قطاع المطاعم يعيد ١٠ آلاف لبناني من الخارج

صدى وادي التيم-لبنانيات/

في بلد انتهت به قساوة تجاربه إلى أن يعيش ناسه كما أكثر قطاعاته «كل يوم بيومه»، تجرأ قطاع أن يعاكس التيار ويتحدى ويغامر ويربح! إنه قطاع المطاعم في لبنان الذي لم يسلم من عواصف مدمرة باغتته أحيانا في عز الصيف (تفجير المرفأ في 4 آب وتضرر 1189 مؤسسة مطعمية)، بدءا من الأزمة الاقتصادية في العام 2019 والتي شكلت في البداية صاعق تفجير احتجاجات 17 أكتوبر غير المسبوقة بتاريخ البلاد، مرورا بأزمة كورونا، ثم انفجار مرفأ بيروت في أغسطس من العام 2020، وصولا إلى انهيار مؤسسات الدولة وتعثر القطاع المصرفي واحتجاز أموال المودعين، وانتهاء بجبهة إسناد غزة من الجنوب، وتحولها حربا مصغرة هاجس الهواجس فيها تمددها إلى حرب كبرى.

كل هذا جرى ويجري وقطاع مطعمي يدير الأزمات، الواحدة تلو الأخرى، ويصمد ويتعافى وصولا حتى إلى تكريس نفسه طليعيا للقطاعات الإنتاجية التي ترفد البلد بالأوكسيجين، وتشكل رافعة الدورة الاقتصادية فيه.

وإذا كانت مفاجأة صيف 2023 هي افتتاح 300 مؤسسة مطعمية (تشمل المطعم والملهى والمقهى والباتسيري والسناك)، انضمت إلى المؤسسات القائمة والتي كان أقفل نصفها بعد أزمة 2019 الاقتصادية فأضحى عددها في مارس 2022 ما يقارب 4300 مؤسسة، فإن مفاجأة المفاجآت مع انطلاق موسم الصيف في لبنان هي افتتاح 50 مؤسسة مطعمية جديدة من فئة النخبة تجمع الابتكار والجودة والنوعية، واستعداد مطاعم أخرى للانطلاق، مع تسجيل مفارقة هذا العام هي التركيز على مطاعم «الروف توب» (تراس على السطح) التي هي على وشك الافتتاح في الواجهة البحرية لبيروت وفي مناطق أخرى.

والسؤال البديهي هنا: كيف ذلك وحرب فعلية تدور رحاها على وقع تهديدات إسرائيلية شبه يومية بإحراق لبنان؟

يقول نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتسيري في لبنان خالد نزهة في حديث لـ «الأنباء» إن «ما حدث في صيف العام الفائت من تدفق للبنانيين من المنطقة العربية وأفريقيا وحضور سياح من العراق ومصر والأردن ومن بلدان أوروبية كان بعض رعاياها يزورون لبنان للمرة الأولى، صنعا مشهدا رائعا وشكلا دافعا مهما لأصحاب المؤسسات والمستثمرين في قطاع المطاعم لافتتاح مؤسسات جديدة. ونحن كنقابة نواكب المؤسسات المطعمية في كل المناطق ليكون الأداء رائعا جدا من لقمة طيبة وطريقة تقديم وسلامة غذاء واستقبال».

وبحسب نزهة، فإن «قطاع المطاعم استطاع إعادة أكثر من 10 آلاف لبناني تركوا لبنان بعد أزمة العام 2019، وهم أصحاب المهن المطعمية الذين غادروا إلى دول عربية»، مؤكدا أن «الهدف هو المحافظة عليهم وزيادة العدد».

وبحسب نزهة، فإن «قطاع المطاعم استطاع إعادة أكثر من 10 آلاف لبناني تركوا لبنان بعد أزمة العام 2019، وهم أصحاب المهن المطعمية الذين غادروا إلى دول عربية»، مؤكدا أن «الهدف هو المحافظة عليهم وزيادة العدد».

وقلق اللبنانيين في الخارج ولاسيما أرباب العائلات، من المجيء إلى لبنان هذا الصيف في ظل حرب غزة وجبهة الجنوب، أمر لا ينفيه كثيرون. ويقول نزهة: «بعض اللبنانيين من المغتربين يحجزون في آخر دقيقة ويأتون، لكن ما سيغير المشهد برمته هو وقف الحرب، لأنه في هذه الحال سيسجل القطاع المطعمي عامة أرقاما هامة جدا، علما أنه أكبر قطاع مستثمر ومشغل للبنانيين، وأكثر قطاع مستهلك للإنتاج الوطني اللبناني من صناعات غذائية وخضار وفاكهة وزيت زيتون».

واقع بلا شك دقيق في بلد ربما امتهن الرقص على حافة الهاوية، إلا أن مشهد الصيف المتوقع فيه يظل كالتالي: مطار مزدحم بالمغتربين الوافدين على جري عادتهم لقضاء كامل الصيف أو جزء منه. مطاعم وأماكن سهر تفيض بالرواد حتى استحالة العثور على كرسي فارغة، ونشرات إخبارية محلية مستهلة بحدث انتخاب ملكة جمال جديدة للبنان «طلعت من الحكاية قمر الزمان»، وبتقارير سياحية عن زحمة الحفلات والمناسبات ولبنان «القطعة سما» والذي نحبه بجنونه وكيفما كان.

وبعد، سيمضي الصيف وسيمضي في نهايته مغتربوه الذين لولاهم لما كانت قيامة للبلد بعد كل سقوط، وسيبقى الأبناء المقيمون المرددون بقناعة «من هون ما منفل».

المصدر: بولين فاضل – الأنباء الكويتية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!