بحال وقعت الحرب، سيسقط 300 ألف شهيد
صدى وادي التيم – لبنانيات /
البداية، سالت احدهم لماذا وصلنا الى هذا القعر بالسياسة، قال لي حرفيا، مع العلم ان غالبية الشعب اللبناني لا يمكنك ان تغريه بالمال الا انه في لبنان تحتاج الى 500 الف صوت فقط لتكرس نفسك زعيما، وعلى مساحة لبنان يوجد 128 نائب، يعني بحال رشحت مائة اسم وجمعت مائة مليون دولار، يمكنك بكل بساطة الحصول على 500 الف صوت اذا افترضنا ان ثمن الصوت 200$.
على كل حال هذا المقال ربما يكون الاخير لانه بحال اندلعت الحرب على لبنان سيتغير كليا، ويدري من يعيش، وسامحوني اذا شي يوم كنت قاسي بالكتابة لكن كما تعرفون انما احدثكم الحقيقة كما اعرفها، والحقيقة عارية منذ ان سرق الكذب ثوبها عندما نزلت الى البئر.
على حياة الرئيس رفيق الحريري، كان لبنان عاصمة الدبلوماسية والاستثمار المالي، حيث كانت رؤساء الدول تحج إلى لبنان لتقف طوابير طويلة على مدخل قصر قريطم الذي هو اليوم معروض للبيع، كما كل شيء للاسف معروض للبيع في لبنان. شركة الكهرباء التي انطفأ نورها ليتم بيعها، كما دُمّر المرفأ ليتم بيعه أيضًا، ولا ننسى القطاع المصرفي الذي نُهب وأفلس ليتم تضمينه أيضًا ببلاش. وهكذا كل شيء يتبدل في لبنان، حتى الشعب البديل أصبح جاهزًا. هناك أكثر من 2 مليون سوري يعرفون طرقات وشوارع لبنان وأراضيه الزراعية ويسيطرون على مؤسساته التجارية. اليد العاملة السورية متواجدة حتى في رغيف خبزنا ووجبات طعامنا، ويمكن في لحظة أن يصبحوا شعب لبنان، وربما سيحافظون على لبنان ألف مرة أفضل منا نحن الشعب اللبناني الذي دمرنا لبنان.
وما زلنا مختلفين على من أعطي مجد لبنان، هو يبقى لبنان وحينها نحصل جميعًا على المجد
في زمن رفيق الحريري، بحال نشوب الحرب، كان يجول الكرة الأرضية من أجل وقف هذه الحرب، ويتدخل جاك شيراك ويفرض على الإدارة الأمريكية والدول العربية أن تسعى جهدها للضغط من أجل وقف الحرب. اليوم بحال وقعت الحرب، من سيجول العالم؟ أي سياسي اليوم مستعد أن يدفع من جيبه أجرة تنقله؟ أصلًا غالبية الساسة ينتظرون معاشاتهم من هذه الدولة أو تلك. وأي دولة أو أي موظف من درجة عاشرة سيستقبل الشخصية اللبنانية للبحث في الحرب التي قد تصل لبنان.
واليوم أمين عام الأمم المتحدة قالها والجميع يقرأ ويعرف أنه بحال اندلعت حرب بين لبنان والعدو الإسرائيلي “أن لبنان سيصبح غزة أخرى”، مما يعني مئات الألوف من الشهداء في لبنان ولا أبالغ.
وأيضًا العدو الإسرائيلي سيدفع الثمن غاليًا بحال دخل الحرب ضد لبنان، لكن بالمقابل الكثير من الدول العربية سوف تزيد كميات المساعدات إلى جيش العدو كما ترسلها اليوم وهو يقتل الشعب الفلسطيني.
آن الأوان للشعب اللبناني، خاصة الشيعة، للنزول في التظاهرات من صغيرهم إلى كبيرهم، بعيدًا عن المعارك الدائرة بين حزب الله والعدو الإسرائيلي، لأن هذه المعارك لن تتوقف، لا اليوم ولا غدًا ولا بعد مائة سنة. طالما العدو الاسرائيلي له اطماع في الجنوب خاصة ولبنان عامة، طالما البندقية والصاروخ وحتى الطائرة ستكون بالمرصاد لصد أطماع العدو الإسرائيلي، فالجنوبي لن يترك السلاح حتى لو كل العالم طلب منه ذلك، لأن الجنوبي لن يقبل بأن يُؤسر ويُسجن ويُعتقل ويقتله الإسرائيلي كما فعل طوال أيام احتلاله للجنوب. لذلك يجب على السياديين تفهم هذا الأمر جيدًا أو أقله يسألون أنفسهم لماذا تخلوا عن الجنوب قبل أن يسألوا الشيعة لماذا يحملون السلاح.
