سيناريو جديد يحكم مشهد الحرب في المنطقة

صدى وادي التيم-لبنانيات/

تتقاسم الجبهة المحلية أحداث وتطورات متناقضة بين التهديد الاسرائيلي المتصاعد بضربة وشيكة تزلزل لبنان وتسحق ما تبقى من بنيته التحتية المهترئة في ظل تآكل مؤسساته وتصارع مسؤوليه ونهمهم الى السلطة من جهة، والنزوح السوري المهدد لكيانه بالتغيير الديمغرافي حتى الزوال من جهة اخرى، وبين استبعاد الحرب الشاملة لأسباب تبقى خارجة عن ارادة الاطراف الداخلية، وسط مفاوضات ومساعٍ لكبح جنوحها نحو التوسع، مع عودة وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن إلى المنطقة كمؤشر لاستمرار الادارة الاميركية في قراراها الاستراتيجي بضبط الاعمال الحربية القائمة لادراكها ان حرب غزة تظل حرباً فلسطينية – إسرائيلية ضمن النطاق الفلسطيني رغم انشغال العالم سياسيا واعلاميا بها، ولكن الحرب بين إسرائيل وحزب الله ستتحول إلى حرب إقليمية تتجاوز ميدانها اللبناني الإسرائيلي ولا يمكن ضبط اتساعها العسكري مع ما يعنيه ذلك من فوضى عسكرية عارمة تجرّ المنطقة ومعها العالم بأكلمه الى هلاك كبير تطال تداعياته أمن ومصالح دول عظمى.

إلا ان اشتعال جبهة لبنان مع اسرائيل يُظهر ان المواجهات العسكرية اتّخذت منحى الحرب الفعلية وقد حوّلت الانظار اليها كنقطة ساخنة، وللمفارقة ان المواجهات العسكرية العنيفة الدائرة هناك، تجري تحت سقف احترام رغبة عدم توسعها، فما يجري تحديدا برأي خبراء عسكريين هو ضبط موازين القوة بين طرفي النزاع انما وفق معادلات لا تخرج عن السيطرة فكما لحزب الله اهدافه بإبراز قوة الردع لديه وتحذير نتنياهو من مغبة “طيش” او جنون عسكري، فإن هذه الحرب بالنسبة لاسرائيل لم تعد ثانوية، وبات تهديد الحزب بعتاده وترسانته العسكرية يشكل قلقا ترتفع معه اصوات المتطرفين في السلطة ومعه اغلبية الرأي العام الذي ينادي بالقضاء عليه.

ولعل أبرز التطورات التي تستدعي التوقف عندها والنظر اليها كتحوّل اساسي في ساحة المعركة هو اطلاق حزب الله زخات الصواريخ الثقيلة باتجاه مواقع عسكرية وابنية شمال اسرائيل، وكذلك توجيه عشرات المسيرات ضد اهداف مختلفة حتى ان عمق المستوطنات ومنها نهاريا التي لم تعد بمأمن عنها، كما ان اسقاط حزب الله مسيرة هرمز 900 بواسطة صاروخ ارض – جو يعني تقييد حركة التفوق الجوي في اجواء لبنان، وفتح المجال امام تحديات مستقبلية تواجهها اسرائيل منها فقدانها عنصر المبادرة الى الحرب مع تحوّل جبهتها الشمالية الى ساحة كر وفر ورد مضاد على صواريخ حزب الله.

وبعد استقالة غانتس وآيزنكوت من مجلس الكابينت الاسرائيلي يفتقد نتنياهو لعامل الوقت والمناورة في إطالة أمد الحرب، وسيكون عليه الحسم في ظل انعدام التأثير المعتدل مع خروجهما، والواضح انه وحتى هذه اللحظة لا تريد إدارة بايدن شنّ حرب واسعة على لبنان وما تريده هو أن تمهّد المواجهات الحامية على الجبهة لإبرام تسوية الحدود البرية بين اسرائيل ولبنان برعاية هوكشتاين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى