هل تصدر نتائج الحربيّة بقرار من الحكومة؟

صدى وادي التيم-لبنانيات/

 تقدّم عدد من طلاب الحربية بدعوى أمام مجلس شورى الدولة مطالبين بقرار يحسم ويؤكّد أحقيّتهم بالالتحاق بالكلية… وزير الدفاع يتّهم قيادة الجيش بتسريب الأسماء لبعض الناجحين والإيعاز لهم بالتقدّم بدعاوى، وقيادة الجيش تنفي الأمر بشكل قاطع.ككرة الثلج يَكبر الخلاف بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزف حول مصير طلّاب الكلّيّة الحربية مع رفض الأخير طلب الوزير فتح الباب أمام دفعة ثانية للدخول إلى الحربية “لتوفير العدد المطلوب والنوعية العسكرية المطلوبة”. فقد عَلِم “أساس” أنّ عدداً من هؤلاء تقدّموا بدعاوى أمام “مجلس شورى الدولة”.

أكثر من ذلك، وفق معلومات “أساس” يتمّ التداول في الكواليس باحتمال إصدار قرار في مجلس الوزراء بقبول الناجحين في امتحانات الكلّية الحربية التي يرفض الطرفان التراجع عن موقفيهما إزاءها.

في حال حصل ذلك، فسيشكّل استعادةً لمشهد إصدار مجلس الوزراء قراراً بتعيين رئيس الأركان حسّان عودة وترقيته إلى رتبة لواء بعدما اعتبرت الحكومة أنّ وزير الدفاع لا يقوم بمهامّه برفع اقتراحات بالأسماء إلى مجلس الوزراء والتوقيع على مرسوم التعيين.

كما سيتّكئ مجلس الوزراء في قراره المفترض بإصدار النتائج إلى رأي مجلس الشورى الثاني الذي أصدره بطلب من مجلس الوزراء (في القرار الأوّل أصدر “الشورى” لا قرار).

اعتبر “الشورى” في قراره الثاني أنّ سلطة وزير الدفاع بإعلان النتائج هي سلطة مقيّدة، وقراره يقتصر على إعلان النتيجة التي وافق عليها المجلس العسكري، وهي ليست مصادقة على النتائج إنّما نشر لها، وأنّ الطبيعة الإعلانية لهذا القرار لا تنفي وجوب إصداره، ولا تسمح بالالتفاف على قواعد الصلاحية التي نصّ عليها المشرّع. كما أكّد “الشورى” أنّ “ما عبّر عنه وزير الدفاع من أسباب لرفضه إعلان النتائج لا يعفيه من الموجب المُلقى على عاتقه بإعلان النتائج”.

قيادة الجيش: لا تراجع

من جهة قيادة الجيش علم “أساس” أنّ قائد الجيش يتمسّك برفضه فتح باب التطوّع عبر دفعة جديدة، مسلّماً بأنّ “الـ 118 طالباً نجحوا بجدارتهم وكفاءتهم بعد استيفائهم الشروط المطلوبة. وقد حصلت المراسلات القانونية المطلوبة مع وزارة الدفاع وصولاً إلى موافقة المجلس العسكري على اقتراح قائد الجيش القاضي بقبول الناجحين في مباراة الدخول إلى الكلّية الحربية بصفة تلميذ ضابط، ثمّ إرسال قيادة الجيش كتاباً إلى وزارة الدفاع تضمّن لائحة اسمية بتعيين الناجحين بناءً على اقتراح قائد الجيش وموافقة المجلس العسكري. وكان عدد الذين فازوا بالتصنيف ولم يحصلوا على أيّ علامة لاغية فقط 118، مع المحافظة على التوازن الطائفي، فيما لم تلجأ القيادة إلى خفض المعدّل لإكمال العدد”.

الرواية الكاملة أمام لجنة الدّفاع

تسنّى لوزير الدفاع في جلسة لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات في الخامس من حزيران الجاري سرد كلّ التفاصيل المرتبطة بتأخّر إعلان نتائج “دورة الحربية”، فيما أجمَعَ النواب المشاركون في الجلسة على ضرورة الاجتماع بقائد الجيش “لإيجاد الحلول القانونية”.

في المعلومات أنّ وزير الدفاع كرّر أمام النواب الموانع القانونية التي تحول دون إعلان النتائج مفنّداً المراحل التي مرّ بها الملفّ. فقد أكّد سليم بداية “طلبه منذ عام 2022 إجراء دورة تطويع ضبّاط لمصلحة كلّ الأجهزة الأمنيّة، ويومها واجهته وزارة المالية بنقص الاعتمادات وعدم توافر المال، وهي حجّة لم أقتنع بها. ثمّ أعاد الكرّة في شباط 2023 إلى أن اتّخذ مجلس الوزراء قراره في 17 آب من العام نفسه بالموافقة على التطويع”، مؤكّداً أنّه “مع ذلك أُجريت المباراة من دون أخذ توقيع وزير الدفاع عليها خلافاً للقانون. وكي لا أبرز كطرف مُعرقِل تخطّيت هذه الثغرة القانونية وطالبت قائد الجيش باستقبال طلبات “دفعة ثانية” من الدورة نفسها لأحصّن الدورة التي لم تؤمّن العدد المطلوب للتطويع (118 من أصل 173)، ولم تأتِ بعض نتائجها مطابقة للمواصفات المفترض أن تتوافر في تلاميذ الحربية باعتراف قائد الجيش نفسه”، كما قال الوزير سليم.