يجب على الشيعة التظاهر حتى تحت القصف الإسرائيلي بحال اندلعت الحرب. يجب إيجاد حل للبنان، لا يعقل أن يكون الجنوب يُدمّر ويُقصف، وبعض الساسة يعطلون البلاد من أجل مصالحهم الشخصية للغاية. يجب التظاهر، إما أن يكون لبنان بلد الوحدة وخاصة في الازمات الكبرى، أو لطرح جديد، ومهما كان الثمن اليوم هو أقل بكثير مما سيجري غدًا.
أكرر، بحال اندلعت الحرب، البلد سيدمّر، وملايين الناس ستُشرّد، والذي يخبركم عكس ذلك يكذب عليكم. على الشعب تحمل مسؤولياته. أصلًا العدو الإسرائيلي لا يملك اي نوع من الاخلاقيات او الانسانيات لتردعه عن ارتكاب الجرائم، كما لا يملك قنابل صغيرة الحجم ليستخدمها، مما يعني أنه سيستخدم القنابل الكبيرة كالتي استخدمها في غزة.
ولا أحد يقنعكم أن حزب الله هو السبب بهذه الحرب، أبدًا، هذه كذبة كبيرة لا علاقة للحزب بالحرب. الحرب تم الإعداد لها منذ 2000 بعد رفض سورية مفاوضات شيبرزتاون عام 2000 واحتفاظ إسرائيل بالضفة الشرقية لهضبة الجولان، كما تم الإعداد للحرب على لبنان عام 2006 والتي فشلت فيها اسرائيل فانتقلت الى الحرب على سوريا عام 2011، ولكن انتصار سوريا أخّر الحرب على لبنان. هذه كل القصة. ونفس القوة التي خططت ومولت وجهزت ودربت وأرسلت للتدمير في سوريا هي نفسها خططت لتدمير لبنان اليوم.
والموارنة اليوم أمام امتحان وطني، إما يذهبون بعيدًا في الشعبوية وتنتهي قصة لبنان، خاصة منذ عام 2005 منذ وصول الجنرال عون إلى لبنان وقال جنبلاط إنه تسونامي، من وقتها ونحن نعيش الشعبوية. أنا معي سبعين بالمائة، لا أنت معك عشر نواب، وهكذا دخلنا في صراع الأرقام حتى ضاع لبنان.
وأصلًا من أخبر أن هذه الأرقام ثابتة؟ مع وصول عون حصل على ما يقارب 76% من الأصوات المسيحية وخلال عامين فقط هبطت شعبيته إلى النصف، وفي عام 2009 لولا أصوات الشيعة لربح الانتخابات فارس سعيد على التيار الوطني الحر في جبيل.
اليوم وصلنا إلى ما وصلنا إليه، ولا يفيد البكاء على الأطلال. هذا البلد لن يستمر حتى لو ذكر في الكتب المقدسة، فالكتب المقدسة أيضًا ذكرت حضارات انقرضت، ولن يكون لبنان مخالفًا للسنن الكونية بالختام. شعب مثل الشعب اللبناني منقسم إلى ألف فئة، و2000 طائفة ومليون حزب، كيف يستمر؟
ودعاة الفيدرالية يكذبون على أنفسهم وعلى أتباعهم بأن الفيدرالية تجلب الاستقرار. أصلًا كل منزل في لبنان هو مُفدرل، بل أصبح كل منزل هو وطن قائم مستقل بحد ذاته. فالمواطن اللبناني يستمد الكهرباء من الطاقة الشمسية والمياه من الآبار الجوفية والمواصلات يدفع أغلى ثمن عرفته البشرية، أما التعليم فهو أغلى من جامعات السوربون، والاستشفاء أصبح بالعطارة والأحجبة أو يدعو الله إما يشفيه أو يموت على فراشه لأنه سيموت على ابواب المستشفيات.
ينقص كل مواطن لبناني أن يصمم علمه ونشيده ودستوره الخاص به، ويطالب الأمم المتحدة أن تعترف به كيان مستقل.
وبعد أن أصبحت الأكثرية السياسية من السنافر الذين يعملون اليوم بالسياسة وعندما تسمع كلامهم يتبادر إلى ذهنك كلمات فيلمون وهبي: “سنفرله على السنفريال سنفر سنفر يا سنفور.” “وسركيس سركسيان”.
ولم يكن ينقص لبنان المنقسم إلا اللجنة الخماسية المنقسمة على نفسها أيضًا، حتى يزيد الانقسام انقسامًا وقسمة ومقسومين على بعض. فالاسم الذي يطرحه الفرنسي يعارضه الأمريكي، والذي يعرضه الأمريكي يرفضه القطري، والذي يزوره القطري والفرنسي لا يزوره الأمريكي والسعودي، والذي يزوره السعودي لا يزوره الأمريكي.
حتى أصبحت اللجنة الخماسية تحتاج إلى لجنة لحل مشاكل تقريب وجهات النظر فيما بينها.
