كيف يمكن الذهاب إلى صالونات التجميل ببال مطمئن؟
صدى وادي التيم – طب وصحة /
قد يؤدي التجميل إلى أمراض أو يودي بالحياة. فما الأسباب, وكيف تكون الوقاية الفعالة؟
قد يكون من أكثر الأوقات حميمية الوقت المخصص لتدليل البشرة والجسم والحفاظ على الجمال. ومعظم من يدخل عيادات التجميل وصالوناته يحمل في مخيلته أبهى صورة لما قد يبدو عليه بعد الخروج من بابه.
ترافق زبائن مراكز التجميل توقعات وأمنيات رسمت واختيرت بريشة الأحلام الجميلة. يتخيل البعض كيف ستحلو ملامحه ويتخلص من بعض ما يزعجه, ولا يضع في حساباته أن لغماً غير مرئي قد يحول رحلة الجمال هذه إلى كابوس. وقد يكون الكابوس إما على شكل خطأ طبي أو انتقال مرض من خلال الأدوات المستخدمة التي من شأنها أن ترسم ملامح الجمال المنشود.
حقن ومقصات ومبارد وفرش وماكينات قد تحمل في ثناياها ميكروبات وفيروسات تحتاج إلى معالجة طبية جادة قبل استخدامها من زبون إلى آخر.
منذ أشهر قليلة انتشر خبر صرح فيه مسؤولو صحة فيدراليون بالولايات المتحدة الأميركية, بأنه تم تشخيص إصابة ثلاث سيدات بفيروس الأيدز (نقص المناعة البشري المكتسب) بعد إجرائهن عمليات تجميل في الوجه على صورة جلسات حقن الوجه بالبلازما, المعروفة بتقنية “الڤامبير” لشد الوجه, بمنتجع طبي غير مرخص في نيو مكسيكو. وأظهر التحقيق أن العاملين في العيادة ربما أعادوا استخدام المعدات التي تستعمل لمرة واحدة, وفقاً لتقرير مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
هذا المثل الحديث يوقظ حملات جديدة من توعية وملاحقة للصالونات والعيادات التي لا تتوخى التعقيم العميق, وتعمل على زيادة عدد الزبائن من دون أن تعطي الأولوية لنظافة وصحة المكان والأدوات ومن ثم الزبون.
الأخطار الصحية
وفي حين تعد صالونات التجميل ملاذاً لكثر للاسترخاء والتزين, لكنها قد تحمل في طياتها أخطاراً صحية غير متوقعة. تحذر طبيبة الأوبئة وصاحبة إحدى عيادات التجميل نيللي ليون في حديث إلى “اندبندنت عربية” من أن أدوات التجميل وأساليب العناية بالبشرة قد تكون ناقلة لمجموعة متنوعة من الالتهابات البكتيرية والفطرية والفيروسية والطفيلية. وتتحدث عن أنواع العدوى التي يمكن أن تنتقل في صالونات التجميل وطرق الوقاية منها, وكيفية الحفاظ على سلامة الزبائن والعاملين في مراكز وعيادات التجميل. فالأخطار المحتملة قد تنجم عن إهمال معايير النظافة في هذه المراكز والإجراءات الوقائية التي يمكن اتخاذها لحماية العملاء والعاملين على حد سواء.
وتسلط ليون الضوء أولاً على الالتهابات البكتيرية مثل المكورات العنقودية الذهبية بما في ذلك MRSA, والزائفة الزنجارية, التي يمكن أن تنتقل عبر أدوات التجميل غير المعقمة. وتشرح كيف أن الالتهابات الفطرية مثل السعفة والمبيضات, والفيروسية مثل فيروس الهربس البسيط وفيروس الورم الحليمي البشري HPV, إضافة إلى الالتهابات الطفيلية مثل الجرب, يمكن أن تشكل تهديداً حقيقياً في بيئات العناية بالجمال.