صدفة عسكريّة!

انطلق وزير الدفاع من معادلة: “ما يُبنى على باطل هو باطل”. فقد ردّد أمام النواب بأنّ قائد الجيش تخطّاه حين أجرى المباراة من دون توقيعه، ثمّ حين رفع الأخير لائحة الناجحين الـ 118 طالبه بفتح الباب أمام دفعة ثانية لاستكمال العدد وتحقيق الكفاءة المطلوبة في ضبّاط يفترض أن يقوموا بخدمة عسكرية بين 30 و40 سنة، إذ لا يمكن الاستهانة بهذا الأمر، لكنّ قائد الجيش رفض”.

في حين يرى قائد الجيش أنّ الدفعة الثانية تحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء ولن تتوافر فيها المواصفات المطلوبة في الضبّاط ولا العدد، أكّد سليم أمام نواب لجنة الدفاع أن “لا حاجة إلى قرار جديد من مجلس الوزراء، إذ إنّ قرار مجلس الوزراء في شأن التطويع الصادر في آب 2023 لم يُنفّذ أصلاً بعد لأنّ الدفعة الأولى لم تكن كافية ويمكن الركون إلى دفعة ثانية، فيما يُصبح قرار مجلس الوزراء نافذاً فقط حين يوقّع وزير الدفاع على اللائحة النهائية للناجحين بالمباراة، وهو ما لم يحصل حتى الآن”.

من قبيل الصدفة السياسية ذَكَر سليم أمام النواب ما سبق أن رواه لقائد الجيش: “فقبل 52 عاماً فَتَحت قيادة الجيش الباب أمام دفعة ثانية للالتحاق بالكلّيّة الحربية بعدما لم يتأهّل العدد الكافي والمطابق للمواصفات في الدفعة الأولى. وللصدف كنت من ضمن الدفعة الثانية التي شكّل الناجحون فيها ثلثي عدد دورة الحربية، فيما بلغ عدد الناجحين في الدورتين 118، وتخرّجنا في 1 آب 1975، وكنّا آخر دورات الجيش قبل الحرب الأهلية ومن الأكثر انضباطاً ومناقبية وإنتاجية. وللصدف أيضاً أمين سرّ لجنة الامتحانات للدخول إلى الحربية كان يومها الملازم المدرّب جميل السيد الموجود معنا في القاعة”.

دعاوى أمام الشّورى

روى سليم هذه الواقعة ليؤكّد أنّ “الدفعة الثانية ترفع العدد وتَضمن نجاح متطوّعين يستحقّون أن يكونوا ضبّاطاً يخدمون في السلك لعشرات السنوات”، متسائلاً: “هل صعب فعلاً أن نكمّل العدد المطلوب في كلّ الأجهزة الأمنيّة مع العلم أنّ الناجحين في الدفعة الأولى لمصلحة الجيش هم 73 فقط”، وأكّد أنّه “لو قَبِل قائد الجيش معي بالدفعة الثانية حين اقترحت عليه ذلك لكان الأمر انتهى وأُصدِرت النتائج النهائية”.

في ما يتعلّق بالشكاوى أمام مجلس الشورى يقول مصدر نيابي في لجنة الدفاع: “بعد تنفيذ طلّاب الحربية اعتصاماً أمام السراي، ثمّة من أوعز إلى البعض منهم بالتقدّم بمراجعة أمام الشورى. وهذا يعني أنّ هناك من أبلغهم بأنّهم من الناجحين وهذا أمر لا يجوز”، فيما يرى وزير الدفاع أن “لا قيمة قانونية لهذه الدعاوى، إذ لا قيمة قانونية للنتائج ما لم يمهرها وزير الدفاع بتوقيعه، وإلّا يكُن هناك تجاوز للصلاحيّات من قبل قيادة الجيش”.

كما طمأن الوزير سليم سائليه إلى أن لا ضرر “على التلاميذ الناجحين، فعلى الرغم من التأخير الحاصل لا يزال هناك وقت، والجميع سيتخرّج في 1 آب بعد ثلاث سنوات”، مؤكّداً أنّه “إذا لم تتمّ الدعوة لدفعة ثانية فستُلغى الدورة كلّها لأنّها باطلة، وما أفعله هو مكسب لمصلحة الجيش ودفاع عن صلاحيّات رأس المؤسّسات في وزارة الدفاع”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!