في الختام الشرح طويل لكن هذا البلد غير قادر على الاستمرار بهذه الطبقة السياسية. لذلك يجب الاستفادة من قدرات لبنان السياسية ومن رعيل برع في إدارة الأزمات، وخاصة أن هذه الشخصيات هي شخصيات وطنية، وإن كان الشعب لا يحبها لأن الشعب اللبناني يبدو أنه يحب الذي يضحك عليه. ولكن في الأمور المصيرية لا ينفعنا غالبية المهرجين في السياسة والإعلام. ونحن اليوم أمام واقع صعب للغاية. لا نريد الوسيم لأن الجمال لا يطعم، ولا الغني الذي لم يتعلم العطاء، ولا البهلوان الذي يقفز من حبل إلى حبل مثل القرد.
وبعيدًا عن منصب الرئاسة، لكن بالفعل البلاد بحاجة إلى رجال دولة مثل فارس بويز الذي نجح بعمله الوطني في أصعب الظروف وأحلكها. هذا الرجل المتمرس والمخضرم في السياسة والذي اعترف الجميع بقدراته غير الطبيعية في حلحلة الأمور، وإيجاد الحلول، ورسم الاستراتيجيات.
نحن بحاجة إلى وزراء مثل عصام أبو جمرة الذي خرج من ست وزارات ونيابة رئاسة الحكومة مرتين وهو لا يملك إلا معاشه التقاعدي من الجيش، وسيارة ثمنها 2000$ وعفش منزل لم يتغير منذ السبعينات.
حتى مثل مصطفى بيرم هذا الوزير القادم من الطبقة الكادحة، والذي يرتدي بدلة رسمية من الأسعار الشعبية.
وأمثال فيصل كرامي الذي أوصاه والده كما أوصاه الشهيد رشيد كرامي، أن آل كرامي بأي منصب كانوا أو حتى خارج الدولة محرم عليهم أخذ مشروع واحد من الدولة أو التدخل أو التوسط لشركة أو حتى متعهد لتزفيت طريق، وأن كل أموال الدولة بأي طريقة أو تحت أي فكرة أو مسوغ ممنوع الاقتراب منها، آل كرامي يصرفون من جيوبهم بحال أرادوا القيام بعمل عام.
حتى وزراء القوات نحن بحاجة لامثالهم، والجميع يعرف ان الدكتور جعجع الذي اعترف الجميع بزعامته المسيحية انه في اللحظة المناسبة سيتخذ القرار مع ابناء بلده رغم اعتراضه او معارضته لبعض الامور، وما قاله الوزير سليمان فرنجية كان بقمة الصدق والشفافية، لكن بالختام جميعنا بمركب واحد، يتخذ قرار يتخذ قرار فيما يتعلق بتقريب وجهات النظر والتحالفات، وانا اول واحد اطالب فيه رئيسا للجمهورية بعد انتهاء رئاسة سليمان فرنجية، والوزير فرنجية كان صادقا بكل ما قاله، واليوم الجميع يعترف بان الدكتور جعجع الاكثر تمثيلا للمسيحيين.
يجب ان نمتلك الشجاعة والتضحية والتخلي عن الانا او اقله خلق معادلات جديدة للانتقال الى 2030 بعمل وطني جبار وكبير، يندمج فيه الجميع لان الوطن بحاجة الى الجميع، بعيدا عن كل هذه الصراعات السياسية، وكما اقتتالنا على السماء افقدنا الارض من تحت اقدامنا، كذلك صراعنا السياسي سيفقدنا لبنان.
والدكتور جعجع ركن اساسي وقد اثبت انه لا يتراجع ابدا، وعندما بدا باخراج النازحين السوريين بما يتطابق مع القانون اللبناني، اليوم تقريبا فرغت المناطق التي يتواجد فيها القوات من اي نازح سوري،
وهناك وزراء شرفاء كثر، وشخصيات اقتصادية وعلمية مختصة بمجال عملها تعمل وتطرح وجهات نظرها، يجب ايصالها الى السلطة والاستفادة من تجاربها وخبراتها، او علاقاتها والدولية، يجب خلط الاوراق، غالبية الطقم السياسي اليوم لا يمكن التعويل عليه خاصة انه دوليا اصبح مرفوض، وهو منفصل عن الواقع الشعبي، يعيش هاجس الصراع ولعبة الارقام، ويقاتل للبقاء في السلطة، لا يقاتل من اجل خدمة الوطن.
نحن اليوم نحتاج الى وزراء ونواب برتبة عمال للنهوض بالوطن، اما الوزراء والنواب برتبة الزعماء، لا الوطن ولا الشعب ولا حتى البنك الدولي قادر يلحق على مصروفهم وحاشيتهم ومرافقيهم.
يا شعب لبنان عليك بالتظاهر اذا اردت العيش وابعاد شبح الحرب، واذا الساسة لم يتفقوا فيما بينهم اذا لتكون هناك حكومة عسكرية تضم امثال هؤلاء الوزراء، لتنقذ ما يمكن انقاذه، قبل فوات الاوان.
يا شعب لبنان، لبنان بعد الحرب هذه لن يكون كما كان لبنان قبل الحرب.
والقرار لكم.
بقلم ناجي أمّهز