أعراض تستدعي العلاج
تناقش ليون الأعراض التي قد تظهر على الأشخاص المصابين, مثل الاحمرار والتورم والألم والحكة, وأحياناً تصل إلى الحمى, مؤكدة أهمية العلاج الطبي الفوري. وتوضح أن الالتهابات البكتيرية قد تتطلب المضادات الحيوية, بينما يمكن معالجة الالتهابات الفطرية بالأدوية المضادة للفطريات, والفيروسية بالأدوية المضادة للفيروسات, مشددة على ضرورة استشارة الطبيب المتخصص للحصول على تشخيص دقيق وخطة علاج مناسبة.
وتتطرق إلى مواقع العدوى الشائعة مثل الجلد المكسور أو المتهيج والأظافر والأغشية المخاطية حول العينين والفم والأنف, مؤكدة أن الوقاية خير من العلاج, فمن الضروري عدم مشاركة الأفراد أدوات التجميل الشخصية والحفاظ على نظافة اليدين, وعلى مراكز التجميل تطهير الأدوات والأسطح بانتظام واستخدام العناصر التي تستخدم لمرة واحدة وضمان استخدام الموظفين القفازات والانتباه للنظافة العامة في أدق التفاصيل, وتنبه إلى أنه يجب إخبار موظفي التجميل إذا كان الزبون يعاني أي أمراض جلدية أو أمراض معدية.
أدوات التجميل بؤرة للعدوى
أما الأدوات التي يمكن أن تنقل العدوى فهي مبارد ومقلمات الأظافر والمقصات التي قد تأوي البكتيريا والفطريات, وشفرات الحلاقة والفرش وأدوات تطبيق المكياج والعناية بالبشرة, وكلها تعد بيئة خصبة لنمو الجراثيم والفطريات. وإذا لم يتم تعقيم هذه الأدوات بصورة صحيحة فإنها قد تنقل العدوى من شخص لآخر.
وتؤكد أهمية التعقيم الدوري للأدوات واستخدام المطهرات والمعقمات المناسبة, وتشجع على استخدام العناصر ذات الاستخدام الواحد والتنظيف الشامل للأدوات القابلة لإعادة الاستخدام. وتشدد على ضرورة الانتباه أثناء القيام بالأنشطة التجميلية ذات الأخطار العالية مثل العناية بالأظافر بسبب احتمال الجروح, وعلاجات الوجه بسبب احتمال تشقق الجلد, وإزالة الشعر بالشمع لما قد تسببه من جروح مفتوحة وتهيج للجلد, مشيرة إلى أن الوعي والممارسات الصحية يمكن أن يقللا بصورة كبيرة من أخطار العدوى. فهذه الأنشطة التي قد تسبب جروحاً صغيرة أو تهيجاً في الجلد تسهل دخول الميكروبات إلى الجسم.
طرق الوقاية والتعقيم
تقدم ليون بعض النصائح للحماية من العدوى في صالونات التجميل, مثل تجنب مشاركة الأدوات الشخصية قدر الإمكان, وغسل اليدين جيداً قبل وبعد زيارة الصالون, مع الحرص على اختيار مركز أو صالون يتميز بنظافة عالية ويستخدم أدوات معقمة. وتشير إلى ضرورة الإبلاغ عن أي مشكلة في نظافة المكان من دون أي تردد.
في الوقت نفسه تقول إن على مراكز وصالونات وعيادات التجميل تعقيم جميع الأدوات والأسطح بانتظام باستخدام المطهرات المناسبة, واستخدام العناصر ذات الاستخدام الواحد قدر الإمكان, وتدريب الموظفين على أهمية النظافة وسلامة العملاء.
وتسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى تبني معايير صحية صارمة في صناعة التجميل, ليس فقط لحماية العملاء ولكن أيضاً لضمان سلامة العاملين في هذا القطاع الحيوي. معتبرة أن التزام النظافة والتعقيم ليس مجرد مسؤولية أخلاقية, بل هو أيضاً استثمار في الصحة العامة والثقة بين العملاء ومقدمي الخدمات.
خطر تقليم الأظافر
في مقالة لمارك هينكز Mark Hinkes يتحدث فيها عن كتاب نشر عام 2011, لروبرت ت سبولدينغ بعنوان “الموت بالبيديكور, الأسرار القذرة لصالونات الأظافر” Death by Pedicure, the dirty secrets of nail salons يقدم نصائح مفيدة حول كيفية الحفاظ على صحة الأقدام حتى لا يتعرض الناس لأخطار غير ضرورية, بخاصة مرضى السكري الذين قد يعرضون أنفسهم عن غير قصد لخطر الإصابة بالعفن أو الخميرة أو الفطريات أو الالتهابات البكتيرية التي تؤدي إلى عواقب خطرة ومميتة في بعض الأحيان.
ويقول هينكز إن بعض أصحاب الصالونات يهتمون بشدة بتعقيم الأدوات وحمامات القدم التي يقدمونها كجزء من خدماتهم, لكن للأسف كثير منهم لا يفعلون ذلك. وبغض النظر عن مشكلة النظافة يمكن أن يعرض البيديكور قدميك للخطر, لأنه يزعج جسدياً “اللحمية” التي غالباً ما تكون بمثابة ختم وقائي حول الظفر. ويطرح عدداً من الأسئلة: هل الفنيون مدربون بصورة مناسبة على استخدام هذه الأدوات؟ وقادرون على تحديد عوامل الخطر التي قد يتعرض لها عملاؤهم مثل مرض السكري أو أمراض الأوعية الدموية الطرفية؟ وهل يقومون بتعديل رعايتهم لتتوافق مع هذا الخطر؟ وهل الأدوات التي يستخدمونها معقمة؟ وإذا تعرضت للجرح أثناء قيامك بقدميك, فهل تجعل نفسك عرضة للإصابة بمرض الأيدز, أو فيروس نقص المناعة البشرية, أو التهاب الكبد أثناء إجازتك القصيرة في المنتجع الصحي؟
ويقول إنه زار مدرسة للتجميل في ميامي حيث يتم تدريس خدمات العناية بالأقدام “لقد صدمت عندما علمت بتدني مستوى التعليم الذي تلقاه هؤلاء الطلاب في ما يتعلق بالقضايا الطبية أو الصحية المتعلقة بأقدام وأرجل عملائهم. كان التركيز على الجماليات كما قد يتوقع المرء, ولكن لم يكن لدى هؤلاء الطلاب سوى المعرفة الأكثر بدائية في ما يتعلق بمرض السكري, وأمراض الأوعية الدموية الطرفية والالتهابات ومفهوم تعقيم الأدوات المستخدمة على عملائهم”.
تقول اختصاصية التجميل رانيا فارس “قد تصاب الزبونة بحساسية أحياناً بسبب بعض الكريمات, وكذلك إذا كانت فرش تطبيق المكياج غير معقمة بعد كل استخدام. لكن الأصعب والأسوأ في تاريخ صالونات التجميل هي الفطريات, لأن الأدوات الحديدية تحفظ الميكروبات, لذلك نستخدم مبارد وأدوات خشبية كونها لا تنقل الميكروبات. أما المقصات الحديدية فهي تعقم بالكحول أولاً ولكنه يبقى غير كاف, لذا تدخل فرناً خاصاً بالتعقيم على درجة حرارة عالية بين الزبونة والأخرى. والبعض يقوم بالتعقيم بماكينات تعقيم ضوئية لكنها لا تجدي نفعاً ولا تقتل الميكروبات, ولا بد من تعقيم أحواض المانيكور والبيديكور”.
هكذا من المجدي دوماً اختيار صالون التجميل والتأكد من الأدوات المستخدمة. ويمكن بحال تقليم الأظافر جلب أدوات خاصة للاستخدام المنزلي أو حتى لدى المتخصصين, ومثلها أدوات المكياج. وفي حال الحقن لا بد من التأكد أن الحقن جديدة ولا تزال في علبتها, وتفتح أمام ناظريك, حتى تحمل رحلة التجميل في طياتها نتائج مُرضية وغير مرَضية.