تاريخ التلفريك في لبنان بقلم نادين صموئيل

صدى وادي التيم-لبنانيات/

وصلت فكرة التلفريك إلى لبنان، منذ عشرات السنوات بفضل عائلة بولس وفارس، بالتعاون مع جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، والمهندس فوزي زريق وغيرهم، وكان الهدف الأساس من تنفيذه جعل مزار حريصا قبلة للحج بوسيلة مبتكرة، مع توفير السلام الداخلي والروحي العميق لهذه الزيارة، من خلال مشاهد طبيعية ربّانية يصعب وصفها إلاّ بإحساس عميق .
ومع هذه التجربة الممتعة والمشوقة الساحرة، أصبح التلفريك من أجمل معالم جبل لبنان، ومن أجمل الأماكن السياحية على الإطلاق، بخاصةٍ بحضور السيّاح الأجانب والعرب، في كل الفصول والظروف من دون تردد
سنة 1964 وبعد أخذ الإمتياز في عهد الرئيس فؤاد شهاب، بدأ تنفيذ بناء التلفريك مع الشركة الألمانية، التي ابتكرت فكرة التلفريك منذ حوالى الثلاثمائة سنة، وتمّ استيراد المعدات الصلبة من أوروبا، لا سيما إلمانية، وكان التحدي بكيفية تركيب التلفريك على جبل حريصا، بحيث الطرقات في حينها صغيرة وضيّقة، لا وجود للتقنيات المتقدمة، والمعدات اللوجستية المتطورة.

جوزاف بولس والشيخ زايد ووزير النقل والاشغال العامة عثمان الدنا ١٩٦٥

منذ تأريخ إنشاء التلفريك قبل 58 سنة، حتى اليوم، نقل التلفريك ما يقارب ال 12 مليون زائر، فقد أصبح معلماً مهماً يقصده السيَاح من كافة أنحاء العالم.
كثيرون يعتقدون أن التلفريك مؤسسة عامة، لكن في الحقيقة التلفريك شركة خاصة قانونياً، ذو منفعة عامة، مما يعني لديها إشراف من الدولة وتفرض بنود الإمتياز، أن يكون لديها علاقة مع دائرة الإمتيازات المتواجدة حالياً في وزارة الطاقة .
لدى مؤسسة التلفريك شركة هندسية محلية (او-س-أم) عنوانها بلدة جبيل، يمثلها المهندس أمين معوّض، وهي تشرف على صيانة المشروع، وتؤمن الخدمات المطلوبة.
وقد يأتي في كل سنة، خبراء صيانة من أوروبا، للإشراف على الكابلات والحجيرات والمعدات رافعين بعدها تقريراً يسلّم إلى مجلس الإدارة، ويتمّ إرسال نسخة إلى مديرية الإمتيازات في وزارة الطاقة.
يشهد التلفريك على زمن لبنان الجميل، وتخلّد حجيراته زيارات من نجوم السينما اللبنانية والعربية و فنانين أدباء شعراء ورسامين، وقد صنعت العديد من أفلام السينما في حرم التلفريك، إضافة الى زيارات قام بها كثيرون من رموز المجتمع العربي والأجنبي، من قادة ورؤساء لدول عديدة، نذكر منهم الشيخ زايد، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي وضع دبي على الخارطة العالمية، عندما زار الشيخ زايد لبنان، وشاهد التلفريك، إنبهر بالفكرة وعاد من لبنان مسجلاً إعجابه بالتلفريك قائلاً: “اللبنانيون مجانين، ها هم يصنعون قطاراً في الهواء”.
يقصد الجيش اللبناني التلفريك بكل فخر، وتقيم فرقة المغاوير عروضاً خاصةً، ولذلك لا يزال العلم اللبناني ملصقاً على الحجيرات وسيظل ملصقاً ، التلفريك ليس تلفريك جونية فحسب بل تلفريك كل لبنان ولديه إنتشار لبناني وسياحي واسع.
في 28 كانون الأول 2023، كان التلفرك على موعد مفاجىء مع حادث، مع العلم أنه الحادث الوحيد الذي يستحق الذكر بعد خمسة وستين سنة من تأسيسه، فهو لم يشهد منذ ذلك الحين أي حادث خطير يذكر.
وقد وقعت عدّة حوادث تلفريك أو مصاعد تزلج كهربائية، في السنوات الخمسين الأخيرة في أوروبا، على غرار الحادث الذي أدّى إلى مقتل أربعة عشرة شخصاً، وإصابة شخص بجروح خطرة، في ستريزا في شمال إيطاليا، إثر تحطم مقصورة التلفريك.
وإزاء ذلك سارعت مؤسسة التلفريك، لإطلاع الرأي العام، على كل الأوراق التي تثبت صحة العمل في الشركة، والصيانة الدورية، وقامت بالإجابة على كل الأسئلة المطروحة، وكلّ الإشاعات قاطعةً الشك باليقين، بتقديم الوثائق بأسماء كل الشركات الموثوقة المرتبط اسمها باسم التلفريك.
وقد صدر في وقتها بيان توضيحي عن الشركة
توضح فيه بأنّ أجهزتها دوماً ودوريّاً موضوع كشف ومراقبة فنيّة من قبل شركة عالمية معروفة – هي شركة “BUREAU VERITAS-HALEC” الفرنسية – وبشكل محلّي ومتواصل من قبل الشركة الاستشارية اللبنانية المعروفة “ECM”،

واليوم عاد تلفريك جونيه، إلى العمل من جديد، وذلك بعد عمليات التصليح والصيانة التي جرت بإشراف شركة “بروفريتاس Buroveritas
وفي ظل موافقة الحكومة اللبنانية على طلب وزارة الطاقة والمياه الوصية على التلفريك، بإعادة تشغيله، عاد هذا المرفق السياحي
وفتح أبوابه من جديد، مزاولاً نشاطه المعتاد، لاستقبال المواطنين والريّاد، وعلى الرغم من الخلاف الحاصل بين وزيري الطاقة والسياحة حول الوصاية على إدارة التلفريك، والذي لم تأخذ الحكومة اللبنانية بعد، أي إجراء في شأنه، مع العلم أن لجنة الأشغال العامّة النيابية، كانت قد أصدرت توصية بنقل هذا المرفق السياحي إلى صلاحيات وزارة السياحة
عادت من جديد مقصورات تلفريك جونيه، لتقدّم للزوار رحلة مميزة وآمنة، وتستقبل الزوار من لبنان، ومن الخارج إلى هذا المرفق السياحي، لقضاء أجمل الأوقات وبخاصةٍ في فترة الأعياد وحلول شهر نوّار، الشهر المريمي المبارك وقدوم فصل الصيف.

وبذلك تكون الدعوة موجهة لجميع اللبنانيين والسيّاح العرب والأجانب، لزيارة لبنان، قاصدين التلفريك والاستمتاع بمختلف النشاطات الترفيهية والسياحية والرياضية بأسلوب مدهش وساحر

المصدر: جريدة الشرق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى