأن التصعيد بات مرجحاً للغاية، وان نتنياهو يريد جر المنطقة للاشتباك، وأن كل ما يحكى مرتبط بالرد المتوقع من قبل «حزب الله»، اذ من المستبعد بشكل
كبير، حتى الآن قيام إسرائيل بأي ضربة استباقية او هجوم مفاجئ على لبنان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى