ابن الخمسة عشر عاماً يبتكر صابوناً يقي من سرطان الجلد
صدى وادي التيم-طب وصحة/
كان هيمان بيكيلي في السابعة من عمره عندما حضّر ما سمّاه “جرعته السحرية”. كان يخوض تجاربه العلمية الخاصة لمدة ثلاث سنوات تقريباً, حين كان يمزج كلّ ما يمكن العثور عليه في المنزل, وينتظر ليرى ما إذا كان السائل الناتج سيتحوّل إلى شيء ما.
“كانت مجرد صابون أطباق ومنظّف غسيل وموادّ كيميائية منزلية شائعة”. بهذه العبارة يتحدّث هيمان اليوم عن المكوّنات التي كان يستخدمها. يتذكّر جيّداً في حديثه لمجلة TIME كيف كان يخفيها تحت سريره ليرى ما سيحدث إذا تركها طوال الليل. كان هناك الكثير من الخلطات العشوائيّة تماماً.
ولكن سرعان ما أصبحت الأمور أكثر صواباً. في عيد الميلاد, وقبل أن يبلغ هيمان عامه السابع, حصل على هديّته المنتظرة وهي مجموعة كيميائيّة, تضمّنت عيّنة من هيدروكسيد الصوديوم.
كان يعرف ماذا يريد. انطلق في البحث على الإنترنت لمعرفة التفاعلات الكيميائية, وتعلّم أن الألمنيوم وهيدروكسيد الصوديوم يمكن أن ينتجا معًا كميّات كبيرة من الحرارة. ودفعه ذلك إلى التفكير في أنه قد يستطيع أن يفعل شيئاً مفيداً للعالم. يقول “اعتقدتُ أن هذا قد يكون حلاً للطاقة, لتوفير إمدادات غير محدودة. لكنني كدت أشعل حريقًا”.
بعد هذه الحادثة, بدأ والداه بمراقبته من كثب, وأصبح على هيمان, البالغ من العمر 15 عاماً, الاعتياد على وجود والديه بقربه لمراقبة ما يقوم به.
في تشرين الأول الماضي, اختارت شركة 3M, ومؤسسة Discovery Education, هيمان الطالب في الصف العاشر في مدرسة Woodson الثانوية في فرجينيا كفائز في مسابقة العلماء الشباب, وحصل على جائزة قدرها 25 ألف دولار.
لماذا هذه الجائزة؟ لأنه بكلّ بساطة حقّق إنجازه في #ابتكار صابون يمكنه يوماً ما العلاج والوقاية من أشكال متعدّدة من #سرطان الجلد. صحيح أن الأمر قد يستغرق سنوات قبل أن يصبح هذا المنتج في السوق, لكن هيمان سيقضي جزءاً من يومه, هذا الصيف, وهو يعمل في مختبر في كلية جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة في بالتيمور, على أمل تحقيق حلمه.
ويعترف هيمان “لديّ شغف كبير بأبحاث سرطان الجلد, سواء أكانت أبحاثي الخاصة أو ما يحدث في هذا المجال. من المدهش حقًا أن أفكر في أن قطعة الصابون هذه التي ابتكرتها ستتمكّن يومًا ما من التأثير المباشر في حياة شخص آخر. هذا هو السبب الذي دفعني إلى البدء في كلّ هذا”.
هذا الطموح جعل مجلّة “تايم” تختاره ليحصد لقب “#طفل العام” لعام 2024.
وُلد هيمان في أديس أبابا قبل أن تهاجر عائلته إلى الولايات المتحدة, وكان يبلغ من العمر 4 سنوات. ما يتذكّره هيمان من أيامه الأولى هو كيفية مشاهدته العمال يكدّون تحت أشعة الشمس الحارقة من دون أيّ حماية لبشرتهم, في حين علّمه والداه وشقيقتَه “هاست” البالغة من العمر 16 عاماً, وليا التي تبلغ 7 سنوات, وجوب الحماية من الشمس وتغطية أجسادهم, شارحين لهم مخاطر قضاء وقت طويل في الخارج من دون استخدام واقٍ من الشمس أو ملابس مناسبة للاحتماء من أشعة الشمس.
يقول إنه “عندما كنت أصغر سناً لم أفكّر كثيراً في الأمر, لكنني عندما جئت إلى الولايات المتحدة أدركت مدى خطورة الشمس والأشعة ما فوق البنفسجية عند التعرّض لها لفترة طويلة”.
لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً, إذ وجد نفسه يفكّر في طريقة لمساعدة الآخرين. قبل بضع سنوات, قرأ عن عقار إيميكويمود, وهو عقار معتمد, من بين استخدامات أخرى, لمكافحة أحد أشكال سرطان الجلد, فأظهر نتائج واعدة ضد العديد من أنواع سرطان الجلد الأخرى.
عادةً يتمّ وصف الإيميكويمود, الذي يمكن أن يساعد في تدمير الأورام, ويأتي عادةً على شكل كريم, كدواء أوّليّ, يكون جزءاً من خطة علاج أوسع للسرطان. لكن هيمان تساءل عما إذا كان يمكن توفيره بشكل أسهل للأشخاص في المراحل المبكرة من المرض.
لذلك, رأى هيمان أن “قطعة صابون قد تكون الوسيلة المثلى لتوصيل مثل هذا الدواء المنقذ للحياة, ليس فقط لأنّها بسيطة, ولكن لأنها ستكون ذات تكلفة أقلّ من علاج سرطان الجلد عادةً, والذي يبلغ نحو 40,000 دولار”.
يتذكّر هيمان كيف كان عليه أن يفكّر بشيء يكون ذا تأثير كبير, والأهم أن يتمكّن الجميع من استخدامه, بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية والاقتصادية. وتوصّل إلى الإجابة المنتظرة: “الجميع تقريباً يستخدمون الصابون والماء للتنظيف, لذلك سيكون الصابون هو الخيار الأفضل”.
كانت الطريق طويلة بين الإلهام والتطبيق. كان تنفيذ فكرته أكثر تعقيداً من مجرّد خلط الدواء مع قطعة صابون عادية, وكان الحلّ بدمج الصابون مع جزيء نانويّ, يعتمد على الدّهون, فيبقى على الجلد عندما يُغسل الصابون, تمامًا كما يمكن للمرطّب أو العطر أن يبقى بعد شطف الرّغوة.
يدرك هيمان أن “الطريق ما تزال طويلة, ليس فقط لاختبار الصابون, بل لتسجيل براءة اختراعه والحصول على شهادة إدارة الغذاء والدواء, وهو ما قد يستغرق عقداً كاملاً”.
صحيح أن هيمان نجح في تحقيق إنجاز, وهو لم يتخطَّ الـ15 عاماً, لكنّ رأيه أنّه “يمكن لأيّ شخص القيام بما قمت به. لقد توصّلتُ إلى فكرة, وعلمتُ جاهداً عليها, ونجحت في تحويلها إلى واقع ملموس. لذلك, أقول لأي شخص لديه فكرة: “استمرّ في الابتكار والتفكير بطريقة جديدة لتحسين عالمنا, واعمل على جعله مكاناً أفضل”.